أصوات من السماء| مصطفى إسماعيل.. صوت يسبح في ملكوت الله

كتب: محمد شنح

أصوات من السماء| مصطفى إسماعيل.. صوت يسبح في ملكوت الله

أصوات من السماء| مصطفى إسماعيل.. صوت يسبح في ملكوت الله

يذكر اسم الله، مفتتحًا تلاوته لآيات من اللوح المحفوظ، فيسبح مع سامعيه في عالم وملكوت إلهي خاص، فتُشجي أذنيك بصوت وهبه الله القدرة على استحضار حجة القرآن وعظمته، حيث شرح الله له صدره بالذكر الحكيم، وجعل لصوته بصمة فريدة من نوعها، وأسلوبًا ومدرسة في القراءة لم يسبقه إليها أحد للقرآن من قبل، فينطق الشيخ مصطفى إسماعيل بآيات من الكتاب المبين، يجعلك تسمع وتثني وتمدح: "والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه". "قارئ مصر الأول"، و"مقرئ الملوك والرؤساء"، الذي حلَّ صوته ضيفًا كريمًا في القصر الملكي، بطلب من الملك فاروق، الذي استدعاه للقصر بعد أن سمع صوته في الإذاعة فاستحسنه، كما كان سفيرًا عزيزًا للرئيس الراحل عبدالناصر في مسجد "باريس"، ورفيقًا في وفد الرئيس إلى القدس العربي، لكون خادم القرآن مصطفى إسماعيل، واحدًا من مشايخ قلائل، قرأوا القرآن في "أولى القبلتين وثالث الحرمين" المسجد الأقصى مرتين، فالأولى عندما زار الشيخ مصطفى إسماعيل القدس العربية عام 1960، فقرأ القرآن الكريم بالمسجد الأقصى في إحدى ليالي الإسراء والمعراج. وفي 7 يونيو 1905، وفي بيت ريفي داخل قرية ميت غزال، بمركز السنطة في محافظة الغربية، ولد الشيخ مصطفى إسماعيل، الذي حفظ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من العمر في كتاب القرية، وفي سن السابعة عشرة، كان اللقاء بـ"قيثارة السماء" الشيخ محمد رفعت، وحسب رواية نجل مصطفى إسماعيل: "عندما جاء ليحيي أحد المآتم، فجلس ضيفًا على دكة الشيخ رفعت، ولما انتهى الشيخ رفعت من وصلته ترك مكانه لهذا القارئ الشاب ليقرأ فانبهر الشيخ به، وأعجب بأدائه وصوته، فأرسل إليه يطلب منه أن يستمر في التلاوة ولا يتوقَّف حتى يأذن له هو بذلك، فظل يقرأ مدة تزيد على الساعة ونصف الساعة، إلى أن أذن له الشيخ رفعت بختم وصلته ففعل فقبله وهنأه وقال له (اسمع يا بني أنا هأقولك على نصيحة إذا عملت بها فستكون أعظم من قرأ القرآن في مصر، ينقصك أن تثبت حفظك بأن تعيد قراءة القرآن على شيخ كبير من مشايخ المسجد الأحمدي)، فأخذ الشيخ مصطفى إسماعيل على نفسه عهدًا بأن يذهب إلى المسجد الأحمدي بمدينة طنطا ليتعلم ويستزيد كما طلب منه الشيخ رفعت". ذاع صيت الشيخ مصطفى إسماعيل في أنحاء محافظة الغربية والمحافظات المجاورة، ونصحه أحد المقربين منه إلى الذهاب للقاهرة، وهناك التقى بأحد المشايخ الذي استمع إليه واستحسن قراءته وعذوبة صوته ثم قدَّمه في اليوم التالي ليقرأ في احتفال تغيب عنه الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي لظرف طارئ، وأعجب به الحاضرون، ثم تم اعتماده بالجامع الأزهر قارئًا للسورة، ومن بعدها التحق بالإذاعة المصرية، في فترة كادت تخلو من المقرئين الكبار بعد أن تقاعد الشيخ محمد رفعت عن القراءة في الإذاعة بسبب المرض وكبر السن، فاستقبلت الإذاعة المصرية القارئ الشاب الوافد إلى القاهرة حديثًا لتتعاقد معه على القراءة لمدة نصف ساعة أسبوعيًا، ولكن الطريف كان رفضه، إذ أنه يحتاج لأكثر من نصف ساعة "للتسخين حتى ينفتح صوته ويجلجل وذلك لتعوده على القراءة بالساعات في المآتم والاحتفالات الدينية المختلفة"، إلا أنه في نهاية الأمر رضخ لرغبة الإذاعة بعد تزايد عدد الرسائل التي تطلب الاستماع لصوته. "أحيا ليالي رمضان رحالًا بين البلاد والعباد"، فالشيخ مصطفى تلقَّى دعوات وطلبات عديدة من دول عربية وإسلامية للقراءة فيها، فلبَّى تلك الدعوات، وزار 25 دولة عربية وإسلامية، وقضى ليالي شهر رمضان المعظَّم وهو يتلو القرآن الكريم بها، وزار أيضًا دول الغرب، وتلا القرآن في "ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية". "قراءة القرآن حتى آخر يوم في عمره"، فكانت تلك دعوته لربه في صلاته، والتي استجاب الله لها، ففي ديسمبر 1978 يسافر الشيخ إلى دمياط للقراءة في افتتاح جامع البحر بالمدينة الساحلية، لتكن القراءة الأخيرة، فوعد الله الحق ما تمناه رجل صدق ما عهد الله عليه.


مواضيع متعلقة