بقلم كاتب بريطاني.. 5 سيناريوهات لمستقبل الاتفاق النووي بعد قرار ترامب

كتب: محمد البلاسي

بقلم كاتب بريطاني.. 5 سيناريوهات لمستقبل الاتفاق النووي بعد قرار ترامب

بقلم كاتب بريطاني.. 5 سيناريوهات لمستقبل الاتفاق النووي بعد قرار ترامب

رسم الكاتب البريطاني أنشل فايفر بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية 5 سيناريوهات محتملة قبيل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقف بلاده من الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الكبرى.

وكان مسؤول في البيت الأبيض، قد صرح بأن ترامب قد يعلن انسحابًا جزئيًا من الاتفاق، وأن يمضي في فرض العقوبات على إيران.

وانتقد ترامب مرارًا الاتفاق الذي يهدف إلى الحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

ويأمل الأوروبيون في التوصل إلى تسوية في محاولة في لإنقاذ الاتفاق، إذ حثت فرنسا وبريطانيا وألمانيا الولايات المتحدة على عدم التخلي عنه.

السيناريو الأول: التراجع بعد حرب التصريحات والاتهامات المتبادلة في الأسابيع القليلة الماضية، ويوقع "ترامب" على تنازل عن موقفه مرة أخرى "كما فعل كل أربعة أشهر منذ توليه منصبه"، لكنه سوف يقوم بذلك مع مجموعة من التحذيرات، ومع بعض الضغوط، وربما يكون التنازل هذه المرة لفترة أقصر من 120 يومًا.

وسيصرح "ترامب" أنه لا يزال ضد خطة العمل المشتركة المشتركة الخاصة بالاتفاق النووي، لكنه بذلك يعطي القادة الأوروبيين الذين طلبوا منه التمسك بالاتفاق فرصة أخيرة للتوصل إلى شروط أفضل، وليس مجرد دعاية، وسيكون هذا القرار في صالح "ترامب" لأنه سيحول الضغط بعيدًا عن واشنطن ويسمح للبيت الأبيض بالتركيز على التحضير للقمة المرتقبة مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون.

ولكن من غير المحتمل أن ينقذ ذلك الاتفاق النووي، لكنه سوف يطيل من أمد وجوده، حيث تضمنت المقترحات التي جاءت من ألمانيا وفرنسا عقوبات جديدة على برنامج إيران للصواريخ بعيدة المدى ومقترحات لطرق جديدة لمواجهة السياسات إيران في المنطقة، لكن كل ذلك قد فشل في إرضاء الإدارة الأمريكية، لكن أي تنازل أو تأخير آخر لن ينقذ الصفقة، خاصة أن ترامب ووزير خارجيته المعين حديثًا مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون مصممين على إنهاء الاتفاق بأي ثمن، وتابع إن عدم اليقين بشأن مستقبل الصفقة يكاد يكون مدمرا للاقتصاد الإيراني المتعثر مع احتمالات استئناف للعقوبات.

السيناريو الثاني: الجمود قد يُلجئ الرئيس الأمريكي لزيادة الضغوط على إيران من خلال عدم التراجع عن موقفه، وعدم الإقرار بأي تنازل، دون التسرع في إعادة فرض العقوبات، فالعقوبات التي تستهدف البنك المركزي الإيراني، والتي تهدف بالأساس إلى عرقلة اتفاقيات النفط الدولية التي أبرمتها إيران، ربما لا تدخل حيز التنفيذ لمدة 180 يومًا أخرى، ما يمنح الإدارة الأمريكية والدول الخمسة الموقعة على الاتفاق خمسة أشهر أخرى للبحث عن حل وسط، وسيكون هناك مهلتان جديدتان، 180 يومًا أخرى.

لكن بالتوازي مع مجموعة أكبر من العقوبات التي يمكن توقيعها في 11 يوليو القادم، وعند هذه النقطة، سوف يعمل الأوروبيون في اتجاهين، هما محاولة إيجاد حل لإقناع "ترامب" بالتراجع والتوقيع على تنازلات حتى لو تأخر ذلك، أفضل من لا شيء، وكذلك منع الإيرانيين من الانسحاب من الاتفاق، لأنه ليس من مصلحة إيران أن تفعل ذلك، لأن ذلك سيؤدي تلقائيًا إلى فرض عقوبات، لكن الإيرانيون قد أكدوا مرارا أنهم لن يوافقوا على أي مواقف غير حاسمة من الموقعين الآخرين.

