أسر شهداء «مارجرجس» فى ذكراهم الأولى: «فرحانين لأنهم فى منزلة أفضل.. ويؤلمنا الفراق»

أسر شهداء «مارجرجس» فى ذكراهم الأولى: «فرحانين لأنهم فى منزلة أفضل.. ويؤلمنا الفراق»
- أحد الشعانين
- أسر الشهداء والمصابين
- أسر الضحايا
- أسقف طنطا
- أمن الغربية
- أهالى الشهداء
- إعادة ترميم
- افتتاح الكنيسة
- الأنبا بولا
- آباء
- أحد الشعانين
- أسر الشهداء والمصابين
- أسر الضحايا
- أسقف طنطا
- أمن الغربية
- أهالى الشهداء
- إعادة ترميم
- افتتاح الكنيسة
- الأنبا بولا
- آباء
فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، ومع دقات عقارب الساعة التاسعة صباحاً، تسلل «الإرهابى ممدوح بغدادى»، صاحب الـ41 عاماً، ابن قرية «الظافرية»، التابعة لمركز قفط بمحافظة قنا، من البوابة الرئيسية لكنيسة «مارجرجس» فى شارع «على مبارك» بمدينة طنطا فى محافظة الغربية، يرتدى حزاماً ناسفاً، أخفاه أسفل جاكيت بنى اللون، حتى استطاع الدخول إلى القاعة الرئيسية للكنيسة، والوصول إلى منطقة «الهيكل»، وهى أكثر منطقة تزدحم بالمصلين، وفور استقراره بجوار كرسى البابا، قام بتفجير نفسه، لتتطاير أشلاء رواد الكنيسة، الذين حضروا للاحتفال بعيد «أحد الشعانين»، الذى يوافق دخول المسيح إلى القدس، وفى ثوان قليلة تحولت قاعة الاحتفال بـ«أسبوع الآلام» إلى بركة من الدماء، بعدما تسبب الانفجار فى سقوط 30 شهيداً و72 مصاباً، تلطخت أغصان الزيتون وسعف النخيل وجدران الكنيسة بدمائهم.
وعلى بعد أمتار قليلة من المزار الذى يضم جثامين الشهداء، والمتحف الذى يحوى متعلقات أبنائهم وذويهم، التقت «الوطن» بعدد من أسر الضحايا، حيث بادرتنا «منال نجيب»، أرملة الشهيد رجائى لطفى، بوصف الذكرى الأولى لاستشهاد 30 مسيحياً نتيجة تفجير كنيسة «مارجرجس» بأنها «ذكرى عطرة وجميلة فى أسبوع الآلام»، مشيرةً إلى أن الحضور كان أضعاف السنوات السابقة، وكانت هناك «روح جميلة» بين جميع الحضور، وأضافت أن «كافة أسر الشهداء كانت لديهم مشاعر مختلطة، وإن كانت مشاعر الفرح هى الغالبة، بسبب صعود أرواحهم فى منزلة أفضل، وأحياناً نبكى وننهار، لأن مشاعر الفراق صعبة».
ووجهت أرملة الشهيد «رسالة تسامح» لعناصر الجماعات الإرهابية، بقولها: «ربنا يهديكم، وتعودون إلى رشدكم، أنتم فى غيبوبة، ونسأل الله أن ينقذكم وينقذ أبناءكم وحياتكم، أنتم مضلَّلون، اللى يرهب الناس ويقتلهم استحالة يكون إنساناً طبيعياً تحت أى مسمى أو إغراء، لأنها ليست أعمالاً آدمية».
{long_qoute_1}
وأعرب «مينا رشدى»، أحد شمامسة الكنيسة، أصيب فى الحادث بثقب فى طبلة الأذن، وشظايا زجاجية فى البطن، عن أنه فى الذكرى الأولى لتفجير «أحد الشعانين»، كان يتمنى أن يكون ضمن الشهداء، وليس ضمن رواد الكنيسة ممن يحيون ذكراهم، وقال: «الشهداء فى مكان عظيم، كنت أتمنى أن أكون معكم»، لافتاً إلى أنه سيكون حريصاً على الوجود منذ الصباح الباكر فى احتفال الذكرى الأولى للحادث، والوقوف فى نفس مكان التفجير، معتبراً أنها «ذكرى جميلة ومفيش حزن، هم فى مكان أفضل الآن»، مبيناً أن كافة الصلوات التى حضرها بعد افتتاح الكنيسة، حرص على وجوده ضمن الشمامسة، وفى نفس مكانه قبل الحادث.
