رئيس وزراء الولايات المتحدة الأمريكية
- الأمن القومى الأمريكى
- الإصلاح الاقتصادى
- البنك المركزى الإيرانى
- الحكومة الأمريكية
- الخطاب السياسى
- آليات
- أحمد المسلمانى
- أحوال
- الأمن القومى الأمريكى
- الإصلاح الاقتصادى
- البنك المركزى الإيرانى
- الحكومة الأمريكية
- الخطاب السياسى
- آليات
- أحمد المسلمانى
- أحوال
(1)
لا تذكر نشرات الأخبار -عادة- اسم أحدٍ من أعضاء الحكومة الأمريكية سوى ثلاثة وزراء: وزير الخارجية ووزير الدفاع ووزير الخزانة.
لا يركز كثير من القراء والمشاهدين فى وزير الخزانة، وينصبُّ أغلب التركيز فى وزيرى الخارجية والدفاع. ورأيى أن هذا التقدير يحتاج إلى تعديل، ذلك أن وزير الخزانة يكاد يكون الرجل الثانى فى أمريكا.
لا يوجد منصب رئيس الوزراء فى أمريكا، فالرئيس هو رئيس الحكومة، والرجل الثانى هو نائب الرئيس، وهناك القوة العظمى للكونجرس والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية، فضلاً عن القوة الهائلة للبنتاجون والمجمع الصناعى العسكرى.
لكن نائب الرئيس هو ظل الرئيس أو هو صدى الرئيس، وفى العادة لا يظهر أىُّ فكر سياسى أو اقتصادى، داخلى أو خارجى، لنائب الرئيس على نحو مستقل، والخطاب السياسى لنائب الرئيس هو فى أغلب الأحوال ترديد لخطاب الرئيس، أو شرح لبعض اتجاهاته.
يمثل الرئيس القيادة العليا والسياسة الشاملة للبلاد، لكن القيادة الاقتصادية والسياسة المالية -التى هى الأهم فى أمريكا- يمثلها وزير الخزانة، أقوى منصب اقتصادى فى الولايات المتحدة.
إن منصب وزير الخزانة الأمريكى بات يتجاوز كونه رئيس المجموعة الاقتصادية فى الحكومة الأمريكية إلى كونْه رئيس الحكومة الفعلى، إنه رئيس الوزراء -غير الرسمى- للولايات المتحدة.
(2)
لا يمكن فهم أمريكا من دون فهم سياسات وتصريحات ورؤى وزير الخزانة، إنه يمثل المؤشر الحقيقى لحركة الاقتصاد والسياسة، كما أنه لا يمكن حصر مهامَّه فى السياسات المالية الفيدرالية، بل إنه بات يمارس دوراً سياسياً بفضل سياسة العقوبات التى باتت من أهم أسلحة الولايات المتحدة فى العالم.
إن تصريحات «ترامب» بشأن الصين لا تعنى الكثير ما لم يتحرك وزير الخزانة، كما أن هجوم الرئيس على إيران لا يسفر عن شىء ما لم يقرِّر -وراءه- وزير الخزانة. إن الوزير لا يتحرك فى الفراغ، بل هو يتحرك مع الرئيس ومع وزارتى الدفاع والخارجية والمخابرات المركزية، ومؤسسات الدولة الأمريكية. لكن قراراته هى مصبُّ النهر فى دوائر القرار الأمريكى.
إن العقوبات على وزارة المخابرات الإيرانية، ثم محافظ البنك المركزى الإيرانى، وشخصيات وبنوك ومؤسسات إيرانية عديدة، إنما يجرى إقرارها فى مكتب الوزير.
كما أن العقوبات على كوريا الشمالية، والمفاوضات مع الصين، والعقوبات على «حزب الله»، يجرى إقرارها فى المكتب ذاته. وحين تصدر العقوبات الأمريكية على روسيا، فإن القرار بشأن العقوبات، والتفاصيل كافة تصدر من مكتب وزير الخزانة، الذى -عادة- ما يشرح الأسباب السياسية والعقوبات الاقتصادية.
(3)
إن وزير الخزانة الحالى، ستيف منوتشين، يتصرَّف وهو يدرك -تماماً- حجم القوة والسلطة التى يتمتع بها. وفى أول تصريحٍ له عقب أداء القسم، قال: «سأستخدم كل السلطات التى أملكها».
إن وزير الخزانة «منوتشين»، الذى كان رئيساً لبنك جولدمان ساكس، تحدث فى أول مؤتمراته الصحفية كأنه «رئيس الحكومة»، عرض رؤيته فى خفض الضرائب، وزيادة النمو، وتنظيم العمل المصرفى، ومكافحة الإرهاب. ثم إنَّه توسَّع بعد ذلك فتحدث عن دعم الإصلاح الاقتصادى الذى يقوده ولى عهد السعودية، ومنع شركة بوينج من تصدير طائرات ركاب إلى شركة «إيران إير».
ثم راح الوزير يتحدث فى السياسة مباشرة، فتحدث عن جهوده لمنع اندلاع حرب نووية فى كوريا الشمالية، ثم عن تأييده نقل السفارة الأمريكية إلى القدس من أجل دعم الأمن القومى الأمريكى!
(4)
يهدف هذا المقال إلى الإضاءة على الأهمية الكبرى التى يحظى بها منصب وزير الخزانة الأمريكى، وأهمية دراسة الرؤية الخارجية، وكذا قراءة الفكر السياسى والاقتصادى والسيرة الأيديولوجية للوزير.
إن منصب وزير الخزانة الأمريكى لم يعد منصباً تكنوقراطياً محدوداً، بل صار منصباً سياسياً واستراتيجياً خطيراً، وصارت عقوباته حول العالم هى المكوِّن الرئيسى للحرب الباردة الجديدة. وهنا يجب أنْ نعيد قراءة تطورات المنصب، وآليات التعامل.
إن وزير الخزانة ليس مجرد موظف كبير يتلقى القرارات الأمريكية بشأن العالم ثم ينفِّذ. إنَّه واحدٌ من كبار اللاعبين وقادة القرار.
إنه -واقعياً- رئيس وزراء الولايات المتحدة، وهو أحد صناع العالم المعاصر.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر