بوتو: حاضنة «حورس» المجهولة حتى الثمانينات

كتب: أحمد العميد وسمر عبدالرحمن

بوتو: حاضنة «حورس» المجهولة حتى الثمانينات

بوتو: حاضنة «حورس» المجهولة حتى الثمانينات

لم تيأس السيدة من عودة عرش مصر إلى أسرتها بعد أن قُتل زوجها على يد شقيقه، فأخذت رضيعها لتهرب به إلى تل بعيد عن أعين عمه لترعاه حتى يكبر، وكبر الطفل «حورس» وحقق أمنية والدته «إيزيس» وأخذ بثأر أبيه «أزورويس» من عمه «ست».. هذه أقدم أسطورة مصرية، ولم يكن المكان الذى نشأ فيه حورس سراً يحير «ست» فقط بل حير أيضاً العلماء عن ذلك المكان المجهول «بوتو» الذى يرونه على الجداريات الأثرية، يراه العلماء فقط على جدران المقابر والمعابد لكن أين هو؟ لا أحد يعلم أين تقع «بوتو» عاصمة مصر الشمالية، ليظل الأمر مجهولاً حتى يتم الكشف عنه للعالم قبل نحو 30 عاماً، فقط ليهز الخبر علم الآثار وكل علمائه على يد بعثة من جامعة طنطا والمجلس الأعلى للآثار.

{long_qoute_1}

نحو 176 فداناً من التلال الترابية الذى تخفى أسفلها أكثر القطع الأثرية قيمة الممتدة لـ5 آلاف سنة تقريباً، هذا الموقع كان يقصده الملوك قديماً لتقديم القرابين ويحصلون على الشرعية بالحكم، إنها «بوتو» عاصمة مصر الشمالية التى بحث عنها القاصى والدانى من المولعين بالآثار المصرية القديمة، وباكتشافها تكتمل قصة مصر القديمة.

«أنت واقف دلوقتى وتحتيك آثار ولما تتقدم مترين بس هتبقى واقف على آثار تانية، فى كل شبر من المنطقة دى آثار لا تقدر بثمن».. بهذه الكلمات استهل الدكتور حسام غنيم، مدير إدارة آثار غرب كفر الشيخ حديثه عن المنطقة من أمام تمثال للملك رمسيس الثانى ولوحة تعود للملك تحتمس الثالث، ويقول إن بوتو كانت‏ ‏تعتبر‏ ‏المصدر‏ ‏الوحيد‏ ‏لإضفاء‏ ‏شرعية‏ ‏الحكم‏ ‏لملوك‏ ‏مصر‏، ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏عليهم‏ ‏الذهاب‏ ‏إليها لتقديم‏ ‏القرابين‏ ‏للإلهة «واجت» مانحة‏ ‏السلطة‏، ‏ويحتوى التل ‏على ‏جبانة‏ «بوتو‏ ‏العظيمة» ‏التى ‏وجد‏ ‏بداخلها‏ ‏آلاف‏ ‏التوابيت‏ ‏البرميلية‏ ‏الشكل‏ ‏والآدمية‏ ‏أيضاً، ‏ ‏وهى ‏أشكال‏ نادرة ‏منقوش‏ ‏عليها‏ ‏كتابات‏ ‏توضح‏ ‏طقوس‏ ‏دفن‏ ‏الموتى ‏عند‏ ‏قدماء‏ ‏المصريين‏، ‏بالإضافة‏ ‏إلى ‏مجموعة‏ ‏تمائم‏ ‏وحلى،‏ أما‏ ‏منطقة‏ ‏المعابد‏ ‏التى ‏تمتد‏ ‏لمساحة‏ ‏تسعة‏ ‏آلاف‏ ‏متر‏ ‏مربع‏ ‏للأسف لم‏ ‏يكتشف‏ ‏من‏ ‏معابدها‏ ‏سوى ‏معبد‏ ‏الإلهة‏ «واجت‏»، ‏بينما‏ ‏تؤكد‏ ‏الكتابات‏ ‏الآثرية‏ ‏أن‏ ‏هناك‏ ‏معابد‏ ‏للإلهة‏ ‏إيزيس‏ ‏والإله‏ ‏حور‏ ‏وآلهة‏ ‏آخرين‏.‏