وتابع «مينا» قائلاً: «غياب الشهداء أثر فينا، ولكنهم معنا دائماً، والمزار فى الكنيسة بنزورهم على طول»، معبراً عن سعادته عندما شهد الإقبال والتزاحم خلال صلوات «أحد الشعانين» الماضى، وغيرها من الصلوات، وقال فى نفسه وقتها: «فى ذكراكم الأولى نحن بكم أقوى، شكراً كنتم سبباً فى حبنا للكنيسة»، كما وجه هو الآخر رسالة للإرهابى منفذ الهجوم، قائلاً: «بسببكم صعدت أرواح إخوتنا للسماء، احنا ما بنكرهكش، احنا بنحب كل أعدائنا، عمرنا ما اتخاصمنا مع حد، الكنيسة علّمتنا أن الأساس هى المحبة».
أما «أندرو عبدالملك»، شماس آخر بالكنيسة وأحد المصابين فى تفجير العام الماضى، فأكد أنه أصيب بإحدى الشظايا أثناء وقوفه فى المكان المخصص للشمامسة، ودخل على أثرها المستشفى الفرنساوى، وما زالت أثرها فى جسده حتى الآن، وتذكر قائلاً: «ما حدث فى نفس اليوم العام الماضى، كانت مشاهد ومواقف صعبة، فاكرها لسة قدام عينى، وبفتكرها كل ما أقف فى نفس المكان، هأحضر الذكرى الأولى، وكلنا إصرار على استكمال المشوار، وبأقول لكل إرهابى: مش هنخاف وهنصلى».
«مجدى كارولس»، أحد المصابين، أشار إلى إصابته بشظية فى قدمه اليسرى نتيجة الانفجار، وقال: «الفراق صعب، والكل هنا حزين على فراق صديقه أو أخيه أو أحد أقاربه، اللى بيصبّرنا إن الشهداء فى منزله أفضل الآن»، وأضاف أنه «رغم صعوبة الموقف، هنحتفل بالذكرى الأولى للحادث، ونشكر فيه الشهداء على أن دماءهم الزكية كانت سبباً فى زيادة حب الناس للكنيسة، واستقبال وفود من مختلف دول العالم».
{long_qoute_2}
وتابع «رزق ميلاد»، من رواد الكنيسة، أن الاحتفال مع أسر الشهداء بالذكرى الأولى، هى «رسالة تتضمن أن الفراق، رغم أنه صعب، لكن وجود 30 شهيداً للكنيسة يسعدنا جميعاً، وتوصيل رسالة للعالم أن الشعب المصرى نسيج واحد، ولن تقدر أى أفعال على تفكيك هذا النسيج، ورسائل أخرى: هنصلى صامدين، مش هنخاف من الإرهاب»، لافتاً إلى أن أسر الشهداء وجدوا منذ الساعات الأولى فى احتفال «أحد الشعانين»، واحتفلوا مع إخوتهم بالعيد، وأضاف: «نحن أيضاً سنوجد فى الساعات الأولى فى احتفال الذكرى الأولى لأحد الشعانين، وهنحتفل مع أسر الشهداء».
وأوضح «لطفى رمسيس»، أحد المصابين، قائلاً: «قبل 365 يوماً، شاهد العالم صوراً للكنيسة تحمل دماء الشهداء، واليوم سيشاهد الكنيسة، وهى تتزين بصور أبنائها الشهداء، وتكريم أسرهم والمصابين»، بينما قالت «فيكتوريا»، ابنة الشهيد «ميشيل لبيب»، إن مرور عام على استشهاد والدها، حمل كثيراً من الآلام، بسبب صعوبة الفراق، واعتبرت أن الذكرى الأولى هى «ملحمة حب كبيرة»، وأضافت: «كنا بنسمع عن الاستشهاد، لكن دلوقتى عشناه، وحقق فوائد أكثر من رائعة، منها زيادة تماسك الشعب المصرى، والإقبال الكبير على حضور الصلوات فى الكنيسة»، ووجهت رسالة إلى والدها، قالت فيها: «شكراً أنك كنت سبباً فى إفاقة شعب الكنيسة، وتزايد الترابط، خاصةً بين أهالى الشهداء، بقينا كلنا واحد، يربطنا رباط الدم»، كما وجهت رسالة إلى جماعات الإرهاب، عبرت فيها عن حزنها على «الانتحارى» الذى قام بتفجير نفسه فى الكنيسة.
