أبناء دنشواى: ماعندناش مستشفى.. والترعة جفّت و150 فداناً تعانى العطش

أبناء دنشواى: ماعندناش مستشفى.. والترعة جفّت و150 فداناً تعانى العطش
- أهالى القرية
- إحلال وتجديد
- الأعمال الدرامية
- الاحتلال الإنجليزى
- الجهود الذاتية
- الشيخ حسن
- الطريق الرئيسى
- العيد القومى
- أبطال
- أجداد
- المنوفية
- أهالى القرية
- إحلال وتجديد
- الأعمال الدرامية
- الاحتلال الإنجليزى
- الجهود الذاتية
- الشيخ حسن
- الطريق الرئيسى
- العيد القومى
- أبطال
- أجداد
- المنوفية
قبل عقود طويلة مضت، كان الحادث هو الأشهر فى تاريخ محافظة المنوفية، كما يعد واحداً من أبرز الأحداث التاريخية فى مصر أيام الاحتلال الإنجليزى، عندما اعتدى بعض ضباط الاحتلال على فلاح فى قرية دنشواى التابعة لمركز الشهداء، نشبت على أثره اشتباكات بين الضباط الإنجليز وفلاحى القرية، أسفرت عن وفاة أحد الضباط، لتقضى المحاكمات الجائرة بشنق 4 من أهالى القرية، إضافة إلى أحكام أخرى بالجلد والحبس على عدد كبير من الفلاحين، ليُعرف الحادث بعد ذلك تاريخياً باسم «مذبحة دنشواى».
«الوطن» التقت بعض أحفاد المحكوم عليهم بالشنق والحبس فى هذا الحادث، وكان بينهم الرجل السبعينى شحاتة عبدالمعطى، الذى عرّفنا بنفسه متباهياً: «أنا حفيد محمد درويش زهران»، وكان «زهران» أحد المحكوم عليهم بالإعدام فى الحادث، سمع «شحاتة» حكاياته من والده الذى كان حريصاً على نقلها له كما فعل مع والده أيضاً: «الإنجليز افتروا على أجدادنا وحكموا عليهم بالإعدام ظلماً».
{long_qoute_1}
لم ير «شحاتة» فى شنق جده شيئاً من الحزن، وإنما يعتبره، كما علمه والده، فخراً له ولعائلته التى تعيش حتى الآن على ذكرى هذا الحادث، فهم، حسب قوله، أصبح لهم تاريخ يحكى: «اللى ليه حد من جدوده اتحكم عليه فى الحادثة بيكون راسه مرفوعة فى القرية دلوقتى على عكس أى حد تانى، وحتى فى البلاد والقرى اللى حوالينا، الواحد بيحس بشرف كبير لما يسمعهم بيتكلموا عننا وعن حادثة دنشواى واللى حصل فيها، مش بس الناس اللى فى القرية نفسهم». لكن القرية، رغم أهميتها التاريخية، حسب قول «شحاتة»، فإن أهلها يعانون الكثير من المشاكل، يرى هو أن أهمها عدم وجود شبكة للصرف الصحى بالقرية، على عكس كل القرى حولهم، والتى لا تعانى من هذه المشكلة، وفق قوله.
داخل مسجد «آل محفوظ» كان يجلس سعد محفوظ، مرتدياً عباءته البيضاء، بعدما انتهى لتوه من صلاة الظهر، وهو أحد أحفاد الشيخ حسن محفوظ، أول المشنوقين فى حادث دنشواى، تناقلت له روايات الحادث عن طريق أجداده كما هو الحال مع غيره، فكانت بالنسبة له حكايات كفاح من أجداد القرية وأهلها الذين كان لهم قوة وعزيمة ثأروا بها من الإنجليز لما أصابوا المرأة فى بادئ الأمر، أظهرت الطغيان والمحاكمات الظالمة حينها، حسب قوله.
مواقف كثيرة يتأثر بها «سعد» فى حكايات جده الشيخ محفوظ، لا سيما أنه يرى أن طريقة المحاكمة كان المقصود منها أن يقصموا ظهر القرية، بعدما اختاروا 4 من أكبر عائلاتها وحكموا عليهم بالإعدام، فيتذكر ما حكاه له والده عندما سأل جده عن آخر طلب له قبل الإعدام، فكان رده أن يتوضأ ويصلى ركعتين قبل تنفيذ الحكم، وهو ما فعله، لم يتأوه أثناء الإعدام.
