مشروع «السيسى» للإنقاذ.. العروبة لمواجهة الطائفية
- أحمد أبوالغيط
- أحمد رفعت
- اختيار حكام
- الأمة العربية
- الاعتراف بالخطأ
- الجامعة العربية
- الحد الأدنى
- الخارجية المصرية
- الدول العربية
- «السيسى»
- أحمد أبوالغيط
- أحمد رفعت
- اختيار حكام
- الأمة العربية
- الاعتراف بالخطأ
- الجامعة العربية
- الحد الأدنى
- الخارجية المصرية
- الدول العربية
- «السيسى»
فى كلمة بدأت بالبسملة وانتهت بجملة «والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته» امتدت عبر 108 أسطر، واشتملت على 1576 كلمة وردت لفظة «العروبة» ومشتقاتها مثل «عربى.. عربية.. عرب» 48 مرة أى بمعدل مرة كل سطرين لكن عندما نعرف أن الألفاظ الأخرى التى تليها فى التكرار وتؤدى الغرض نفسه هى بالترتيب «قومية.. قومى.. أشقاء.. شقيقة» لأدركنا أنه لم يمر سطر واحد دون ذكر العروبة والقومية والعرب والأشقاء، ونقول: عبر كلمته أمام القمة العربية الـ29 بالظهران بالمملكة العربية السعودية، التى كتبت بميزان أكثر حساسية من موازين الذهب أو كمن يكتب فوق حقل ألغام، تحدث الرئيس السيسى ليس لأن دور مصر قد حل فى ترتيب الكلمات ولا لضرورة تمثيل مصر والسلام ولا لأن الواجب والبروتوكول يقتضيان ذلك.. وإنما تحدث الرئيس ليقدم مشروعاً بديلاً للواقع العربى الحالى المؤلم جداً إلى حدود البؤس والتعاسة، والمشروع الذى قدمه نراه واقعياً ومرحلياً بحسابات الحد الأدنى من الاتفاق الممكن تحقيقه!
ربما لا ينكر أحد مدى التردى الذى تعيشه الأمة العربية حتى يمكن التحفظ الآن وبسهولة على وصف «الأمة» بعد أن تفككت إلى محاور تحارب نفسها وبعضها فى جزر منعزلة فضل بعضهم الانعزال هرباً من تجاذبات سلبية لا رابح منها!
من هذا الواقع الذى يعرفه كل عربى وبما يصبح شرحه تكراراً مملاً كانت كلمة الرئيس التى أرجعت كل ما يجرى إلى غياب البعد العربى وانهيار النظام العربى نفسه.. وكلمة «نظام» هنا تعنى مجموعة القيم التى تربط مجموعة وحدات ببعضها «والوحدات المقصودة هى الدول العربية التى لا رابط يجمعها ولا منظومة جامعة حاكمة لها» لكن الرئيس يدرك فى الوقت نفسه استحالة اعتراف الدول العربية المنخرطة أو الموجودة على خطوط الأزمات العربية بالاعتراف بالخطأ! مجرد الاعتراف بالخطأ فما الحال من التراجع عنه؟! ولذلك كان أمام الرئيس خياران أولهما أن يملأ الوقت المخصص له بكلمة لا تقدم ولا تؤخر وينتهى الأمر بالسلام والتحية والوداع الرسمى، أو أن يقدم رؤية جادة ينبغى ألا تكون مجرد إبراء ذمة أو إثبات موقف أمام التاريخ، وعند ذلك نتوقف لنناقش الأمر بجدية لنصل إلى إجابة عن سؤال مهم: كيف تتحول كلمة الرئيس إلى برنامج عمل حقيقى؟!
