دفاعاً عن حلم «العاصمة الإدارية» و«العلمين الجديدة»!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

السبب الحقيقى لبناء العاصمة الإدارية لم يعلن حتى الآن وقد لا يعلن أبداً.. قد نقرأه بعد سنوات طويلة فى المذكرات وذكريات القادة والساسة وهو سبب مقنع ووجيه وذكى لكنه ورغم ذلك ودون أن يعرفه الناس سيظل مشروع العاصمة كبيراً، وحلماً حقيقياً تأخر كثيراً ونادى به أغلب من يهاجمونه الآن والحجج حقيقية وصحيحة من ضرورة تفريغ العاصمة قبل انفجارها بالسكان والتلوث والزحام والبنية التحتية.. وضرورة بناء عاصمة على أسس عصرية حديثة.. مع ضرورة الخروج من الوادى والدلتا.. وأنه لا يصح أن يبقى المصريون أسرى لـ7% من مساحة بلدهم.. وغيرها من الأسباب والمبررات، فضلاً عن الحاجة لمشروع عملاق يلتف الناس حوله.. ينجزونه ويجدون فى تفاصيله فرصاً للعمل تفتح بيوت الشباب وتمنحهم الأمل.

وهناك، بجوار العاصمة الثانية لمصر، عروس المتوسط، كانت «العلمين الجديدة» بجوار الإسكندرية القديمة.. وعلى أحدث أدوات ووسائل التخطيط العمرانى يتم تجديد شباب ساحل المتوسط بمدينة كبيرة جديدة بعد آخر ما بنى على المتوسط فى الستينات من شاطئ المعمورة ومصيف جمصة!

السؤال المباشر: كيف يتم السماح بتشويه مشروعات هى من صميم أحلام المصريين؟ كيف يمكن القبول بتصوير هذه الأحلام التاريخية على كونها ليست إلا منتجعات للكبار والأثرياء؟! كيف يكون الصمت ويكون السكوت، الذى هو علامة الرضا عند الكثيرين، والناس ترى متر الوحدات السكنية بـ11 ألف جنيه؟ وتصوير الأمر أن هذا هو وحده الموجود فى العاصمة الجديدة ومثله فقط الموجود فى «العلمين» الجديدة أيضاً؟! صحيح من حق الشركات الخاصة أن تعلن عن مشاريعها لتسويقها، لكن أيضاً من حق الدولة أن تدافع عن مشاريعها وأن تظهرها على حقيقتها باعتبارها أحلاماً كبيرة لكل المصريين وأنها ليست منتجعات لأى فئة أو طبقة وإنما كلا المشروعين لكل الشعب بطبقاته وفئاته وأبنائه!

هل يعنى ذلك وقف إعلانات الشركات الخاصة؟ لو نتيجته الوحيدة هو ما ذكرناه فالمصلحة العليا أهم من الجميع، لكن لماذا أوقفه إن كانت هناك حلول أخرى؟ وهى ببساطة الإعلان عن إسكان باقى الفئات فى المدينتين، وهو يبلغ وحده فى العاصمة 470 ألف وحدة سكنية! أى نصف مليون وحدة تقريباً لن يعيش فيها أقل من مليونى مواطن!

أما فى «العلمين الجديدة» فالمدينة كلها تقريباً للفئات المتوسطة وفوق المتوسطة وتحت المتوسطة عدا المنطقة السياحية التى لا تزيد على 300 فدان من بين 50 ألف فدان! أى إن الصورة عنها الآن معكوسة!!

