الشيخ راغب مصطفى غلوش.. صاحب الحنجرة الذهبية
![الشيخ راغب مصطفى غلوش](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/14506063581528838604.jpg)
الشيخ راغب مصطفى غلوش
محافظة الغربية كعادتها واصلت إضاءة سماء دولة التلاوة المصرية على مدار سنوات طويلة، فعلى هذه الأرض، وفى 5 يوليو 1938، وُلد راغب مصطفى غلوش، بقرية برما، ليصبح فيما بعد أحد أعلام التلاوة.
أراد والده أن يُلحقه بالتعليم الأساسى، ليكون موظفاً كبيراً، ووقتها كانت الكتاتيب كثيرة بالقرية، والإقبال عليها ملحوظاً، فاقترح أحد أقاربه على والده أن يأخذ «راغب»، ويُسلمه لأحد المشايخ المحفظين، لكى يحفظه القرآن، فوافق وسمح لابنه بالذهاب إلى الكُتاب بعد انتهاء اليوم الدراسى، وتفجرت موهبته مبكراً وأصبح ابن الثامنة حديث أهل القرية، خاصة المشايخ ومحفظّى القرآن.
ذاع صيت الشيخ راغب فى سن الرابعة عشرة بالقرى المجاورة، ووصلت شهرته مدينة طنطا معقل العلماء، وتوالت إليه الدعوات من القرى والمدن المجاورة، مما وضعه أمام تحدٍّ شديد الصعوبة، فكيف له أن يحتل مكانة مرموقة وسط جو يموج بالمنافسة الضارية بين عمالقة تربّعوا على عرش دولة التلاوة فى هذه البقعة من وسط الدلتا والوجه البحرى، خاصة محافظة الغربية، فى ظل وجود عملاقين، الأول الشيخ مصطفى إسماعيل، والثانى الشيخ محمود خليل الحصرى، وكل منهما من قرى طنطا.
اتخذ الشيخ راغب من وجود الشيخ مصطفى إسماعيل بمنطقته دافعاً ومثلاً أعلى، وحاول تقليده، ثم اتّجه إلى مدينة طنطا ليلتقى بالشيخ إبراهيم الطبليهى، الذى علّمه علوم التجويد والأحكام السليمة، وقرأ عليه قراءة «ورش»، وأهَّله لأن يكون قارئاً للقرآن كل يوم بالمسجد الأحمدى، بين أذان العصر والإقامة، فدخل قلوب الناس.
ومن مسجد الإمام الحسين، وفى رحاب آل البيت، بدأت انطلاقة الشيخ راغب، وبدأ تحقيق ما كان يحلم به، بعد أن تعرّف على كبار المسئولين فى الدولة، وتقرب منهم، فقاموا بتشجيعه على القراءة أمام الجماهير، وكانوا سبباً فى إزالة الرهبة من نفسه، وبدأ فى تلقى الدعوات التى وُجهت إليه لإحياء ليالى عزاء كثيرة بالقاهرة، زامل فيها مشاهير القراء بالإذاعة، أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ محمود خليل الحصرى، وكان من بين رواد المسجد الحسينى محمد أمين حماد، مدير الإذاعة المصرية آنذاك، الذى تعرّف عليه من خلال طلب الجمهور بالمسجد، وتقدم للإذاعة واجتاز كل اختباراتها بنجاح، وعلا نجمه فى سماء دولة التلاوة.
سافر الشيخ راغب إلى معظم دول العالم، ومنها إيران، كل شهر رمضان، على مدار 30 عاماً متتالية، ووُجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية.
فى سنوات عمره الأخيرة فضّل الشيخ راغب البقاء فى مصر خلال شهر رمضان، وظل يتلو قرآن الفجر مرة كل شهر بأشهَر مساجد مصر على الهواء مباشرة، بالإضافة إلى تلاوته يوم الجمعة عبر موجات الإذاعة وشاشات التليفزيون، حيث ارتبطت آذان المستمعين لإذاعة القرآن الكريم بصوته، حتى لُقّب بـ«صاحب الحنجرة الذهبية والصوت العذب وشيخ القُراء».
وفى 4 فبراير 2016، رحل الشيخ راغب، بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 77 سنة، وما زال صوته العذب يصدح فى أرجاء الدنيا كلها، جالباً له دعوات الرحمة والمغفرة.