رسالة إلى الرئيس مبارك
السيد محمد حسنى مبارك.. رئيس جمهورية مصر العربية الأسبق.
بعد التحية.. أرسل إليك بهذه السطور لكى أوجه لك التحية فى الذكرى الأربعين لنصر أكتوبر المجيد، تلك الحرب التى كنت أحد أبرز وأمهر قادتها ولن ينسى التاريخ ما فعلته فى إعادة بناء سلاح الطيران المصرى بعد نكسة 1967، وكيف قدّمت للقوات المسلحة المصرية جيلاً من أمهر الطيارين المقاتلين خاضوا تحت قيادتك أشرس معارك الجو بالطائرات «الميج» فى مواجهة تفوق طائرات «الفانتوم» التى كان يمتلكها العدو وكتبوا فى تاريخ العسكرية ملحمة عُرفت اختزالاً باسم الضربة الجوية، التى كانت مفتاح النصر، وفى أرشيف أكتوبر ظلت الضربة الجوية علامة مبهرة يعترف بها العدو قبل الصديق.. كيف تمكنت الطائرات المصرية بالعبور وضرب كل مراكز العدو فى سيناء وضرب كل مراكز القيادة للعدو فى سيناء والعودة فى دقائق، وبخسائر لا تُذكر ليفتح الباب على مصراعيه أمام العبور العظيم، بينما العدو شُلّت حركته.
السيد الرئيس الأسبق.. كنت أتوقع أن تتذكرك الدولة فى هذا اليوم ولو بباقة ورد، كنت أتوقع أن يخف الحقد من القلوب بعدما عرف الجميع من هو الخائن ومن هو المتآمر، كنت أتوقع أن يعرفوا الفارق بين رئيس اختار أن ينزل عن حكمه حفظاً لدماء شعبه، وبين رئيس وضع كل الدماء تحت قدميه ليحتفظ بالحكم.
السيد الرئيس الأسبق.. لقد وضعت عنواناً عريضاً لفترة حكمك عندما وضعتها فى ذمة التاريخ وارتضيت حكمه بما لك أو عليك، أما دورك كقائد عسكرى مهيب فلا ينكره إلا جاحد.. ولا يغفله إلا ناقص.. ولا يشوهه إلا معيب حاقد.
السيد الرئيس الأسبق.. تعلمنا منك الحكمة والصبر فى الشدائد ونثق أنك جبل لا يهتز، صلب لا تلين، مقاتل لا يرضخ، ويوم السادس من أكتوبر هو عيد كل مصرى، ولكن من قبلهم هو عيدك وإن أغفلوك.. هو عيدك وإن أهملوك.. هو عيدك وإن أنكروك، سل النسر فى العلم، وقل له من أنا؟ سيجيبك أنت محمد حسنى مبارك المقاتل الذى خاض الحروب من أجل أن أظل شامخاً خفاقاً على تراب هذه الأرض العظيمة.
السيد الرئيس الأسبق.. أنت لا تعرفنى، فأنا لم أكن فى حزبك أو من رجال سلطانك فى بلاط صاحبة الجلالة، ولكنى شاب مصرى مؤمن بأنك قدّمت الكثير لهذا البلد رغم اقتناعى أن لحكمك سلبيات كثيرة، خصوصاً السنوات الأخيرة عندما انعزلت عن شعبك ولكنى لا أملك تجاهك غير كل احترام وتقدير بما لك أو عليك.
السيد الرئيس الأسبق.. لا أعرف إن كانت هذه السطور ستصلك أم لا، ولكن مجرد كتابتى لها جعلتنى مرتاح الضمير بأننى لم أشارك فى ظلمك.. لم أشارك فى اغتيالك معنوياً.. لم أشارك فى تزييف التاريخ.. وأى ظلم أقبح من إنكار حق مقاتل دافع عن تراب مصر واستعاد لها شرفها.
السيد الرئيس الأسبق.. قد تجلب علىّ هذه السطور التطاول من قِبل خصومك وأعدائك، ولكن وكما نقول بالعامية «يخبطوا دماغهم فى الحيط»، ولا شىء يساوى إنصاف مقاتل.
السيد الرئيس الأسبق.. كل أكتوبر وأنت بخير يا بطل.