الشيخ عبده عبدالراضى.. ثالث «الثلاثة الكبار»
![الشيخ عبده عبدالراضى](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/10524461631528405588.jpg)
الشيخ عبده عبدالراضى
كان الصعيد -ولا يزال- منبعاً للكثير من المشاهير فى جميع الفنون، ففى قرية أولاد عليو بمركز البلينا فى محافظة سوهاج، هلّ على مصر عَلم من أعلام القراء، حيث وُلد الشيخ عبده عبدالراضى عبدالله صالح، صباح يوم جمعة مبارك، عام 1922، ومضى فى مسيرة تلاوة القرآن الكريم، حتى صار ثالث الثلاثة الكبار فى التلاوة، بعد الشيخين محمد رفعت، ومصطفى إسماعيل، وهو «المتواضع الجليل»، حسبما كان يصفه موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.
وكما يُقال «ربّ ضارة نافعة»، فقد كُفّ بصر الطفل الصغير صاحب الست سنوات، لينتقل إلى كُتّاب القرية، ويُتم حفظ القرآن الكريم، وعمره 12 سنة، على يد الشيخين رشوان ومحمد عبدالرحمن، ثم يواصل رحلته مع كتاب الله وعلوم القراءات، فينتقل إلى جرجا، ويُتم علوم القراءات العشر وعمره 15 سنة، على يد الشيخ أحمد شحاتة الجحاوى.
ويوماً بعد يوم، وبسبب أدائه المتميز وصوته العذب، ذاع صيته فى أنحاء محافظة سوهاج، بل فى محافظات الصعيد الأخرى كأسيوط وأسوان وقنا والأقصر، إلى أن أصبح قارئ السورة فى مسجد عمار بن ياسر فى البلينا.
عاصر الشيخ عبده عبدالراضى كثيراً من أساطين التلاوة المشهورين فى الإذاعة آنذاك، بل قرأ معهم، وجمعته بهم مناسبات عديدة، مثل الشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ محمود على البنا، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ مصطفى إسماعيل، لكن لم يكتب له القدر الالتحاق بالإذاعة المصرية.
سجّل التاريخ للشيخ عبده ما يدل على تمكّنه من فن التلاوة بعلومه وأحكامه، فحينما التقى بالشيخ مصطفى إسماعيل، فى أول لقاء جمعهما، فى مناسبة فى «جرجا»، وبينما كان يقرأ الشيخ عبده آخر سورة «الأنعام»، ووصل إلى قوله تعالى: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عُشْرُ أَمْثَالِهَا»، وقرأ كلمة «عَشْرٌ» بالتنوين بدلاً من الرفع (قراءة الإمام يعقوب)، هَمّ الشيخ «مصطفى»، ليرد القارئ، على اعتبار أنه أخطأ، فأمسك الشيخ أحمد شحاتة بيد الشيخ مصطفى، وقال: «دعه يا درش، فهو يقرأ ليعقوب، ده تلميذى»، ومن هنا صارت صداقة قوية مع إبهار من الشيخ مصطفى إسماعيل، الذى صرح بعد وفاة الشيخ عبده بأن هذا الشيخ هو على رأس مدرسة متميزة فى تلاوة القرآن.
وصلت إلينا تسجيلات الشيخ عبده بشكل رئيسى عن طريق الشيخ نفسه، حيث كان يهتم بتسجيل تلاواته بنفسه، ورغم أنه كان كفيف البصر، فقد كان يأخذ معه جهاز «كاسيت»، ليقوم بتسجيل التلاوة، وحينما يرجع إلى بيته يستمع للقراءة، وربما كان يُكمل آية ناقصة إن وُجدت.
وفى صبيحة الثلاثاء 23 مايو 1978، رحل عن عالمنا الشيخ عبده عبدالراضى، حيث كان عائداً من إحياء ليلة قرآنية ليلة وفاته، وأحس بإرهاق، فانتقل إلى المستشفى، ولم يفقد وعيه للحظة، حيث كانت حالته مستقرة، لكن الروح الزكية أبت إلا أن تلتقى بخالقها عن عمر يناهز 56 سنة، لكن صوت الراحل ما زال يتردد على أذان السمّيعة والمحبّين من عُشّاق عمالقة القراء.