«إهناسيا» عاصمة الفراعنة.. قهرت الزمن وهزمها الإهمال وتراجع زواها

كتب: أحمد عصر وعمرو رجب

«إهناسيا» عاصمة الفراعنة.. قهرت الزمن وهزمها الإهمال وتراجع زواها

«إهناسيا» عاصمة الفراعنة.. قهرت الزمن وهزمها الإهمال وتراجع زواها

«نن سوت» أو «إهنيس».. تطور هذا الاسم حتى وصل حالياً إلى «إهناسيا»، هى تلك المدينة التى كانت مقراً لحكم مصر فى 2452 وحتى 2242 قبل الميلاد فى عهد الأسرتين التاسعة والعاشرة لمدة قاربت قرنين من الزمان، وتحولت بقرار من وزارة الداخلية عام 1944 إلى مركز تحت اسم «إهناسيا المدينة»، وعدلت التسمية بالقرار الجمهورى رقم 1755 لسنة 1965م إلى إهناسيا، التى تقع على مسافة 17 كيلومتراً غرب محافظة بنى سويف، ومن إهناسيا تنتمى أسرة الفرعون شيشنق مؤسس الأسرة الثانية والعشرين. أرض إهناسيا تحوى «المنطقة الأثرية» التى تضم العديد من بقايا المعابد التى عثر فيها على مجموعة كبيرة من الآثار أهمها تمثالان من الكوارتز لرمسيس الثانى، وقد كانت مزاراً مهماً للسياح لمشاهدة الآثار إلا أنها سقطت ضحية الإهمال عبر العصور المختلفة.

عادل العسيلى، موظف بالوحدة المحلية ومقيم فى مدينة إهناسيا، يقول «نفتخر بأن جدودنا كانوا ملوكاً وحكاماً لمصر، ودائماً ما يردد الأهالى أن إهناسيا كانت عاصمة لمصر فى فترة فى التاريخ الفرعونى، إلا أن الغالبية لا يمتلكون معلومات عن تاريخ إهناسيا»، متابعاً: «فى عام 2452 قبل الميلاد ظهرت أسرة قوية فى منطقة إهناسيا الحالية، استطاعت تأسيس الأسرتين التاسعة والعاشرة، وبسطت نفوذها على أقاليم مصر الوسطى وعلى الدلتا عبر قرنين من الزمان، إلا أن ملوكها لم ينجحوا فى إعادة الوحدة إلى البلاد، خاصة بعد منافسة أسرة قوية ظهرت فى طيبة (الأقصر حاليا)، واستطاع أمراؤها القضاء على الأسرة العاشرة فى إهناسيا، وإقامة أسرة جديدة هى الأسرة الحادية عشرة، التى بها يبدأ عصر الدولة الوسطى، إلا أن مدينة إهناسيا عادت لها مكانتها مرة أخرى فى عهد البطالمة، كمكان للعبادة ومركز ثقافى فى مصر، وحاول الحكام الإغريق إيجاد تناسق بين آلهتهم وبين آلهة قدماء المصريين، كما كان لها مكانة خاصة خلال العصر الرومانى وهو ما ظهر فى بعض الآثار التى عثر عليها بمنطقة إهناسيا».

وعن أهم الآثار التى تحويها مدينة إهناسيا يقول عمر زكى، مدير عام آثار بنى سويف: «أتاح الموقع الجغرافى الاستراتيجى لإهناسيا أن تلعب دوراً مهماً فى تاريخ مصر، وأن تصبح عاصمة البلاد خلال الأسرتين التاسعة والعاشرة وأن تحتل مركزاً مرموقاً فى الآداب والديانة والأساطير المصرية القديمة، وبقايا المنطقة الأثرية تبلغ مساحتها نحو 360 فداناً وكانت عاصمة للإقليم رقم 20 وقد عرفت قديماً باسم «نن سوت» أى مدينة الطفل الملكى، وكان الإله المحلى لها هو «حرى شوف» الذى يعنى «الذى هو فوق بحيرته»، وعندما دخل اليونانيون مصر شبّهوا هذا الإله بإلههم هرقل لهذا أطلقوا على المدينة اسم «هيراكليوبوليس» أى مدينة الإله هرقل، وورد اسم إهناسيا وإلهها على حجر (بالرمو) منذ الأسرة الأولى، واستمرت إهناسيا تلعب دوراً مهماً حتى نهاية العصر الرومانى وقد ظلت طوال العصور الفرعونية مشهورة بالعديد من القصص والأساطير المصرية ولعل أشهرها تلك التى تتحدث عن هلاك البشر وأخرى تفيد أن الشمس قد ظهرت لأول مرة فى إهناسيا.

وتابع «زكى» قائلاً: عرف ملوك الأسرتين التاسعة والعاشرة جميعهم باسم «خيتى» وكان مؤسس الأسرة التاسعة هو «مراى إيب خيتى الأول» ولعل التراث الذى تركته هاتان الأسرتان تمثل بشكل واضح فى قصة (القروى الفصيح ونصائح مرى كارع) وكانت إهناسيا آنذاك هى مقر الملك، وأهم ما اكتشف قديماً بالمنطقة هو بقايا معبد الإله «حرى شف» الذى أكمله رمسيس الثانى فى الدولة الحديثة فوق بقايا معبد منذ عصر الدولة الوسطى، كما كشف عن بقايا معبد يعود إلى العصر اليونانى ويعرف باسم «البازيلكا» ويتبقى من هذا المبعد أربعة أعمدة وهى من الجرانيت الأحمر، مشيراً إلى أن العديد من البعثات الأجنبية عثرت على العديد من الآثار بعضها فى متاحف العالم.

إهمال المنطقة الأثرية بإهناسيا لعقود طويلة كان سبباً رئيسياً فى تراجع زوارها، وبالتالى هجر أبناؤها العمل فى الأنشطة السياحية بعكس المدن الأثرية والسياحية الأخرى فى مصر التى ما زال أهلها يعملون بالنشاط السياحى، حسبما يرى كمال عبدالمعز، مدير مدرسة ابتدائية، ومقيم فى مدينة إهناسيا.


مواضيع متعلقة