«شبرا بلولة».. جنة الياسمين والعطور.. وفلاحوها: «عاوزين نعيش»

كتب: محمد سعيد ورفيق ناصف وأحمد فتحى

«شبرا بلولة».. جنة الياسمين والعطور.. وفلاحوها: «عاوزين نعيش»

«شبرا بلولة».. جنة الياسمين والعطور.. وفلاحوها: «عاوزين نعيش»

رائحة عطرة تفوح فى أرجاء القرية، وتزيد قوتها وتأثيرها كلما اقتربت أكثر من حقول زهورها البيضاء التى تتلألأ وتزداد بياضاً مع أشعة الشمس المنعكسة عليها، إنها زهور «الياسمين» بقرية «شبرا بلولة»، التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، وتعتبر من أهم القرى والمناطق فى زراعة «الياسمين» على مستوى الجمهورية، يعيش الفلاحون بتلك القرية حياة مختلفة؛ حيث يبدأون جمع الزهور من المساء والساعات الأولى من الصباح وحتى ظهر اليوم التالى ليتجهوا بها فى الحال إلى المصانع لتصنيعها وتصديرها إلى الخارج «مادة خام» على هيئة «عجينة» لتتحول بعد ذلك إلى عطور وزيوت.

{long_qoute_1}

فى أحد حقول زراعة الياسمين يجلس محمد العجمى، 63 عاماً، يُفكر كيف سيتم التصرف فى المحصول بعد اقتراب موعد حصاده، «العجمى» يعمل فى زراعة زهور الياسمين منذ أن كان عمره 10 سنوات وكان وقتها يعمل باليومية، يحكى تفاصيل زراعة الياسمين قائلاً: «فى بداية شهر يناير بنقص الزرع كله خالص بمقص وبنسند الزرع الصغير بقطعة خشب صغيرة، وبنبتدى جمعه من بداية شهرى مايو ويونيو على حسب كل أرض اتقصت إمتى، لأن بيبقى لسه فيه أراضى خضرا لسه الزهرة مطلعتش، واللى بيتقص بدرى بيزهر بدرى واللى بيتأخر فى القص بيطلع الزهر متأخر».

يستكمل «العجمى» حديثه عن حصاد زهور الياسمين قائلاً: «من وقت الحصاد ده بنفضل كل يوم نجمع الزهر اللى اتفتح، وجمع زهور الياسمين بيبقى له أوقات معينة يعنى مثلاً فيه اللى بيبدأ يجمعه من الساعة 12 بالليل وفيه اللى بيبدأ 2 بالليل، وفيه ناس بتبدأ تجمعه من الفجر، عشان فى الآخر الكل يبقى مخلّص جمع الزهور كلها على 9 أو 10 الصبح، وآخر ميعاد لجمع الزهور بيتوقف على المصنع اللى هيستلم المحصول لأن فيه مصانع بتحدد ميعاد فى تسلم الزهور»، أما عن شهرة قرية «شبرا بلولة» بزراعة الياسمين على مستوى الجمهورية وتصديرها للخارج يقول: «أنا اتولدت لاقيت النوع ده من الزراعة والياسمين قدامى، وزرعته لما كنت صغير، وبدأت بعد كده زراعة الياسمين تنتشر بين الفلاحين فى أراضيهم، والفلاح البسيط اللى كان عنده قيراط أو اتنين بدأ يزرعها ياسمين لأنها زرعة حلوة، وكمان هنا بنزرع لارنج وده اللى مطلوب مننا فى أراضينا هنا، ومعندناش مزروعات تانية زى الفاكهة أو الخضراوات».

{long_qoute_2}

يحتاج حصاد زهور الياسمين صباح كل يوم إلى عدد عمالة كبير، لأن معدل جمع الفرد الواحد للزهور نحو قيراط واحد، حسبما أكد «العجمى» قائلاً: «يفضل يجمع فى القيراط ده كل يوم الصبح من شهر مايو لآخر السنة، وكل واحد فينا مش بيشتغل عند حد، كل واحد عنده أرضه ولو معندوش أرض بيأجر قطعة من صاحب أرض تانية عشان يزرعها وياكل من وراها»، وعن المرحلة التالية لجمع الياسمين يقول الرجل الستينى: «الفلاح بيجمع الزهور دى فى أى حاجة بقى سواء جركن أو سبت أو عبوة البوية، وبعد ما يجمع الزهور بيوصلها للمجمعات اللى هى وسيطة بينا وبين المصانع، وبيتحاسب عليه بالكيلو، والمجمعات دى هى اللى بتموت الأسعار، والسنة اللى فاتت بـ40 جنيه الكيلو للناشف، لكن فيه فلاحين تانيين بتنقع الياسمين فى الميّه عشان يوزن أكتر فى الميزان»،.

مستنداً بظهره على إحدى الأشجار فى وسط حقل زهور الياسمين واللارنج يجلس محمد الكرابيجى، 31 عاماً، ويعمل فى جمع زهور الياسمين، قائلاً: «الياسمين بيدخل فى صناعات كتيرة زى صناعة العطور والزيوت، واللارنج كمان بيدخل فى صناعة بعض الأدوية، ويتم تصدير الياسمين للخارج وإحنا نعتبر البلد الأول فى تصديره»، وعن أهم المشاكل التى يواجهها الفلاح البسيط فى «شبرا بلولة» يقول «الكرابيجى»: «المشكلة عندنا إن المصانع محتكرة السلعة، لأنهم مش بيقدروا التعب اللى بنتعبه فى جمع الزهور طول الليل لحد الصبح، ده أنا بسيب عيالى كل يوم بالليل وأنزل أجمع المحصول، وبعد ما يستلم منى المصنع المحصول كل يوم ميحاسبنيش ويستنى لحد آخر السنة عشان يقولى سعرها، وفى الآخر بيحط سعر قليل جداً، على الرغم من أنه بيكسب من وراها ملايين»، مؤكداً أن هناك فى الوقت الحالى 3 مصانع كبيرة تحتكر تصنيع زهرة الياسمين داخل «شبرا بلولة»، بالإضافة إلى مصنعين آخرين صغيرين لكنهما يرسلان الياسمين فى النهاية إلى الـ3 مصانع الكبيرة.

أصحاب المصانع يستغلون الفلاحين البسطاء من مُزارعى زهرة الياسمين فى الحصول على المحصول بمقابل ضئيل، حسبما أكد الشاب الثلاثينى، متابعاً: «الزهرة دى مشكلتها إنها مابتتخزنش ولو طلع عليها الشمس ومحدش قطفها بتدبل وتقع فى نفس اليوم، وتانى يوم متلاقيهاش وتلاقى زهرة جديدة بتاعت اليوم اللى بعده، وزهرة الياسمين لازم تدخل المصنع وتتصنع فى نفس اليوم، وهمّا بيستغلوا ده جداً كأصحاب مصانع وعارفين إننا كمان لازم نديهم المحصول ولا هيروح علينا تعبنا».


مواضيع متعلقة