قوقعة.. لا تلق عليّ تحية الصباح
في تآمر؛ تواصل شرودها، لو حاولت تحويل كل الأفكار المتداخلة في رأسها لرسمٍ تُرى ماذا سيكون الناتج؟ ربما بقعة سوداء تتخللها ظلال معتمة، هكذا إذن الحياة، بالطبع ماذا ستكون غير ذلك؛ لماذا لم يجب الجالس إلى جوارها في الحافلة على هاتفه؟
في البدء، كان استنتاجها الحكمي سريعًا، لا يمكنه المرور ولو قليلًا للنظر خلفه نحو علاقات وذكريات ضبابية مشوشة، مر العام تلو الآخر، لكنها لم تدرك أن سيقان السعي لم تغادر السقطة الأولى.
هذا هو يومها الثالث مع الاكتئاب الصباحي، لذا يتجنب من يصادفها إلقاء التحية، ربما لصفعت أحدهم إن حاول التلفظ باسمها فقط، نجحت تواشيح نصر الدين طوبار في تهدئتها قليلًا.
المنزل الجديد حجبت أدواره قبة المسجد المجاور لبيتها، مرت أعوام من صحبتها مع الطير، حركات دورانية قبل السكون أعلى المئذنة وقت الغروب فيستقر الجمع صفوف متراصة، وقبل دقائق من الأذان ينطلق كل طير في طريقه، روتين مبهج، لكن تلك الأحجار الأسمنتية غيبت رباطًا روحيًا اعتادت عليه، أصابها حزن متهدل بعدما علمت أن جارتها الجديدة وطفلتها ستنتقلان لبيت آخر، ربما شعرت بالغبطة حينما أخبرتها المرأة أنها ستعود لزوجها مرة أخرى، أصبحت الشرفة ملاذًا آخر الكآبة.