الأرقام عن المدينتين مدهشة.. وهذه الأرقام وحدها جعلت من انتظار الحلم متعة.. فعندها يعرف المصريون والعالم أن عاصمتهم الجديدة تعادل دولة مثل سنغافورة، وبحجم باريس عاصمة النور 7 مرات، وقدر واشنطن العاصمة الأمريكية 4 مرات، كما أن منطقة الوزارات الحكومية تعادل 3 مرات مساحة حى السفارات فى برلين، ومرتين مساحة منطقة السفارات بباريس، ومطارها يقترب من مساحة مطار هيثرو مرة ونصف تقريباً، ومنطقة العلوم بها تعادل مرتين ونصف مساحة ميدان «كيندال» فى مدينة بوسطن الأمريكية و1٫3 مرة مساحة مركز سياتيل، وحديقتها أكثر من ضعف نظيرتها بنيويورك، فضلاً عن نهر من الخضرة بطول 35 كيلومتراً!

أما العلمين فعلى لسان رئيس الوزراء، وزير الإسكان نفسه، ستكون على مساحة 49 ألف فدان تقريباً لتستوعب 3 ملايين نسمة.

تحتوى المدينة على كورنيش عالمى بطول الشاطئ سيصل إلى 14 كيلومتراً يعادل كورنيش الإسكندرية، وتبلغ مساحة الفنادق بالمدينة 296 فداناً.. تضم المدينة مركزاً طبياً عالمياً بمساحة 44 فداناً، ويوجد بالمدينة مركز مؤتمرات عالمى كبير مجهز لاستقبال المؤتمرات الدولية، والعين على جذب المؤتمرات الأوروبية باعتبارها الأقرب، وستضم المدينة من 20 إلى 25 ألف غرفة فندقية على مساحة 7770 فداناً على ساحل المدينة، و14 حياً سكنياً متعدد المستويات، فضلاً عن مناطق صناعية ولوجيستية وترفيهية، وهذه المشروعات ستوفر فرص عمل كبيرة حتى للراغبين فى الانتقال والإقامة هناك للطبقات المتوسطة وما دونها، لكن نتوقف عند قوله «14 حياً سكنياً متعدد المستويات»، ويجب أن يعرف الناس أن هناك إسكاناً اجتماعياً بمساحات 87 متراً، وأن الأسعار فى حدود 170 ألفاً بالتقسيط، أى ليس فقط فيها ولا فى العاصمة يصل المتر إلى 11 ألفاً ولا يوجد غير ذلك!

عروض مختلف فئات الشعب يجب أن تطرح فوراً عليهم بالشروط الموجودة مسبقاً ونتوقع الإقبال الذى حدث مع العروض الخاصة بالفيلات والشقق مرتفعة الثمن، وكلما زاد الإقبال كلما ارتفع عائد الشركات المنفذة، وهذا بدوره سيسهم فى إتمام مشروعات مختلف فئات الشعب، كما سيسهم فى إتمام مشروعات الأثرياء، وكذلك لا بد من ذكاء وكفاءة الإعلان عنها..

وليست هناك مشكلة من طرح المشروعات قبل أوانها، وهذا يحدث فى المشروعات السكنية والساحلية الخاصة، وهو ما اعتاد عليه المصريون، لكن إن لم تكن المشروعات جاهزة على الإطلاق، وهو ما لا نعتقد فيه، فيجب تكثيف جرعة إذاعة الأفلام التسجيلية الخاصة بمشروعات إسكان مختلف فئات الشعب المصرى وطبقته المتوسطة والأقل من المتوسطة، والأفلام عنها كثيرة جداً شرط تقدير الإعلام الوطنى للأمر.. ولا يمنع ذلك من زيارات للمسئولين إلى هذه الأماكن من وزراء ومحافظين، فالزيارات سيكون الإعلام متابعاً لها وهو المطلوب!

الأحلام الكبيرة تحتاج لحمايتها.. خصوصاً أن هناك من يريد تحويلها إلى كابوس مزعج.. وهناك من يتربص بها.. وهناك من يتربص لها.. وعلى القطاع الخاص مراعاة المسئولية الوطنية فى دعايته فإن لم يراعها فعلى الدولة بنفسها حماية أحلام شعبها ورئيسها!