وأضاف «غنيم» أن المنطقة عبارة عن 4 تلال متجاورة يرجع تاريخها للألف الرابع قبل الميلاد، بالإضافة إلى المنطقة المقدسة التى تضم مدخلين للتعبد والعبادة، والجبانات فى الجهة الغربية، لأن المصرى القديم كان يؤمن بفكرة البعث والخلود، وكانت تعتبر تلك المنطقة بمثابة القلعة أو الحماية أو الحصن، وظل الأثريون أوقاتاً طويلة يبحثون عن مكانها، حيث إنهم بحثوا فى عدد من المحافظات ومنها الشرقية ولم يتوصلوا لشىء، حتى جاء للمكان عالمان يحملان الجنسية الإنجليزية، هما «بيترى» عام 1886 و«كيرلى» عام 1904 جاءا يبحثان عن عاصمة مصر الشمالية ولم يتوصلا لشىء، وفى عام 1964 جاءت بعثة الاكتشافات المصرية بقيادة السيدة «ويليمز» إلى المنطقة لتبحث عن الحفريات حتى اكتشفت حماماً بمنطقة الآبار.

{long_qoute_2}

وتابع مدير إدارة آثار غرب كفر الشيخ، أنه عقب اكتشاف ويليمز لتلك الحمامات بعامين جاءت بعثة مشتركة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية، بالتنسيق مع وزارة الآثار، ولم تكتشف شيئاً هى الأخرى إلى أن جاءت بعثة من كلية الآداب بجامعة طنطا والمجلس الأعلى للآثار عام 1986 وهى من اكتشفت القطع المنقوشة التى تدل على أنها مدينة بوتو عاصمة مصر الشمالية، وتم تعليق إعلان على أنها مدينة «بوتو»، وكان ذلك الاكتشاف بمثابة حدث تاريخى للعالم أجمع وليس لمصر فقط. وأوضح «غنيم» أن مصر القديمة كانت مقسمة لأقاليم، يعيش البعض فى الصحارى وآخرون فى النيل، وهنا فى تل الفراعين كان مكاناً للزراعة وتربية الحيوانات على مياه النيل، بالإضافة إلى أنها كانت من أهم مناطق المساكن فى العصور الأولى، وكانت لها أهمية سياسية، حيث كانت حصن مصر من الشمال وتصدت للكثير من الحروب والهدم أيام الهكسوس، بالإضافة إلى احتوائها على ممثل فى القصر الملكى فى العاصمة «منف» فى القاهرة، وأهمية دينية خاصة لأنها مرتبطة بأسطورة إيزيس وأوزوريس، المشهورة بالخير والشر، وأكد «غنيم» أنه طالب كثيراً بإنشاء متحف مفتوح بالمكان يحتوى على مظلات لحماية الآثار التى تم اكتشافها وضمان عدم نقلها لأماكن أخرى أو تخزينها فى المخازن، وأن هذا المتحف سيكون مزاراً عالمياً يدر دخلاً على الدولة من خلال عمل تذاكر دخول للزائرين، مشيراً إلى أن الوزارة بدأت فى وضع خطة للحفريات منذ 3 سنوات فقط بدعم ما يقرب من 50 ألف جنيه، وهذا قليل على أعمال الحفريات التى تحتاج لـ5 آلاف سنة أخرى حتى يتم اكتشافها، موضحاً أن موسم الحفريات يكون شهراً ونصف الشهر، وهو مكلف جداً، حيث يقتصر على وجود عمال يقومون بالحفر.

اقرأ أيضًا:

كفر الشيخ: بَرَكة الأولياء.. وقدم المسيح

قبة وضريح «أبوالنجاة»: قِبلة الباحثين عن التبرك والراحة وإزالة آثار الحسد وفك عقد تأخر الزواج

«التكية الخلوتية» أشهر الآثار الإسلامية بالمحافظة

بوابتان فقط.. آخر بقايا أقدم مصنعين لـ«الطرابيش والكتان» فى مصر

«عبدالرحيم القنائى».. أكبر مسجد أثرى فى «فوه».. والمريدون بالآلاف

«ربع الخطابية» فندق التجار فى «فوه»

مدير «آثار فوه»: أتمنى وضع المدينة على الخريطة السياحية

كنيسة السيدة العذراء فى «سخا».. هنا «طبع المسيح قدمه»

أبناء «الكفر» يرفعون علم مصر بالخارج فى بطولات «كمال الأجسام»

«تلفيحة أدهم».. سر الفوز ببطولة أفريقيا للمصارعة الرومانية

«معركة البرلس».. الزوارق تنهى أسطورة البحرية الفرنسية بضرب البارجة «جان بارت»

محافظ كفر الشيخ: نفذنا مشروعات بمليارات الجنيهات غيرت وجه المحافظة.. و«غليون» أكبر مشروع استزراع سمكى فى الشرق الأوسط


مواضيع متعلقة