وكما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبل أسبوعين، إنه "كل شيء أو لا شيء، لكن الواقع والمنطق يقول إن اللعب على كسب الوقت قد يخدم الإيرانيين تماماً كما يخدم ترامب".

السيناريو الثالث: فرض عقوبات جديدة يرفض "ترامب" التوقيع على التنازلات، وتعمل إدارته على إعادة فرض العقوبات بجدول زمني سريع، ومهما كانت أهداف هذه العقوبات، سواء القطاعات المرتبطة بالنشاط النووي أو الأنشطة الإيرانية الأخرى، فإن طهران سوف تعارضها وبذلك ينتهي الاتفاق النووي، لكن يمكن أن يترك الباب مفتوحاً أمام صفقة تعويض من جانب الموقعين الآخرين، بالإضافة إلى روسيا والصين اللتان كانتا تعملا مع إيران قبل خطة العمل المشتركة.

وقد يمثل هذا السيناريو أكبر معضلة دبلوماسية في تاريخ الاتحاد الأوروبي، فدول من الاتحاد وقعت على الاتفاق لكن الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الإتحاد، فيديريكا موجيريني، التي تساند وبشجاعة الصفقة مع إيران، ستكون عاجزة إذا لم يوافق قادة كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا على سياسة مشتركة، وستضطر كل من تيريزا ماي وإيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل إلى اتخاذ قرارات مستقلة حول ما إذا كان سيتم تبني اتفاق جديد مع إيران ما يمثل تحديا للولايات المتحدة، أم الموافقة على القرارات التي ستتخذها إدارة "ترامب".

ويعتبر القرار هامًا بالنسبة للدول الغربية الكبرى، فهم إما يتصرفون ضد سياساتهم المعلنة، وربما يتسبب في شرخ غير مسبوق في العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة، لكن المخاطرة كبيرة بالنسبة لبريطانيا ، حيث لا تزال لندن مركزًا ماليًا عالميًا كبيرًا للبنوك وشركات التأمين، حيث لعبت لندن دوراً مركزياً في فرض العقوبات على إيران في بداية هذا العقد، وسيكون قرارها حاسما في تجديد العقوبات أو التصدي لها، أو في حالة انضمام بريطانيا إلى الائتلاف الدولي في محاولة لإنقاذ الاتفاق، وكما هو الأمر بالنسبة لإيران، فبالنسبة لروسيا والصين، فإن حدوث أزمة كبيرة في العلاقات الأمريكية الأوروبية قد يعرّض تماسك حلف الناتو للخطر، وسيكون ذلك إنجازًا هائلاً بالنسبة لهما، ومن الممكن أن يكون حافزاً قويا لإيران بالاتزام بخطة العمل المشتركة على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة.

السيناريو الرابع: استئناف إيران لتخصيب اليورانيوم بمستوى أقلبناءً على شدة العقوبات الجديدة والرد الأوروبي، سيكون على إيران أن تقرر ما إذا كانت ستتعامل مع التهديدات بالانسحاب من خطة العمل المشتركة، فقد تلتزم بالاتفاق حتى لا تفقد ما قيمته مليارات الدولارات التي جاءت بسبب تخفيف العقوبات أو تنسحب.

ويمكن لإيران أن تحاول الوصول إلى حل وسط قبل ذلك، فالجزء الرئيسي للصفقة من الجانب الإيراني هو القيود المفروضة ذاتيًا على تخصيب اليورانيوم، مع ما يقرب من ثلث مجموع أجهزة الطرد المركزي التي لا تزال تعمل حاليًا، لكنها لا تقوم بتخصيب اليورانيوم أو تخصبه بمستوى منخفض نسبيًا يبلغ 3.67٪، ولن تستغرق عملية استئناف التخصيب إلى مستويات ما قبل خطة العمل المشتركة أو إعادة تنشيط أجهزة الطرد المركزي وقتا طويلا.