وقال «القس هدرا مجدى»، كاهن الكنيسة، إن «دفن الشهداء فى المكان الذى استشهدوا فيه، يعتبر حدثاً لأول مرة، وهو بمثابة تعزية كبيرة لأهالى الشهداء»، وأضاف: «حصلت حوادث استشهاد كثيرة فى الكنائس، ولكن لأول مرة يتم دفن الشهداء فى مكان استشهادهم»، لافتاً إلى أن الكنيسة استقبلت وفوداً من كافة دول العالم، لزيارة المتحف والمزار الخاص بالشهداء، وبين أن الحادث الإرهابى فى العام الماضى، كان سبباً فى استقبال الكنيسة خلال احتفال «أحد الشعانين» العام الحالى، وفوداً من كافة محافظات الجمهورية للمشاركة فى الاحتفال، وكان لديهم حرص كبير على مشاركة أهالى الشهداء فى تلك المناسبة، وهى الذكرى الأولى للحادث.
وعن استعدادات الكنيسة لإحياء الذكرى الأولى لحادث أحد الشعانين، قال كاهن كنيسة «مارجرجس وشهداء طنطا الأبرار»، إن الاحتفال سيكون بحضور «الأنبا بولا»، أسقف طنطا وتوابعها، وجميع آباء وكهنة طنطا، مشيراً إلى أنه سيتم إقامة قداس وتكريم أهالى وأسر الشهداء والمصابين، وأكد أن «أهداف الإرهابيين دائماً تأتى بالسلب، فإذا كان هدفهم تفرقة وحدة المصريين، وبث الفتنة بين أبناء المجتمع المصرى، كانت النتيجة التماسك أكثر، والالتفاف حول الوطن، والمحبة، وإذا كان هدفهم إرهاب شعب الكنيسة، النتيجة كانت حضور الصلوات بشكل مضاعف عن الأعوام السابقة، واستقبال الكنيسة لوفود من كافة دول العالم».
ووجه «القس هدرا» الشكر لصحيفة «الوطن»، مؤكداً أنها «من أوائل الصحف اللى وقفت بجانبنا جداً، وغطت الأحداث بشكل سريع، وبكل دقة ومصداقية، وتغطيتها للحادث شهادة نعتز بها، وقمنا بوضع العدد الذى تناول الحادث، فى المتحف للذكرى». وخلال جولة لـ«الوطن» داخل متحف ومزار الشهداء، على بعد خطوات من الباب الداخلى للكنيسة وقاعة الصلوات الرئيسية، كانت درجة سلم واحدة كافية لدخول متحف الشهداء، مساحته لا تتخطى 3 أمتار طولاً، ومترين عرضاً، فى الواجهة صورة جماعية للشهداء، وبجوارها ساعة «بندول» كبيرة توقفت عقاربها على التاسعة و4 دقائق صباحاً، وقت وقوع التفجير، وعلى أحد جدران المتحف، وفى منتصفه، وضعت فترينات زجاجية تحوى متعلقات الشهداء ومقتنيات الكنيسة، من بينها أجزاء من المقاعد تخترقها شظايا الانفجار، وبعض ملابس الشهداء ملطخة بدمائهم، وهواتف محمولة وساعات وسلاسل مفاتيح ونقود، وغيرها، بالإضافة إلى كتب «الإنجيل»، وكاميرا مراقبة، وصور لعمليات الترميم، وصور للكنيسة بعد افتتاحها، كما يضم الحائط المقابل رسائل التعزية، التى أرسلها سفراء ووزراء دول العالم إلى «البابا تواضروس الثانى»، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وإلى «الأنبا بولا»، أسقف طنطا وتوابعها، ويعلو تلك الرسائل صور لبعض القصاصات الصحفية التى تناولت الحادث، بينما يحوى المزار جثامين 30 شهيداً، ووضعت صورة لكل شهيد على باب المقبرة الخاصة به. وكان للقوات المسلحة دور كبير فى إعادة ترميم كنيسة «مارجرجس»، وافتتاحها فى شهر ديسمبر الماضى، حيث بدأت أعمال إعادة تأهيل الكنيسة بعد 10 أيام من التفجير الإرهابى.
ومن جانبه، أكد مدير أمن الغربية، اللواء طارق حسونة، أن كافة كنائس المحافظة تخضع للتأمين بشكل كامل، مشيراً إلى أن مديرية الأمن وضعت خطة لتأمين احتفالية الذكرى الأولى لأحداث «أحد الشعانين»، من خلال إنشاء حرم آمن حول الكنيسة، يتضمن عدة نقاط تفتيشية لفحص جميع المترددين على الكنيسة، إلى جانب الاستعانة بكاميرات مراقبة لرصد وإيقاف أى شخص يشتبه فى قيامه بأى عمل غير مألوف.