دعم الفلاح دعم للشعب!

لا يختلف اثنان على أن الفلاح هو أكثر فئات المجتمع إنتاجاً وأيضاً أكثرها ظلماً، ورغم الظروف القاسية التى يعيشها، فما زال يعمل ويحقق أعلى إنتاجية وبأقل الإمكانيات المتاحة من وسائل تكنولوجيا الزراعة الحديثة، وحتى فى ظل الفوضى التى شهدتها البلاد عقب ثورة يناير 2011 كل فئات المجتمع كانت تتظاهر وتعتصم للحصول على ما لا تستحق إلا الفلاحين لم يفكروا حتى فى المطالبة بحقوقهم المشروعة، بل كانوا يعملون وينتجون غذاء للشعب المضرب عن العمل وللشباب الذى يحرق ويقتحم مؤسساته.

الفلاح المصرى كان، ومازال، يقدر ظروف بلده ويرضى بالقليل ويتحمل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وانخفاض أسعار محاصيله. وبرديات الفلاح الفصيح تؤكد أن الظلم يلاحقه منذ عام 228 قبل الميلاد وقدر الحكومة الحالية أنها ورثت تركة كلها مشاكل ومنها عدم وجود سياسة زراعية واضحة للبلد، كما ورثت فلاحاً يتيماً يعانى من الفقر والجهل والمرض، ومطلوب منها أن تتصدى لهذه المشاكل وتضع حلولها.

يجب أن تصبح الزراعة مهنة مربحة.. كيف ومتى؟ من خلال دعم مستلزمات الإنتاج ومنها الوقود وشراء المحاصيل بالسعر العادل وعدم تركه فريسة لجشع التجار ومافيا الاستيراد.

دعم الفلاح يكون أيضاً من خلال تنفيذ توجيهات الرئيس بمعاش ضمان اجتماعى وتأمين صحى وشهادة أمان ونقابة شرعية تحمى حقوقه واستنباط أصناف جديدة تحقق له إنتاجية كبيرة.

دعم الفلاح من خلال تعيين أبنائه المتفوقين فى الوظائف المهمة، فمازالت بعض الجهات تستبعدهم بسبب مؤهل الوالدين.

دعم الفلاح هو دعم للغذاء، أى دعم للشعب كله، ويكاد يكون الدعم الوحيد الذى يذهب فعلاً إلى مستحقه والدول المتقدمة التى لا تمثل الزراعة فيها سوى نسبة ضئيلة جداً من الناتج القومى تدعم مزارعيها وتشترى منهم الإنتاج بأكثر من قيمته لأنه ينتج غذاءها الذى يضمن استقلالها وحرية قرارها.

إذا كانت وزارة الزراعة هى الأب الشرعى للفلاح، فإن المياه مسئولية وزارة الرى، والتأمين الصحى مسئولية وزارة الصحة، والمعاش وزارة التضامن، حتى وزارة البيئة مسئولة عن إقامة مصانع تساعده على التخلص من مخلفاته الزراعية والحصول على عائد منها فالفلاح مسئول من الحكومة كلها.

ربما يكون قانون الزراعة، الذى وافق عليه مجلس النواب مؤخراً هو بداية لتصحيح مسار السياسية الزراعية، ولكن القانون وحده لا يكفى، فمطلوب اتخاذ إجراءات فعلية وواقعية تجعل من الزراعة مهنة مربحة حتى لا يتخلى الفلاح عنها أو يهجر أرضه ويتركها بوراً، فهذه أقل خسائره أو يحولها إلى كتل خرسانية ولذلك الزراعة التعاقدية مهمة جداً للدولة وللفلاح وهى شراء المحاصيل قبل زراعتها خاصة الاستراتيجية (القمح والقطن والذرة والصويا) لأنها مربحة للفلاح وتسهم فى الحد من الاستيراد وتوفير العملة وتأمين السلع الأساسية أيضاً وبعد تحديد مساحة زراعة الأرز يجب توفير محصول بديل، مثل الذرة والصويا المكون الأساسى للأعلاف التى نستوردها بنسبة 95%.

وزراعتها محلياً فوائدها كثيرة، بجانب أنها مربحة للفلاح وتعوضه عن الأرز، فإنها سوف تسهم فى زيادة الإنتاج الحيوانى والداجنى وتخفيض أسعارها والحكومة حالياً تسعى لذلك (الزراعة التعاقدية والمحصول البديل) أتمنى أن تنجح من أجل تحسين مستوى معيشة الفلاحين ورفع الظلم عنهم وتحيا مصر.