غرائب وجرائم| قصة الرصاصة التي سقطت في طبق العمدة

كتب: منة العشماوي

غرائب وجرائم| قصة الرصاصة التي سقطت في طبق العمدة

غرائب وجرائم| قصة الرصاصة التي سقطت في طبق العمدة

يجلسون حول مائدة العمدة بعد فوزه بالانتخابات في إحدى القرى المصرية عام 1943، ليتناولوا ما لذ وطاب من الوليمة المليئة بأنواع الشواء المعدة للاحتفال، حتى يتفاجأ الجميع برصاصة وهي ترتطم بالحائط فوق رأس العمدة تمامًا، ثم تسقط في طبقه، حالة من الذهول انتابته ثم صرخ: "إنها محاولة قتل".

وعندما حاول العمدة أن يمسك الرصاصة الساقطة في طبقه، صرخ به طبيب القرية، الذي كان أحد الحضور، حتى لا يلمسها ثم أسرع بوضع الطبق والرصاصة داخل كيس بلاستيكي، واتصل بالنيابة.

اعتقد العمدة أن محاولة قتله كانت من أحد خصومه بعد فوزه بالانتخابات، ولم يكن يعلم أن هذه الرصاصة، التي سقطت داخل طبقه كانت السبب في الوصول إلى الحقيقة الكاملة، بحسب سلسلة مقالات للدكتور نبيل فاروق تحت عنوان "طب ولكن جنائي".

لم يكن هناك ما يدين أي من منافسي العمدة، كونهم ليس لديهم دافع لقتله، خصيصًا أن نتيجة الانتخابات قد ظهرت، ولا يوجد دليل يدين أي شخص، كما لم يكن يوجد مشتبه فيه، حتى جاء تقرير الطب الشرعي من قبل دكتور عبدالغني البشري، وهو كان أمل وكيل النيابة الوحيد بعد أن شعر بأن طريقه مسدود.

"الرصاصة أطلقت من بندقية قديمة، عيار 9 مليمتر، على شخص يرتدي جلبابًا صوفيا أزرق اللون، أسفله قميص من الكتان الأبيض، ولقد أصابت الرصاصة هذا الشخص من مسافة قريبة، واخترقت ذراعه أو كتفه، ثم عبرته إلى حائط مطلي بجير وردي اللون، الذي يبعد عن موضع الحدث الأول مائة متر".. هكذا كان نص التقرير عبدالغني البشري أشهر رجال الطب الجنائي في الشرق الأوسط.

اتخذت تحريات الشرطة اتجاه جديد بدلًا من البحث عن خصم يستهدف العمدة بل تحول إلى شخص مجهول أصابته رصاصة من مكان قريب، وبالفعل استطاعوا العثور على شاب يبلغ من العمر 24 عامًا، كان مصابًا في ذراعه، ولكنه في بداية الأمر رفض قول السبب حتى اعترف بعد الضغط عليه.

وقال الشاب في اعترافه إنه كان يجلس مع شقيقه في حقلهما، الذي يبعد 120 مترًا عن منزل العمدة، واشتد بينهما الشجار حتى أخرج أخيه المسدس، وعندما حاول منعه من استخدامها انطلقت الرصاصة واخترقت ذراعه، كما قال المجني عليه أنه كان يرتدي جلبابًا صوفيًا أرزق اللون وأسفله قميص كتاني أبيض.

اكتشاف الحقيقة وانتهاء التحقيق لم يجعل وكيل النيابة يخرج الموضوع من ذهنه، فسرعان ما ذهب إلى الدكتور بشري مستفسرًا عن النتائج التي توصل إليها من خلال هذه الرصاصة، خصوصًا أنه وجد في التقرير تفاصيل مليئة بالدقة عن الحادث لم يسبق أن يراها من قبل في أي تقرير جنائي رغم أن الطبيب الشرعي يراه أمرًا طبيعيًا.

ولكن وكيل النيابة لديه الشغف لمعرفة كيف تمكن البشري من تحديد كل هذه التفاصيل، فشرح له دكتور الطب الشرعي أنه وجد الرصاصة تحتوي على عدة طبقات الأولى من ألياف الصوف زرقاء اللون وبعدها ألياف من الكتان الأبيض وتليها أنسجة بشرية ودم ثم أنسجة بشرية مرة أخرى وتنتهي بألياف صوفية.

واستكمل البشري حديثه بأن ذلك يدل على أن الرصاصة اخترقت الشخص الذي يرتدي زيًا صوفيًا أزرق، ولأن هذا الحادث في الريف، فيعني ذلك أنه جلباب، وأسفله القميص الأبيض الكتان ثم اخترقت الجسد وحدث ما وصفه سابقًا في التقرير.

أما عن المسافة المحددة بين مكان الحادث ومنزل العمدة، أوضح البشري أن الرصاصة ارتطمت بحائط البيت وسقطت على الفور، فتضاءلت سرعتها وبعد حساب القوة الأولية وما ستفقده من سرعة بعد انطلاقها في ذراع المجني عليه واختراقها، استطاع تحديد المسافة.


مواضيع متعلقة