بريد الوطن| خواطر عن الموت والحياة

كتب: بريد الوطن

بريد الوطن| خواطر عن الموت والحياة

بريد الوطن| خواطر عن الموت والحياة

رأيت أجدادى ومن فى مثل أعمارهم وهم يموتون، وشاهدت جنائزهم، ورأيت والدىّ ومن فى مثل أعمارهما يموتون وعايشت جنائزهم، ورأيت من فى مثل عمرى وأدنى منه يموتون، فلماذا أفزع ويفزع الناس عند تلقى خبر الوفاة ويلطمون الخدود، ويشقون الجيوب؟ رغم أن الموت هو الوحيد الذى يعدل بين الناس، فلا فرق أمامه بين غنى وفقير ولا صاحب دين عن دين آخر، فالكل أمامه سواء، فالجميع على سفر فى انتظار محطته الآتية، وأذكر فى طفولتى فى أواخر السبعينات من القرن المنصرم أن توفى شخصية ذات نفوذ فى بلدتنا، وكان فى رابطة عمومة مع والدى، فكنت أقول له يا سِيدى (جدى)، توفى فى منتصف الليل وخرجنا على صرخات نارية، رأيت بنات المتوفى يقمن بعجن الطين ويضعنه على ثيابهن ورؤوسهن ورأيت أبناءه يشقون الثياب، وفى ذلك العام لم تنتعل إحداهن حذاء (حفاة)، ولم يكن يعملن الفطائر ومخبوزات الأعياد، ولا يصنعن المحشى، لأنها من وجهة نظرهن أطعمة فرايحية، فلا تناسب الطقس الجنائزى لهن، وفى الذكرى السنوية الأولى أتوا بأشهر المقرئين، ودعوا الناس من كل حدب وصوب، حتى إن سيارات الحاضرين لم تجد لها مكاناً، وفى العام التالى كانت الذكرى السنوية أقل حفاوة عن الأولى، وفى الذكرى الثالثة لم يتذكره أحد، وانتهت قصة حزنهم الأسطورى، وراح كل منهم إلى حال سبيله ولم تبق إلا صور باهتة فى ذاكرتى أنا رغم أنى ممكن أبكى أثناء قراءة مقال، أو مشهد تمثيلى، إلا أننى عند نبأ الوفاة يكون لدى صمود وعزيمة فولاذية، لأن الحياة على الأرض كانت عقاباً لأبونا آدم، وبرحيلنا عنها نكون عدنا للوطن الأبدى الخالد.

                                                 حنان عمار - أسيوط

 

يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي

bareed.elwatan@elwatannews.com


مواضيع متعلقة