رضوى هاشم تكتب: يعيش فينا

كتب: رضوى هاشم صحفية بقسم الأخبار

رضوى هاشم تكتب: يعيش فينا

رضوى هاشم تكتب: يعيش فينا

«تشتغلى فى الوطن» كان سؤالاً مباغتاً من زميلى طارق عبدالعزيز يخبرنى به أنه رشحنى لأكون من أوائل الملتحقين بهذا الكيان الوليد الذى تتداول أخباره فى المجالس الصحفية، أخبار عن ما سيوفره هذا الكيان لصحفية من إمكانيات غير مسبوقة، كيان يعى أهمية الصحفى فى وقت كانت اعتصامات الصحفيين فى الصحف الأخرى لأيام وشهور للمطالبة بأبسط حقوقهم، وقت كانت الصحفية تغادر صحيفتها لمجرد زواجها أو انتظار مولود، بحجة أن ذلك سيعطل مسيرة العمل، فى خضم ذلك فتح لنا «الوطن» الأبواب على مصراعيها، لم يكن علينا سوى «الحلم» وكل ما يطلب سيجاب، فى منتصف فبراير 2012 كنت أمضى عقدى الأول فى الجريدة، عقد اخترت طواعية أن يربطنى بالمكان برباط أبدى، وصار رقمى الذى أفتخر به 52 كناية عن أنى من مؤسسى «الوطن»، وطن قدر لى فيه أن أكون صوت من لا صوت له بحق، أن أكون لسان حجر لا ينطق ولكن يحمل بين طياته حضارة آلاف السنين أن أدافع عن تاريخ ممتد بامتداد الزمن، تاريخ خضت من أجله معارك كانت سبباً فى الإطاحة بمسئولين لم يعوا مقدار مسئوليتهم وما حُملوا به، معارك قادتنا إلى ساحات القضاء وكان «الوطن» صوتاً للأثر وسوطاً يضرب كل من تسول له نفسه المساس به، لا أزال أذكر تلك المرة التى هاتفنى فيها المتحدث باسم النيابة الإدارية يطلب منى مستندات فساد أحد المشروعات الأثرية التى نشرت بـ«الوطن»، وبالرغم من تخوفى الذهاب إلا أن فرحتى بقرار إحالة القضية لمحاكمة عاجلة ومراجعة بنود الصرف فى المشروع بأكمله، وصدور قرار رئاسى من «السيسى» بإسناد المشروع للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة كانت كافية لأن أضمها لانتصاراتى الصغيرة فى «الوطن» الكبير. لم يعد 16 شارع مصدق مجرد عنوان لعمل نقصده يومياً، بل هو أكثر، فعلى هذه المكاتب قضينا ساعات نبحث وننقب ونستقصى، ومن هنا هرعت إلى وزارة الثقافة أتسلق الأسوار وأنا فى شهرى السادس من الحمل لمتابعة اعتصام المثقفين لحظة بلحظة، وهناك جمعتنا مائدة فى عيد اخترنا أن نقضيه فى العمل، وبالرغم من بعدنا عن الأهل والأصدقاء فإن كلمة وابتسامة وضحكة جمعتنا وتقرير نشر فى اليوم التالى عن فرحة المواطنين بالعيد كانت كفيلة أن تخلق لدينا مخزوناً من الذكريات لا ينضب، زملاء تقاسمنا معاً الدمعة والفرحة وصرنا أكثر من أخوة فى رحلة «وطن»، رحلة لم تكن كغيرها.. حقاً لم يعد هذا المكان «وطن» نعيش منه بل هو «وطن» يعيش فينا.


مواضيع متعلقة