الطب النفسي بالعصور الوسطى.. الحرق والديدان وثقب الدماغ لطرد الشياطين

كتب: رحاب عبدالراضي

الطب النفسي بالعصور الوسطى.. الحرق والديدان وثقب الدماغ لطرد الشياطين

الطب النفسي بالعصور الوسطى.. الحرق والديدان وثقب الدماغ لطرد الشياطين

مع التطور الطبي والتكنولوجي خلال الفترة الحالية، تتواجد العديد من الطرق الطبية للاعتناء بالأشخاص المصابين باضطرابات نفسية أو عصبية، حيث غالبا ما يتم منحهم عقاقير مضادة للتشنج ومسكنات كما يتم أحيانا اللجوء إلى العلاج بالصدمة الكهربائية.

ولكن في العصور الوسطى والقديمة، اختلفت سبل العلاج كثيرا، حيث استخدمت طرق غريبة وقاسية لعلاجهم، اتجهت أساسا نحو الروحانيات وطرد الشياطين، بحسب "العربية".

الفصد وإخراج الدم ودود العلق

ولم يتردد الأطباء خلال تلك الفترة بمناطق أوروبا الغربية، في الاعتماد على طرق قديمة ذات أصول إغريقية وشرقية من أجل علاج المصابين باضطرابات نفسية أو عصبية، ومن ضمن هذه الطرق نجد العلاج التقليدي والشائع حينها والذي عرف بالفصد حيث يقوم هذا العلاج الغريب على إحداث شق بأحد الأوردة الرئيسية للجسم بهدف إخراج الدم.

ومن أجل تسهيل هذه العملية أكثر لم يتردد أطباء تلك الفترة في استخدام دود العلق والذي كان ذا فاعلية كبيرة في سحب الدم.

وأيضا لم تتوقف هذه الممارسات الطبية الغريبة عند هذا الحد فتزامنا مع ذلك، تم اللجوء إلى ما يعرف بعمليات طرد الأرواح الشريرة "Exorcism" والتي قامت أساسا على ممارسة شعائر وطقوس دينية على المريض بهدف طرد الشياطين التي آمن أطباء تلك الفترة بتواجدها داخل جسمه.

التقيؤ والجلد والحرق

ووجدت بعض الطرق الأخرى الغريبة أيضا، والتي عرفت انتشارا واسعا منذ القديم، ومن خلالها حاول أطباء العصور الوسطى إجبار المصابين باضطرابات عصبية ونفسية على التقيؤ عن طريق تقديم أطعمة وعصارات مقززة إليهم، حيث آمن الجميع حينها بإمكانية إخراج الشياطين من الجسد بهذه الطريقة وأمام عدم تحسن حالة المريض لم يتردد المختصون حينها في اللجوء إلى علاجات أخرى أكثر قسوة كالجلد والحرق أو إجبار المريض على شرب كميات هائلة من الماء البارد.

ثقب الجمجمة وأبوقراط

إلى ذلك، عانى المرضى النفسيون والمصابون باختلال عصبي وخاصة مرضى الصرع، والذي يعد اختلالا عصبيا ناتجا عن اضطراب الإشارات الكهربائية في خلايا المخ، خلال فترة العصور الوسطى من علاج تعيس ومؤلم عرف بثقب الجمجمة.

 وشهد علاج ثقب الجمجمة ظهوره منذ آلاف السنين، وقد نصح به الطبيب اليوناني الشهير والملقب بأبي الطب أبوقراط.

ومن خلال هذا العلاج، يتم تثبيت المريض وخاصة المصابين بالصرع بهدف منعهم من الحركة، وعلى إثر ذلك يتكفل الطبيب بإحداث ثقب في جمجمة المريض باستخدام عدد من الأدوات الحادة (خاصة المثقاب اليدوي).

وآمن معظم الناس خلال فترة العصور الوسطى بفكرة ثقب الجمجمة كعلاج فعّال من أجل إحداث ثغرة في رأس المريض تستخدم كمخرج للشياطين والأرواح الشريرة المتواجدة هنالك.

واستمرت مثل هذه الطرق الغريبة لعلاج المرضى المصابين باضطرابات نفسية أو عصبية طيلة عصر النهضة لتعرف تراجعا تدريجيا مطلع القرن التاسع عشر، بفضل إنجازات عدد من الأطباء كالطبيب الفرنسي فيليب بينيل (1745 - 1826)، الذي طالب بمعاملة أكثر إنسانية لهذا النوع من المرضى، مؤكدا أن حالتهم ناتجة عن تراكم عوامل جسدية ونفسية.

تزامنا مع ذلك اقترح الطبيب الفرنسي علاجا آخر يقوم أساسا على الحوار مع المرضى، إضافة إلى كل ذلك لعب الطبيب الأميركي بنجامين راش (1745 – 1813) ومواطنته الممرضة دوروثيا ديكس (1802 – 1887) دورا هاما في بعث مستشفيات خاصة بالمرضى النفسيين.


مواضيع متعلقة