قبل أن نناقش ذلك نذكر الناس والذكرى دائماً تنفع المؤمنين بالثوابت المصرية التى تؤهل رئيسها لطرح مشروع إنقاذ الأمة العربية، فمصر وبالنظر إلى الخريطة العربية تكاد تكون الدولة العربية التى لا تتشابك أو تتقاطع مع أى نزاعات أو صراعات بأى نوع ومن أى درجة، لأنها قررت ألا تتدخل فى الشئون الداخلية للدول وأن تتعامل مع الحكومات الشرعية التى انتخبت قانونياً من شعوبها أو برلماناتها مهما كانت التحفظات على ذلك، لكن لا بد من معيار للتعامل مع الدول.. وبعد هذين المبدأين تأتى الدعوة الدائمة إلى إقرار مبدأ حق الشعوب وحدها فى اختيار حكامها، مع ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة باعتبارها السبيل الوحيد للحفاظ على الدولة الوطنية نفسها، مع عدم التعامل بأى صورة مع أى مجموعات إرهابية أو مسلحة أو حتى ممولة ولا تتعامل إلا مع الجماعات والأحزاب الوطنية السلمية ويكون التعامل لمصلحة الدولة الشقيقة لتقريب وجهات النظر والحوار!
مصر ترتب أولوياتها جيداً وعلى درجة واحدة تحارب الإرهاب وتبنى داخلها المنهك عبر سنوات من تراكم الإهمال مع الفوضى، وفى هذا السياق لا يمكنها أن تحارب الإرهاب وتتعامل مع الإرهابيين فى دول أخرى.. ولا يمكن أن تقول إنها مع الحكومات الشرعية ثم تساند جماعة غير شرعية فى بلد آخر، ولم يرفع شعبها مبدأ تقرير مصيره بنفسه دون وصاية من الخارج، وهو المبدأ الذى انحازت له القوات المسلحة.. ثم تذهب مصر لتحاول فرض وصايتها على شعب عربى شقيق!
هذا الاتساق مع النفس فضلاً عما نعرفه وتعرفه الدنيا عن دور مصر التاريخى والقيادى والضرورى، لأدركنا كم هى مؤهلة مصر لتلعب هذا الدور.. لكن هل تلقف أحد المبادرة المصرية؟ هل انتبه أحد للمشروع الذى قدمه الرئيس؟ هل طلب أحد إدراج الكلمة كوثيقة من وثائق الجامعة العربية تمهيداً للبحث عن آلية لتطبيقها وتنفيذها وتحويلها إلى واقع؟ هل طلب ذلك منفرداً وممارسة لصلاحياته الممنوحة له السيد أحمد أبوالغيط؟ بل هل قررت الخارجية المصرية نفسها تبنى المبادرة ووضع خطة عمل دبلوماسية للسعى إلى مناقشتها عربياً؟ لا شىء من ذلك تم حتى اللحظة!
نعلم تماماً أن أى جهد من ذلك سيقابل بمقاومة ومواقف سلبية من البعض، قد تصل إلى حدود السخافة.. ونعلم كم الجهد المطلوب فى كل الاتجاهات.. ونعلم أن المطلوب وفود تسافر ووفود تجىء ووساطات مكوكية وطول نفس وصبر أيوبى.. ونعلم أن نجاحات قد تتم فى تبديل بعض المواقف ثم تتراجع إلى سيرتها الأولى، ونعلم أن التفاؤل بسقف طموحات كبير قد لا يكون مناسباً ولا منطقياً إلا أن كل ذلك مردود عليه بالخبرة المصرية العريقة والطويلة فى دبلوماسية النفس الطويل، ومردود عليه بقيمة ما ستفعله مصر لو أوتيت ثمرته أو حتى بعض المستهدف، وما سيترتب عليه من حقن دماء ووقف الخراب والحفاظ على ما تبقى من مؤسسات وطنية فى بلاد شقيقة وما سيتوفر من أموال تنفق على القتل والتدمير، والأولى أن تذهب للبناء والزرع والتعمير!
نعلم قدر مصر وقدرها.. ونعلم أن قدرتها للتدخل عسكرياً تصل إلى حدود المستحيل فى ظل السعى إلى بناء نفسها وتعويض ما فاتها وهو كثير إلا بالشروط المحددة سلفاً للتدخل، وأولها وجود تهديد مباشر على أمنها القومى ولذلك فإن السعى للدعوة إلى مبادرة مهمة ومشروع إنقاذ شامل للأمة العربية قد يكون الأخير لإنقاذها يصل إلى حدود الواجب والفرض، وسيحسب فى حال نجاحه أو تحقيقه لبعض النجاح فى سجل إنجازات الدولة المصرية الحالية وللرئيس السيسى نفسه!
هل سيتحرك أحد؟ أم مبادرة وعدت؟ الإجابة للأيام!