لم تحمل ذكريات الحادث ألماً فقط بالنسبة لـ«سعد»، فهى، كما قال، كان لها أطيب الأثر فى نفوس جميع الأحفاد، وجعلت سير أجدادهم تتوارث بين الأجيال حتى الآن، فضلاً عن الأعمال الدرامية الكثيرة التى جسدت الحادث، والتى يرى «سعد» أن معظمها كان معبراً ومطابقاً لما سمعه من والده وأجداده. ومن بين شباب أحفاد الشيخ حسن محفوظ، كان الثلاثينى أحمد محفوظ، الذى تحدث عن الطريقة التى يتناقل بها أفراد العائلة تاريخها، سواء فيما يخص الحدث الأهم متمثلاً فى حادث دنشواى، أو غير ذلك، فهو وغيره من شباب العائلة كونوا رابطة لجميع أفرادها على مستوى الجمهورية، يبلغ عددهم نحو 2 مليون و300 ألف، حسب قوله، ومن خلال هذه الرابطة يتم عمل اجتماعات ومؤتمرات تساعد على تواصل أفراد العائلة ببعضهم البعض، وعمل كتيبات تشتمل على السير الذاتية للعائلة، بها كل تاريخ العائلة ومن بينها قصة الشيخ حسن محفوظ فى حادث دنشواى.
ومن بين الأحفاد كان إيهاب شعلان، رئيس مجلس إدارة جمعية «فاعل خير» بالقرية، كان جده على شعلان، أحد المحكوم عليهم بالحبس فى الحادث، لم يتحدث كثيراً عن تاريخ الحادث نفسه، وإنما عن بعض مشكلات أهل القرية، ومن بينها إلغاء العيد القومى لمحافظة المنوفية الذى كان يتم عمله فى ذكرى الحادث داخل القرية نفسها، وكانت آخر مرة تم عمل فيها العيد القومى داخل «دنشواى» قبل 15 عاماً، حسب «إيهاب»، الذى أضاف: «دى كانت حاجة بتمثلنا وبتقول للمنطقة والأحفاد إن النهارده معمول عشان خاطر الناس اللى عملت كيان للمحافظة، لأن بداية الثورات فى مصر بدأت مع حادث دنشواى وكانت هى الشرارة الأولى لكل الثورات اللى حصلت بعد كده».
وإلى جانب إلغاء العيد القومى كانت هناك بعض المشكلات الأخرى التى أشار إليها «إيهاب» فى حديثه، من بينها عدم إتمام بناء المستشفى القروى بالقرية، الذى تمت إزالته منذ 5 سنوات بقرار إحلال وتجديد، لكنه أصبح الآن مجرد أرض فضاء غير مستغلة: «مبقاش فيه غير وحدة صحية عبارة عن غرفتين من غير دكاترة ومش شغال فيها غير عيادة أسنان ومعمولة بالجهود الذاتية، ودى كانت بتخدم نحو 8 قرى حوالينا»، إضافة لأزمة أخرى يعانى منها أهالى القرية، كما يقول «إيهاب»، تمثلت فى جفاف الترعة التى تمر من القرية، وتعتمد عليها نحو 150 فداناً، واعتماد الأهالى على ماسورة مياه تم دقها فى الأرض لجلب مياه الرى.
وفى منتصف القرية، على الطريق الرئيسى، كان ذلك المبنى أحمر اللون، الذى تم إنشاؤه فى مقر الحادث ليكون متحفاً لها يروى تاريخها على مر العصور، فى الداخل استقبلنا الخمسينى رضا عبدالعزيز، مرشد بالمتحف، واصطحبنا فى جولة ليوضح لنا تاريخ الحادث من خلال المتحف الذى يبدأ بممر يرى فيه الزائر صوراً ومجسمات للحادث وأبطاله، فعلى اليمين كان ثلاثة مجسمات لأشخاص يرتدى اثنان منهم ثياب الفلاح المصرى فى قرية دنشواى وقت الحادث، وفى المنتصف كان يرتدى المجسم الثالث زى الجنود الإنجليز وقتها، وإلى جوارهم عصا غليظة تعود ملكيتها إلى الشيخ حسن محفوظ، حسب ما يقول «رضا»، بعدها على اليسار أيضاً كان هناك مجسم آخر يوضح المشهد الذى تسبب فى وقوع الحادث، ويرسم الضباط الإنجليز وهم يصطادون الحمام بجوار جرن الشيخ محمد المؤذن الذى أصيبت زوجته من طلقات الضباط الإنجليز، وعلى اليمين كانت صور مختلفة لأبطال الحادث من الفلاحين.
يأخذنا الممر إلى بهو غير مسقوف يقف فيه تمثال للشيخ حسن محفوظ وإلى جواره مجسم للمشنقة التى تم تنفيذ حكم الإعدام عليها، وفى الجهة المقابلة للمشنقة كان ممر داخلى آخر نرى فيه تلك اللوحات الفنية المرسومة على يمينه ويساره توضح مسار الحادث منذ بدايته وحتى انتهائه، وإلى جوارها تماثيل منحوتة لضحايا الحادث. زيارات سياحية كثيرة ترددت على هذا المتحف فى الماضى، لكن هذه الزيارات لم تعد موجودة الآن بعدما انقطعت منذ أعوام، حسب ما يقول «رضا» الذى يعمل فى المتحف منذ 1999.