صناعة السفن فى عزبة البرج مهددة بالانقراض والعمال: غلاء الخامات هيخرب بيوتنا

صناعة السفن فى عزبة البرج مهددة بالانقراض والعمال: غلاء الخامات هيخرب بيوتنا
- أشعة الشمس
- ارتفاع أسعار
- د المغرب
- صناعة السفن
- عزبة البرج
- فترات طويلة
- محافظة كفر الشيخ
- أشعة الشمس
- ارتفاع أسعار
- د المغرب
- صناعة السفن
- عزبة البرج
- فترات طويلة
- محافظة كفر الشيخ
سفن مختلفة الأحجام والأشكال، متراصة بطول الشاطئ، بعضها استقر فى المياه وظهر فى أزهى صورة، مطلى بألوان مبهجة، ومكتوب على كل سفينة اسمها الذى اختاره لها صاحبها، والبعض الآخر ما زال ماكثاً على الرمال، لحين الانتهاء من تصنيعها، هنا «عزبة البرج» بدمياط، حيث مكان ميلاد السفن، تدخل على شواطئه السفينة عبارة عن أخشاب وحديد، وتخرج منها سفينة ضخمة، تواجه مياه البحر، فترات طويلة تستغرقها السفينة داخل عزبة البرج لحين الانتهاء من تصنيعها.
وبملابس مهندمة، جلس أبوالمعاطى محمد، بملامح يكسوها الشيب، على كرسى خشبى، بجوار ورشته الصغيرة، وأمامه عدد كبير من السفن، مختلفة الأشكال والأحجام، هذا هو عالمه الذى يقضى فيه أغلب وقته.
{long_qoute_1}
42 عاماً، هى المدة التى أمضاها «أبوالمعاطى» بعمله فى صناعة السفن، ويقول عنها: «الشغلانة دى ورثتها أباً عن جد، ومن صغرى وأنا بنزل مع أبويا العزبة، وأشوفه وهو شغال فى السفن».
مهنة «أبوالمعاطى» هى الإشراف على صناعة السفن، ويضيف: «صاحب السفينة بيجيب كل حاجة، وبيجيب صنايعية تشتغل باليومية، وأنا شغلتى إنى أشرف على الصنايعية كلهم، وآخد فلوسى باليومية، ويومى هنا بيبدأ من الساعة 8 الصبح لحد بعد المغرب».
ويختلف عدد العمالة فى السفينة، على حسب إمكانيات صاحب السفينة، والوقت الذى يحدده لتجهيز السفينة، وذلك على حد تعبيره، موضحاً: «عدد الصنايعية اللى بتشتغل فى السفينة، بيكون حسب صاحب السفينة، والفلوس اللى معاه، والوقت اللى محتاج إن السفينة تخلص فيه».
«فيه سفينة ممكن تخلص فى 3 سنين، وفيه سفن تخلص فى 7 شهور»، قالها «أبوالمعاطى» عند سؤاله عن المدة التى تستغرقها السفن لكى تكون جاهزة للعمل، وأضاف: «الوقت بيتحدد على حسب حجم السفينة، ومكوناتها، والعمال اللى شغالين فيها»، ويقطع «أبوالمعاطى» حديثه، مشيراً بأصبعه إلى أحد المراكب كبيرة الحجم المستقرة على الشاطئ، قائلاً: «المركب دى لسه نازلة المية امبارح، بعد 6 سنين وشهرين، وده بسبب الغلاء فى كل حاجة، دلوقتى الحديد كل يوم سعره بيغلى».
وتختلف أسعار السفن والمراكب داخل عزبة البرج، حسب طول المركب وحجمه، وكمية الخشب والحديد وأجرة الصنايعية، أما عُمر المراكب والسفن فى المياه فيتوقف على نوعية الصاج، حسب «أبوالمعاطى»، مضيفاً: «الفترة اللى بتقضيها المراكب والسفن فى البحر، بتختلف حسب نوع الصاج».
«الصناعة هنا دلوقتى ما بقتش زى الأول، زمان كان الإنتاج كبير، وكان لكل مكان فى العالم، لكن دلوقتى الصناعة خلاص قربت تخلص»، قالها «أبوالمعاطى» بملامح يشوبها الحسرة، فهو يخشى أن تنتهى الصناعة، التى تعد مصدر رزقه الوحيد: «الصناعة دى قربت تنقرض.. وبيوتنا هتتخرب».
وعن المشكلات التى تواجه صناع السفن فى عزبة البرج، قال إن هناك خلافاً بين «الرى والأملاك»، و«احنا مفروض بندفع تأمينات للأملاك، لكن الرى بترفع علينا قضايا، ومحاضر، وبنتسجن، ونخرج بكفالة».
وسط السفن والمراكب، وقف أحمد إبراهيم، 27 عاماً، مرتدياً «كاب» على رأسه يحميه من أشعة الشمس، وممسكاً فى يده «مرزبة» يدها من الخشب، ورأسها من الحديد، وأمامه حجارة كبيرة، موضوع عليها كاوتش سيارات، عليه قطعة من الحديد، يسندها له أحد زملائه فى العمل، ومن ثم يقوم هو بالطرق عليها لتشكيلها.
10 سنوات هى المدة التى قضاها «أحمد» فى عمله بعزبة البرج، التى توارثها أباً عن جد، ويقول: «أبويا وأجدادى كانوا شغالين الشغلانة دى، وأنا من صغرى شغال فيها».
ولم يكن «أحمد» ابناً لدمياط، بل يرجع أصله لمحافظة كفر الشيخ: «أنا أصلاً من كفر الشيخ، وبشتغل هنا فى دمياط، وبروح لبيتى كل 20 يوم، ويومى بيكون من الساعة 8 الصبح لحد الساعة 6 المغرب، وأجرتى باليومية»، وانتهى «أحمد» من حديثه بوجه يتصبب عرقاً من شدة الحرارة، قائلاً: «ربنا يقوينا على حالنا، ويسترها معانا، لأن الشغلانة دى مصدر رزقى الوحيد».
وعلى سلم خشبى، مسنود على سفينة كبيرة الحجم، فى مرحلة التصنيع، وقف محمد سالم، 38 عاماً، بجسد نحيل، ممسكاً فى يده «مرزبة» و«أسطوبة» و«أزميل».
مهنة «سالم» هى «الألفطة»، حيث يقوم بسد جميع الفتحات الموجودة بالسفينة أو المركب، قبل طلائها النهائى، لحمايتها من الغرق، عند نزولها المياه، وذلك على حد قوله: «شغلتى هنا فى العزبة هى الألفطة، بسد الفتحات فى السفينة بالأسطوبة، وهى حاجة شبه الشعر شوية، وده يكون قبل طلائها النهائى».
فى عمر العشر سنوات بدأ «سالم» العمل فى تلك المهنة، والتى توارثها أباً عن جد: «من صغرى وأنا شايف أبويا شغال الشغلانة دى، وأنا اتعودت عليها، وما أعرفش أشتغل غيرها».
فى ركن من أركان عزبة البرج، بدا بملامح يكسوها الشيب، تدل على كسره حاجز السبعين من عمره، أحمد السمبوكسانى، على مقعد من الخشب، وأمامه «فلوكة» مصنوعة من الخشب الأبيض المتراص بجوار بعضه البعض، حيث لم يكن «السمبوكسانى» قد انتهى من صناعتها، إذ كانت تحوى بداخلها عدداً من «المسامير» مختلفة الأحجام.
عزبة البرج.. هنا تولد السفن فى دمياط