وربما تظهر صور الأقمار الصناعية الأخيرة نشاط متزايد يشير إلى خطة بديلة للقيام بعملية التخصيب عند الطواريء فقط.فزيادة نسبة التخصيب، عودة إلى المستويات السابقة سيكون مخالفا للاتفاق، لكن إيران يمكن أن تدعي أن الولايات المتحدة هي التي تسببت بانهيار الاتفاق أولاً، وأن تلك النسبة لا تمكنها من إنتاج سلاح نووي، لذلك يمكنها ان تدعي أنها لا تزال ملتزمة بمعايير معاهدة حظر الانتشار النووي.

وفي حين أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعجل بحدوث أزمة، إلا أنها تمثل موقفا قابلا للرجوع عنه، وهو وضع تفاوضي قد يعمل على جعل جميع الأطراف تتوقف وتفكر، لكن ذلك يفترض التراجع عن سياسة حافة الهاوية من جانب إدارة "ترامب" او من جانب الفصيل المتشدد في طهران، والذي ثبت بالفعل أنه أقوى في الأشهر الأخيرة من الفصيل "المعتدل" الذي يقوده الرئيس حسن روحاني.

ومن العناصر الأخرى التي يمكن أن تلعب دورًا في هذه المرحلة "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني العامل في سوريا أو لبنان، ووفقاً لمعلومات استخبارية إسرائيلية، فإن إيران كانت منذ أسابيع تخطط لشن هجوم انتقامي ضدأهداف إسرائيلية، في أعقاب الغارات الجوية ضد القواعد الإيرانية في سوريا، في حين أن الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية تبدو صراعاً منفصلاً، حيث إن أي تصعيد على هذه الجبهة سوف يؤثر مباشرة على عملية صنع القرار لدى جميع الأطراف بشأن القضية النووية أيضاً، وإذا تم شن هجوم انتقامي، فمن المستحيل لإدارة "ترامب" أن تتخذ قرارا بتخفيف العقوبات أو أن يستطيع الأوروبيون إقناع واشنطن بذلك.

السيناريو الخامس: سياسة حافة الهاوية

إن الاتفاق النووي الإيراني عبارة عن تسوية دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران في شكل صفقة للحد من التسلح، ومهما كان غير مرض، يبقى أفضل من احتمالات الحرب، وربما قال أوباما مراراً "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" ، لكن قليلين في المنطقة كانوا مقتنعين على الدوام بأنه مستعد للتفكير في الخيار العسكري، في حين أن إيران تمسكت بحقوقها في الحصول على طاقة نووية، ولكنها في النهاية كانت مستعدة للحد من هذه الحقوق في مقابل رفع العقوبات، ولكن متغيرا جوهريا قد طرأ على تلك المعادلة، وهو انتخاب "ترامب" وصعود الفصيل المتشدد في طهران، والذي لم يكن مؤيدا أبدا لخطة العمل المشتركة.

وحتى الآن لم يتضح إلى أي مدى يرغب أي من الجانبين في التمادي في الأمر، وأسوأ السيناريوهات هو قيام الولايات المتحدة بالتحضير للحرب في أعقاب فرض العقوبات، مع أكبر حشد عسكري في الشرق الأوسط منذ حرب العراق في عام 2003.

وفي مثل هذه الحالة، سيكون هناك سباقًا لمنع إيران من الوصول إلى خط النهاية في التخصيب النووي، والذي نجحت كوريا الشمالية مؤخرًا في عبوره، وهذا يعني الحرب، ومن المرجح أن تتأثر بلاد أخرى بتلك الحرب مثل المملكة العربية السعودية وسوريا ولبنان وإسرائيل، ولكن لا يزال مثل هذا السيناريو يبدو بعيد المنال، لكن كل ما يتطلبه الأمر هو اتخاذ قرار في طهران بتغيير الاستراتيجية ومحاولة استخدام فترة التجاذب بشأن الاتفاق النووي للفوز بالحصانة النووية، وربما يتطلب ذلك خطة عمل تماثل لما طبقه كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية.


مواضيع متعلقة