أرض الخيول الأصيلة.. شعارها «حصان جامح»

كتب: أحمد العميد ونظيمة البحراوى

أرض الخيول الأصيلة.. شعارها «حصان جامح»

أرض الخيول الأصيلة.. شعارها «حصان جامح»

«حصان أبيض جامح يتوسط بساطاً أخضر».. شعار تجده أمامك فى كل مكان بمحافظة الشرقية، هو شعارها الذى لم يأت من فراغ، فالمحافظة امتازت بتربية الخيول العربية الأصيلة عبر العصور، لذا ستجد مجسمات الخيول على جدران المبانى الحكومية وواجهات الهيئات التابعة للمحافظة وعدد من الميادين الرئيسية، أشهرها ديوان عام المحافظة.

{long_qoute_2}

طريق ترابى لا يزيد عرضه على 6 أمتار يتفرع من الطريق الرئيسى بمركز فاقوس، تضطر إلى قطع نحو 4 كيلومترات فى هذا الطريق حتى تصل إلى قرية السماعنة الشهيرة بتربية الخيول، لا تسير وحدك على الطريق الترابى الذى تحيط به الأشجار، فبين كل مسافة وأخرى خيول تخرج لتمشى بهدوء على هذا الطريق، هو سلوك اعتاد عليه أهالى القرية المحبون والمربون للخيول أن يخرجوها إلى الطريق للمشى والتنزه بدلاً من حبسها داخل الإسطبلات، فالخيول «شاردة تحب الحرية»، حسبما يقول محروس أبورهى، 90 عاماً، الذى ورث تربية الخيول منذ الصغر وأورثها لنجله.

يتعثر الرجل فى الحديث لعمره الكبير، فيشير إلى نجله أحمد فى العقد السادس من عمره، ليسرد أهمية الخيول بالنسبة إلى القرية واعتيادها على تربية الخيول، يقول «أحمد»: «القرية هنا مشهورة بتربية الخيول وفيه قرى تانية زينا، لأن الشرقية كلها مكان مشهور بتربية الخيول، واحنا ورثناها عن جدودنا، بنعرف العربى الأصيل من غيره، والخيول زى البشر كل حصان ليه شخصية مختلفة عن التانى، فيه العصبى واللى بيزعل بسرعة وفيهم الصفات بتاعتنا»، مشيراً إلى أن غالبية بيوت القرية تجاورها إسطبلات أو زرايب لتربية الخيول وبيعها أو تربيتها لأصحابها، لافتاً إلى أن لديه مهراً صغيراً جلبه صاحبه من القاهرة لتربيته وتعليمه الرقص، ويتابع: «هنا بنعلمه الرقص على المزمار وبنخليه يعمل الحركات وقت الطبلة والمزمار ونوقفه وقت ما تسكت»، موضحاً أن الرقص بالخيول «نزاهة» لا يفعلها ولا يحبها إلا من يقدر الخيل، وأن حب الخيول وتربيتها موجود ليس فى الشرقية وحسب بل فى كل محافظات الصعيد، حيث تأتيه خيول من محافظات بعيدة لتربيتها وتدريبها على الرقص، ما يعد مصدر رزق له. ويقول الطحاوى سعود، أحد كبار عائلة الطحاوية، مربى كبير للخيول العربية الأصيلة: «ارتبطت نشأة الخيول فى مصر بقبيلة الطحاوية التى تنحدر من قبيلة الهنادى، واتخدوا الشرقية مكاناً لإقامتهم الدائمة بعد وصولهم إلى مصر خلال فترة الفتوحات الإسلامية»، مشيراً إلى أن «الطحاوية» أسهمت فى استجلاب أفضل سلالات الخيل من شبه الجزيرة العربية، حيث اعتادوا على اقتناء الخيل الذى كان مصدراً للتفاخر والتباهى بين القبائل، وأشار «الطحاوى» إلى أن من أهم الخيول التى استجلبها الطحاوية الحصان دهمان عامر، الذى استجلبه الشيخ عبدالله سعود يونس الطحاوى، وتم تسجيل شهادة نسب للحصان وظل ينتج هذا الحصان فحولاً لمدة نحو 20 عاماً، مؤكداً أن أبناء الطحاوية دأبوا على شراء وتربية أجود الخيل وأغلاها ثمناً، وخلال فترة عهد محمد على ازدهرت تجارة وتربية الخيول وتم تنظيم العديد من المسابقات التى فاز بها الطحاوية، بخلاف مشاركتهم فى الحروب إبان فترة الوالى محمد على باشا، مضيفاً أن أبناء قبيلة الطحاوية يتمسكون بتربية الخيول حتى الآن، على الرغم من تراجع الاتجار فيها وارتفاع تكلفة التربية ولكنها بالنسبة لهم مثل أبنائهم وشرفهم وكرامتهم فلا يستطيعون الاستغناء أو التخلى عنها.

{long_qoute_1}

وتقول الدكتورة «رشا حسن رأفت»، مدير إدارة الحفاظ على التراث بمحافظة الشرقية، إن الخيول تكسب الشرقية أهمية خاصة، كما تحتفل الشرقية بعيدها القومى فى التاسع من سبتمبر من كل عام، إحياء لذكرى وقفة الزعيم أحمد عرابى من قرية هرية رزنة مركز الزقازيق ضد الخديو توفيق بميدان عابدين بالقاهرة، عارضاً مطالب الجيش عام 1881م، التى امتطى فيها الحصان وشهر سيفه فى وجه الخديو، ليتحول الخيل بالمحافظة إلى مصدر للفخر والكرامة والعز، وتابعت: «اتجهت الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بالشرقية لاستثمار الخيل فى مجال السياحة من خلال توظيف واستثمار بطولات الخيل ورياضاته عن طريق إقامة مهرجان للخيول العربية، يدعى إلى حضوره والاشتراك فى فعالياته، المحبون والهواة، والمهتمون بالخيل وبطولاته ورياضاته.

اقرأ أيضًا:

جولة فى المحافظات الشرقية.. الأصيلة

«القراموص» حارسة «البردى».. قرية أحيت زراعة «أوراق الفراعنة» بعد اندثارها

البسايسة.. مركز إشعاع الطاقة الشمسية

صان الحجر.. غابة المسلات والأسوار الأثرية

تل بسطة.. هنا القطة «باستيت» التى كانت تُسكت بكاء الأطفال بـ«الشخليلة»

منزل عبدالحليم حافظ.. قِبلة محبيه و«لو كان مهجوراً»

زراعة الورد فى «العدلية».. حالة عشق وراثية قبل التجارة

سادات قريش.. أول مسجد فى أفريقيا.. قِبلة الأهالى فى الأفراح والجنازات

«الصديقان».. آخر «صنايعية الحصير» يصارعان لبقاء المهنة

متحف «عرابى» مقلب قمامة كريه الرائحة بفعل الزمن والإهمال

سوق مواشى «ديرب نجم»: بؤرة تلوث ومرتع مخدرات ومطالب شعبية بنقله

سكان «اجتماعى العاشر»: «أملنا اتحقق بشقة فى مكان نضيف»

الأسطى أسماء: «شربت الصنعة على إيد والدى»


مواضيع متعلقة