على صالح «سقا فى زمن الحرب» ورسام يقاوم الشيخوخة فى وقت السلم

على صالح «سقا فى زمن الحرب» ورسام يقاوم الشيخوخة فى وقت السلم
- أم كلثوم
- الجنود الإسرائيليين
- الجيش المصرى
- الرئيس عبدالناصر
- السكة الحديد
- العدوان الثلاثى
- انتصارات أكتوبر
- حرب أكتوبر
- آثار
- أجهزة
- بورسعيد
- أم كلثوم
- الجنود الإسرائيليين
- الجيش المصرى
- الرئيس عبدالناصر
- السكة الحديد
- العدوان الثلاثى
- انتصارات أكتوبر
- حرب أكتوبر
- آثار
- أجهزة
- بورسعيد
«إحنا الجنود ياما لفينا فى الحرب ما لاقوا زينا هنحارب فين هنحارب فين، أول ما دخلنا على غزة وضربنا النار ضربنا النار اخرج يا يهودى من عندك يا ابن المكار اخرج يا يهودى من عندااااك لا البمبمة تيجى تاخد أجلك، ولا لسه رُحنا ولا جينا والضرب اشتغل علينا.. اخرج يا يهودى من عندك يا ابن المكار»، هكذا وقف يغنى أمام الحائط بلكنة بورسعيدية خالصة وهو يمسك فى خفة ورشاقة وابتسامة وزعها على أرجاء المكان، بفرشاة يغمسها فى دلو به دهانات، يضرب الفرشاة على الحائط بحركات عشوائية تظهر للوهلة الأولى أنها «شخبطة» وفى ثوانٍ معدودة تبدأ تظهر ملامح الرسم أنه «مركب».
على صالح، رجل فى العقد الثامن من عمره، تحدث معنا مستعيداً ذكرياته فى مقاومة العدوان الثلاثى على بورسعيد، توقف لبرهة وعاود الرسم من جديد وقال عن أغنيته التى كان يرددها: «كنا بنغنيها أيام العدوان الثلاثى على مصر، أنا شاركت فى حروب كتير مع الجيش المصرى فى سيناء كنت شغال فى «الكونتلة»، ووظيفتى هى إمداد اللواء 113 مشاة بالمياه، مكانش معايا سلاح بس كان معايا الميّه اللى هى أقوى من أى سلاح».
{long_qoute_1}
تحدث عن نكسة 1967، رافضاً تسميتها بالهزيمة، وقال بغضب: «إحنا محاربناش فى 67 كل اللى حصل إن روسيا طالبت عبدالناصر بضبط النفس وخلال ضبط النفس اليهود ضربونا بالنابلم وإحنا أسلحتنا على الأرض ودخلت المركب الأمريكى لبرتى وشوشت على أجهزة الجيش المصرى فى سيناء».
آثار جرح غائز تزين جبهة الرجل السبعينى، أشار إليه بفخر، وتابع: «فى 67 كنا فى متلا والجيش كان قافل الطريق قررنا نلف من الخلف وسط الجبال كنت ماشى وأمامى مدرعة ونصف مجنزرة، ومرة واحدة سمعت صوت عالى: انتشروا، فتحت الباب لقيت طيارة إسرائيلى بتقصف المجنزرة اللى قدامى، ساعتها طرت من قوة الانفجار ولما فُقت لقيت نفسى مصاب، ومفيش حد حواليا مشيت فى الطريق كان كله أشلاء لجنودنا مفيش أى وسيلة ترجعنى واضطريت أمشى 85 كيلو على رجلى لحد البيت».
وعن الفترة بين النكسة إلى حرب الاستنزاف وانتصارات أكتوبر، حكى «صالح» قائلاً: «أركان حرب اللواء 113 مشاة قام بتسليمى إلى اللواء أول مدرع حتى أعمل معه فى الإمداد والتموين، ساعتها اللواء أول مدرع قال له انت جايب لى واحد؟! أنا وكتيبتى عطشانين، وكان رده أنا جايب لك فرد بعشرة، وكنت بجيب الميّه من نخل وتمادا والحسنة، وميّة الحسنة كانت زى السكر».
الرجل العجوز يبجل الرئيس عبدالناصر ويعشق السادات، حيث يرى فى الأول رمزاً للصمود والتحدى فى مواجهة المحتل، ويرى فى الثانى القائد والبطل الذى استعاد كرامة المصريين فى حرب أكتوبر، وعلق: «عدينا خط بارليف وطلعنا الجنود الإسرائيليين من الخنادق ودخلنا سيناء، مش بس البشر كانوا شاهدين على الانتصارات دا الحجر شاف الضربة اللى اليهود خدوها فى دماغهم على إيد الجيش المصرى».
{long_qoute_2}
«صالح» تحدث عن عمله وهو ينظر إلى يده وملابسه وأضاف: «صحة الواحد بقت تعبانة وأنا بحاول أشتغل عشان أجيب مصاريفى، كنت الأول شغال فى البحر ولما الشغل قل، قعدت أدور على حاجة بعرف أشتغلها، افتكرت إنى زمان كنت بعرف أرسم، وبدأت أرسم شغل تلقائى، وبقيت من أشهر الرسامين فى بورسعيد والناس بتطلب شغلى فى القاهرة والإسكندرية».
وقف «صالح» وأشار إلى جدارية لمركب صيد كبير على جدار محل سمك فى بورسعيد وقال: «الرسمة دى أنا اشتغلتها فى ساعتين وأقدر أرسمها فى ربع ساعة بس السن مبقاش يساعد وإيدى بتترعش بعد ما جالى جلطة وشلل نصفى مؤقت ودا خلانى أدخل شغل النحت والرسم البارز فى شغلى لأنه لا يحتاج إلى دقة كبيرة كما يحتاجها الرسم».
موهبة الرسم والنحت لم تقتصر على العمل التجارى فقط حيث استعان قصر ثقافة سموحة بـ«صالح» لرسم جدارية داخل القصر: «كنت عامل مركب شراعى كبير عند السكة الحديد وعجبتهم لقيتهم بيطلبونى عشان أرسم لهم شغل داخل قصر ثقافة سموحة، والشغل عجبهم لدرجة إن وكيل الوزارة جاء ليسلم علىّ ويشكرنى وخدنى بالحضن وقالى تسلم إيدك يا فنان».
كلمات الشكر والثناء وذكريات الحرب ما زالت هى الذكريات العالقة فى ذهن الرجل صاحب الـ77 عاماًً، فهو ما زال يتذكر كلمة «ميرسى» التى شكرته بها كوكب الشرق أم كلثوم أثناء قيامه بمنحها شالاً لتضعه على قدميها بعدما ازداد الجو برودة أثناء رحلة بحرية لأم كلثوم على لانش بحرى بصحبة حمدى عاشور، محافظ دمياط وقتها، للوصول إلى مدينة رأس البر.
إحدى رسومات الفنان على صالح