«الرى الحديث» يهدد سواقى «الهدير» بالاندثار.. وعائلة واحدة تصنعها

«الرى الحديث» يهدد سواقى «الهدير» بالاندثار.. وعائلة واحدة تصنعها
- أهل مصر
- الأرض الزراعية
- البحث العلمى
- البحر الأبيض المتوسط
- الترع والمصارف
- الزحف العمرانى
- السياحة والفنادق
- العصر البطلمى
- آلات
- أهل مصر
- الأرض الزراعية
- البحث العلمى
- البحر الأبيض المتوسط
- الترع والمصارف
- الزحف العمرانى
- السياحة والفنادق
- العصر البطلمى
- آلات
سواقى الهدير.. الرمز الذى تشتهر به محافظة الفيوم، لذا يطلق عليها «بلد السبع سواقى»، بسبب انتشار هذه السواقى الخشبية التى تعمل بقوة دفع المياه بالترع والمصارف، لرفع مياه الرى من البحر إلى الأراضى المرتفعة عن مستوى المصرف أو الترعة. وبحسب الدكتور هانى رشدى يونس، أستاذ بكلية السياحة والفنادق بجامعة الفيوم، فإن السواقى تعد من الآلات الرافعة للمياه فى مصر، فهى أداة لنقل الماء من النهر إلى اليابسة، وتستخدم فى رفع الماء، سواء من النيل أو الترع إذا كانت بجوار تلك الموارد المائية، أما إذا كانت بعيدة عنه فتأخذ من بئر تتجمع فيها مياه الرشح، وقد نشأت فى الشرق ولا تزال تستعمل حتى الآن فى الصين، والعراق، ومصر.
{long_qoute_1}
«هى عبارة عن آلة لرفع المياه أكثر من 3 أمتار، وهى جمع ساقية.. ومعناها النهر الصغير»، هكذا يوضح أستاذ السياحة والفنادق، ويضيف: يستخدم أهل مصر هذا المصطلح للدلالة على الدولاب أو الآلة التى تركب فوق فوهة البئر، وتديرها الدواب لرفع المياه، فالساقية فى مصر آلة لرفع المياه. وبحسب بحث علمى أجراه أستاذ السياحة والفنادق، فإن السواقى كانت أقدم أدوات الرى المستخدمة وأوسعها انتشاراً بالفيوم، بسبب طبيعة الإقليم الآخذة فى الانحدار، ما أفاد فى استخدام سواقى الهدير التى تدار بقوة المياه، كما تستخدم فى المناطق المستوية، سواقى المواشى، ونظراً لأهمية هذه السواقى، كان يعين عليها «خول» عرفوا بـ«خول» زراعة الساقية، فضلاً عن خفراء لحراستها وعدم العبث بآلاتها، وكانت هذه السواقى لها حجج ملكية خاصة بها، منفصلة عن حجج الأطيان المركبة عليها، وفى كثير من الأحيان يشترك فى الساقية الواحدة أكثر من شريك، فكان من حق أى منهم أن يبيع حصته. ويضيف أستاذ السياحة والفنادق أن الحاجة الملحة للفلاح المصرى القديم جعلته فى أمس الحاجة إلى التفكير المستمر والدائم على رى مزروعاته، وأراضيه المرتفعة عن مستوى منسوب ماء النهر، ما دعاه إلى ابتكار سواقى الهدير، خاصة أن الفيوم منخفض يختلف عن سائر المنخفضات الأخرى من حيث شكل الأرض، التى تنحدر انحداراً ظاهراً مكونة مدرجات، فانحدارات الأرض كبيرة، وتختلف مناسيبها بالنسبة لسطح البحر الأبيض المتوسط. ويقول «يونس» إن منسوب الأرض الزراعية فى اللاهون مثلاً 26 متراً، وتنحدر تدريجياً فتصل عند هوارة المقطع 24 متراً وعند مدينة الفيوم 22.5 متر، وعند سنهور 10 أمتار، ثم ينتهى الانحدار عند بحيرة قارون 45 متراً تحت سطح البحر، أى الانحدار من اللاهون إلى بحيرة قارون يبلغ 61 متراً، ويتابع: أدى هذا الانحدار إلى وجود الكثير من الهدارات المائية التى استخدمها الأهالى فى إدارة السواقى وطواحين الغلال، أما السواقى عادة فتقام فى مواقع مساقط المياه على جانبى الترعة، وهى تدار باندفاع تيار المياه عليها، وتروى الواحدة منها ما بين 30 إلى 40 فداناً بالأسبوع، وتختلف أقطارها بين 4 أمتار تبعاً لمقدار الماء الذى ترفعه، وهى كالسواقى العادية فى صنعها فهى ألواح خشبية، أبعادها بين 50 سم و65 سم، تندفع إليها المياه فتدير الساقية محوراً خشبياً، يرتكز على كتفين من المبانى، فتتجمع المياه فى علبها، وتسقط من فوهتها عند تركها قمة الدوران فى حوض خاص، فتسير إلى الأراضى المرتفعة لريها. ويشترط بالطبع لدوران ساقية الهدير أن يكون هناك فرق توازن بين منسوب المياه فى الأمام والخلف من 30 سم إلى 60 سم، وكلما زاد هذا الفرق، زادت دورات الساقية، وزادت كمية المياه التى ترفعها، وهذه السواقى لا تكلف شيئاً سوى ثمن الساقية، وتكاليف صيانتها إذ تدار بقوة المياه. وتوصل بحث علمى أجراه أستاذ السياحة والفنادق بجامعة الفيوم إلى أن سواقى الهدير عمرها فى الفيوم، يرجع إلى الألفى عام، وتتفق معظم الآراء على اختراع ساقية رفع الماء فى العصر البطلمى، لأن البطالمة لم يهتموا بشق الترع والقنوات والمصارف وإقامة الجسور فقط، بل اعتنوا برفع المياه، وأصبحوا يعرفون الساقية ولولب أرخميديس (الطنبور)، وكانت هاتان الآلتان من ثمرة العلم الإغريقى.
ورصد البحث العلمى اختفاء عدد ضخم من السواقى فى الفيوم، الذى يعد مؤشراً لانتهاء السواقى كرمز للفيوم، بسبب أن حرفة صناعة السواقى الخشبية فى طريقها للانقراض، وتعود هذه المشكلة إلى أنه لم يتبقّ من صناعتها سوى ورشة صغيرة، بسبب ارتفاع مناسيب الأبحر والترع، والاستعاضة عنها بأساليب الرى الحديثة، مع الزحف العمرانى، ما يهدد أحد مقومات التراث المادى بالمحافظة بالاندثار.
ويشير الدكتور جمال سامى، محافظ الفيوم، إلى أنه لم يعد هناك سوى عائلة واحدة تعمل فى صناعة السواقى، وأنه بسبب النظم الحديثة فى الرى أصبح عملهم صيانة السواقى الموجودة حالياً، ولا يصنعون سواقى جديدة.