حلم الميرى الالتحاق بالجيش فى المرتبة الأولى عند «المنايفة»

09:28 م | الاثنين 11 يونيو 2018

«ضرب البروجى ف تلا وقفت شبين تلاتات، سمعت قويسنا الخبر استدعت الأجازات، لبت منوف الندا وقالت بعد الحركة ثبات، بركة السبع تمِّمت والباجور لبست الباريهات، أشمون كمان أفِّزت وشدت الأفرولات، دا الجمع مش بالبُلَغ دا الجمع بالبيادات».. هتاف شهير يحفظه أهالى محافظة المنوفية عن ظهر قلب يعكس ولع وشغف أبناء الإقليم بالالتحاق بالخدمة العسكرية لتفرز العشرات من مشاهير القيادات العسكرية مثل الزعيم الراحل أنور السادات، والرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، والمشير محمد عبدالغنى الجمسى، وغيرهم من القادة الحاليين والسابقين.

{long_qoute_1}

ولعل المثل الشعبى الشهير «شريطين على كمى ولا فدان عند أمى»، هو الأكثر دلالة على حب المنايفة للميرى والخدمة العسكرية، وبالرغم من تقديس المواطن المنوفى للأرض الزراعية، فإن الالتحاق بالجيش أصبح لديهم فى المرتبة الأولى.

الحاج إسماعيل الجزير، فلاح بقرية منشأة شنوان التابعة لمركز شبين الكوم، أحد أبطال حرب أكتوبر، قال: «انضممت للجيش وشاركت كجندى استطلاع فى حرب أكتوبر وكنا نُجرى تدريبات العبور فى مناطق شبيهة بتضاريس سيناء وأتذكر أن تدريبات العبور أجريت على الريّاح البحيرى بالقرب من قرية الخطاطبة التابعة لمركز السادات، وتدريبات أخرى بصحراء العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية»، وأضاف: «القائد كان ينادينى دائماً بـ(المنوفى)، وكنا دائماً نخترع أكواداً تحمل أسماء مختلفة حتى لا يفهمها العدو إذا تجسس على الإشارة، والجيش بالنسبة للمواطن المنوفى فرصة كبيرة ومناسبة بسبب محدودية الفرص وقلة الرقعة الزراعية، وأيضاً المحافظة طاردة للسكان، كما أن الصبر والمثابرة والابتكار من السمات الشخصية للمنايفة، إضافة إلى أن المنوفى دائماً ما يضع الزمن والمستقبل أمام عينيه، ويحرص الأهالى على تعليم جيد لأبنائهم وهذا ما يحتاجه الجيش»، مشيراً إلى أن «المنوفى» دائماً ما يستغل كل الموارد المتاحة حتى ولو كانت محدودة وضعيفة.

وتابع: أتذكر موقفاً مع المشير (أبوغزالة) أثناء أحد مشروعات الحرب التى سبقت أكتوبر 73، حيث كنت (مُقدر مسافة)، والمشير (رحمه الله) قال لقائد الكتيبة (كل أفراد الكتيبة ماتوا ما عدا مقدر المسافة وأمامك وحدات للعدو)، وأمرنا بالتصرف وكان ممسكاً بساعة توقيت، وقمت بتقدير المسافة وتم الضرب على الأهداف وإصابتها، وأمرنا أيضاً بإصابة أهداف أخرى فتمت إصابتها، فتم استدعائى مع قائد الكتيبة واتهمنا أننا نغش، وبعد ذلك سألنى عن اسمى وعن المحافظة التى أنتمى لها، فعندما أخبرته أننى من المنوفية، أطلق ضحكة لن أنساها وقال «جدع.. المنوفية مجابتش إلا راجل» وكان يقصد بها الرئيس السادات، وكان ردى «لينا الشرف العظيم يا أفندم». وأضاف «إسماعيل» أن المعلم والقائد المنوفى مشهور بالشدة والقسوة.

ويلتقط أطراف الحديث ابن شقيقه، مصطفى عبدالسلام الجزير، 53 سنة فلاح، فيقول: «خدمت فى الجيش سنة 81 فى البحر الأحمر وكان السائد وقتها أن المنوفى (مينفعش يقصّر) أو يكون ضعيفاً، وكانت القيادات العسكرية سواء فى القرية أو فى العائلة بمثابة مثل أعلى وقدوة ونموذج للنجاح يسعى إليه أهالى القرية أو أفراد العائلة، ويظل لعشرات السنوات نموذجاً للنجاح الذى يجب أن يتجه إليه طموح الشباب»، وأضاف: «نجلى حسام التحق بمعهد ضباط الصف وتخرج منذ عامين»، موضحاً أنه وجد تغييراً كبيراً فى سلوك نجله من حيث الانضباط والالتزام، وأشار إلى أن «المنوفى» معروف عنه الانضباط والالتزام، خاصة إذا كان قائداً أو معلماً.

من جانبه، أكد الدكتور جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية، أن ولع المنايفة بالجيش ليس بسبب حب السلطة بقدر ما هو تمسك بالفرصة بسبب ضيق الرقعة الزراعية ومحدودية فرص العمل، والمنوفى «مُقلد»، وحينما يرى أن هناك نموذجاً لم يكن يملك فرصة أو أرضاً وحقق نجاحاً مادياً ومعنوياً من خلال الخدمة فى القوات المسلحة فيحاول أن يحذو حذوه، ومع الوقت أيضاً ساعد وجود أبناء المنوفية فى مناصب عسكرية كبيرة على مساعدة أبناء عائلاتهم وقراهم فى الالتحاق بالخدمة العسكرية.