من أرشيف السياسة| الملك فاروق يسمح بحضور "عزومات رمضان" بملابس عادية

كتب: دينا عبدالخالق

من أرشيف السياسة| الملك فاروق يسمح بحضور "عزومات رمضان" بملابس عادية

من أرشيف السياسة| الملك فاروق يسمح بحضور "عزومات رمضان" بملابس عادية

قبل 68 عاما، وبالأسبوع الأول من رمضان عام 1371 هجريا، وفور انطلاق مدفع رمضان بالإسكندرية، كان قصر رأس التين الملكي، المميز المطل على البحر الأبيض المتوسط، الذي اعتاد الملك فاروق، آخر ملوك مصر، أن يقضي فيه شهر الصيام، شاهدا على ولائم الحكومة والملك.

كان القصر يشهد على الإفطار الرمضاني للوزراء وكبار رجال الدولة، بينما تصغى آذانهم إلى آيات القرآن الكريم، التي تعلو داخل أسوار القصر في ذلك الوقت من كل عام، بأمر الملك فاروق الأول.

خلال فترة تولي الملك فاروق حكم مصر، كان رمضان ذو طابع خاص بالنسبة له، فاتسم بمظاهر عدة حرص على تكرارها في كل عام، على رأسها "عزومة" رجال الدولة في الأسبوع الأول من شهر الصيام بأحد القصور الملكية.

ومن بين تلك الموائد السنوية المعروفة، سردت مجلة "المصور"، في عددها الصادر بتاريخ 23 يونيو 1950، الموافق الثامن من رمضان 1371 هجريا، تفاصيل الحفل، قائلة إن "جلالة الملك أمر بإقامة مائدة إفطار ملكية، دعا إليها الأمراء والوزراء ورجال الأزهر، والسلك السياسي المسلمين ورؤساء ووفود جامعة الدول العربية"، كما أقيم سرادق كبير في حديقة القصر على قرب من "السلاملك"، ثم صافح فاروق مدعويه بيده، بعد أن حياهم وهو يدخل السرادق بقوله: "كل عام وأنتم بخير".

لم يقتصر الحفل على تلك الاستعددات العادية، فتضمن مفاجأة لأعضاء وفود جامعة الدول، بأن "سمح لهم جلالته أن يشهدوا المائدة بملابسهم العادية، فكانت مفاجأة كريمة لهم"، وفقا لمجلة "المصور"، وعلى خلاف المتوقع أيضا تغيير الطقس خلال الحفل، وهب نسيم بارد من البحر، بينما كان بعض المدعوين يرتدون ملابس الصيف الخفيفة، فأحسوا بهذا التغيير وأسرعوا بعد الإفطار ينشدون شيئا من الدفء.

وعقب انتهاء أذان المغرب في ذلك اليوم، أدير على الحاضرين "شراب الورد"، ووضع النحاس باشا بضع قطرات من الدواء في كوب، وتمنى له الحاضرون الشفاء، وبعد أن انتهى المدعوون من تناول الإفطار، وقف الملك، وقال لضيوفه: "كل عام وأنتم بخير، وأرجو أن تشعروا بأنكم في بيوتكم"، ثم انصرف بعدها، بينما تناول الحاضرون القهوة، والسيجار بحديقة القصر، وأم الأمير عبدالكريم الخطابي بعض المدعوين في الصلاة، فيما أم الشيخ أبوالعيون غيرهم في ركن آخر من أركان السرادق.

ولم ينس رجال القصر أولئك الذين ساروا في خدمة كبار المدعوين وهم سائقو السيارات، وأقيمت لهم مائدة أخرى، يتناولون عليها الطعام ثم انتقلوا إلي السرادق، حيث يستمعون إلى آيات الذكر الحكيم.

لم تكن تلك هي أشهر مآدب شهر رمضان في عهد الملك فاروق، الذي أعتاد أيضا على الإفطار يوميا مع موظفي القصر، ففي عام 1941، أقام مأدبة حضرها 400 موظف من أكبر درجة إلى الأفندية وموظفي الدرجة التاسعة، وسمح لهم بأن يحضروا بالثياب العادية الغامقة، تيسيرا عليهم، وتضمنت المأدبة أطعمة فاخرة.

كما حرص أيضا على إضاءة قصر عابدين بالأنوار لإحياء ليالي رمضان، وإعداد عدد كبير من المقاعد بالفناء الداخلي لجلوس الضيوف، الذين يأتون يوميا لسماع القرآن الكريم، وكان فاروق يؤدي أول صلاة جمعة في رمضان في مسجد الرفاعي مع العلماء، بينما يؤدي المعة اليتيمة في مسجد عمرو بن العاص، بالإضافة إلى إصداره أمرا ملكيا بأن تذيع المحلات التي يوجد بها أجهزة الراديو القرآن الكريم، ومنع بيع المشروبات الكحولية والروحية في المحلات العامة طوال هذا الشهر.


مواضيع متعلقة