محمد صبحى: أوصيت أولادى بعدم تسلم أى تكريم من الدولة بعد وفاتى وأحمد الله أننى عاصرت اسمى وهو يحمل عنوان مهرجان مسرحى

كتب: محمود الرفاعى

محمد صبحى: أوصيت أولادى بعدم تسلم أى تكريم من الدولة بعد وفاتى وأحمد الله أننى عاصرت اسمى وهو يحمل عنوان مهرجان مسرحى

محمد صبحى: أوصيت أولادى بعدم تسلم أى تكريم من الدولة بعد وفاتى وأحمد الله أننى عاصرت اسمى وهو يحمل عنوان مهرجان مسرحى

قال الفنان محمد صبحى إن المسرح المصرى يشهد حالة ازدهار فى الوقت الراهن، ولكنه يرى أن المقارنة بين عدد المسارح التى نمتلكها ومسارح بنجلاديش التى تبلغ 5000 مسرح تثير الضحك.

«الوطن» التقت الفنان محمد صبحى، على هامش مشاركته فى الدورة الثالثة من مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى، التى تحمل اسمه، حيث أبدى وجهة نظره فى العديد من ملفات الدراما والمسرح المصرى، من بينها تجربة «مسرح مصر» التى حركت الركود الذى شهدته الساحة الفنية، ولكنها تضمنت إسفافاً شديداً فى المواسم التالية، حسب قوله، كما تطرق إلى رؤيته حول ما تشهده الساحة الفنية، وكيفية تناول القضايا المعاصرة فى الدراما المصرية، والكثير من التفاصيل فى سياق الحوار التالى.

ما شعورك بعد إطلاق اسمك على الدورة الثالثة من مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى؟

- أشعر بالسعادة والفخر مع كل جائزة أحصل عليها، ولكن هذه المرة أشعر بسعادة غامرة لكون الدورة تحمل اسمى، وهو شرف كبير لى، خصوصاً أن اسمى أُطلق على دورة تترأسها شرفياً سيدة المسرح العربى سميحة أيوب، ومخرج شاب مثل مازن الغرباوى، الذى أشكره وأدعمه على الجهد الذى يقدمه مع الشباب من أجل دعم المسرح المصرى والعربى وعلى الحفاظ عليه، وأتمنى أن يكون الدور الرئيسى للدورات المقبلة من المهرجان هو حماية التراث المسرحى وإعادة الأعمال القديمة التى قدمها عظماء المسرح مثل صلاح عبدالصبور وألفريد فرج وسعدالدين وهبة.

{long_qoute_1}

يعتبرك البعض واحداً من عظماء المسرح المصرى والعربى.. فهل ترى أن هناك شباباً من الجيل الحالى قادرون على كتابة اسمهم بجوار اسمك؟

- أنا ضد فكرة أن يكون للفنان خليفة أو بديل له، فأنا لم أكن خليفة لشخص ولن أكون خليفة لأحد، ولا أحب أن يكون لى خليفة من بعدى، ربما مهنتنا جزء كبير منها يتوقف على تأثرنا ببعضنا البعض، ولكن فى النهاية كل فرد فينا لديه شخصيته ومكانته الفنية، فأنا تأثرت بكل من تعاونت معهم عبر مسيرتى الفنية ولكننى لم أكن فى يوم خليفة لأحد، وهناك العشرات الذين تأثروا بفنى ولكن لا أعتقد أن أى شخص منهم سيكون خليفة لى.

كيف تحافظ على تواصلك الدائم مع الشباب؟

- أحرص على حضور العديد من الندوات الخاصة بالشباب، خصوصاً الشباب الذين يكون لديهم وجهات نظر معارضة وليس المخربين، فأنا لا أحب أن أشارك فى ندوات بها اختلاف فى الآراء، ولكن أحب أن أسمع الرأى والنقاش حوله، لكى أعرف ما يفكر به الشباب ويدور فى أذهانهم، وأيضاً أحاول أن أناقش معهم الأفكار التى تنمى لديهم الانتماء وحب الوطن والنهوض به.

لماذا توقفت عن تقديم الفنانين الشباب على الساحة الفنية مثلما فعلت مع منى زكى وآخرين من قبل؟

- خلال الفترة التى تعاونت فيها مع الكاتب الكبير لينين الرملى، من خلال فرقة استديو 80، كان هدفنا الرئيسى هو تقديم فن حقيقى وإظهار مجموعة من الفنانين على الساحة الفنية، فكنا نساعد المواهب الشابة من أجل الفن وليس الكسب المادى، ولذلك ظهر معنا عشرات المواهب الفنية أمثال منى زكى ومصطفى شعبان وآخرين، وجميعهم حالياً نجوم، فنحن فعلنا ذلك فى وقت لم يكن هناك فيه ورش أو «كورسات» لتعليم الفن، أما الآن أصبح هناك أماكن لتعليم التمثيل لكل شاب، ولا يهم القائمون على تلك الأماكن إن كان هذا الشاب موهوباً أم لا، فكل ما يهمهم الربح المادى. {left_qoute_1}

لماذا وضعت نفسك فى خانة الرافضين لشباب «مسرح مصر»؟

- هناك عدد من الإعلاميين يحرفون تصريحاتى ويضعوننى فى خانة المهاجمين لبعض الشخصيات، ولكننى لم أهاجم قط أى فرد من مسرح مصر، فهم بينهم فنانون محترفون وجيدون للغاية، ولكننى هاجمت المصطلح اللغوى المعبر عما يقدمه هؤلاء الشباب مع أشرف عبدالباقى، أنا أرى أن ما يقدمه هؤلاء هو عبارة عن اسكتشات مسرحية، وليست مسرحية، فالمسرحية بالنسبة لى لها قوانين وقواعد صارمة، أما مسرحية «مسرح مصر» فتكتب فى يومين وتعد فى يومين وتعرض فى يوم، لذا لا يمكن أن نطلق عليها دراما، وأشرف اعترف بذلك فى أكثر من لقاء إعلامى له، وللعلم أنا سعدت للغاية لما فعله أشرف حينما قدم «مسرح مصر» فى ظل ركود المسرح والحالة الفنية بمصر خلال فترة الإخوان، واستطاع الموسم الأول أن يحقق نجاحاً مبهراً، ولكن للأسف شهدت المواسم التالية حلقات تتضمن إسفافاً وتدنياً أخلاقياً، وعلى الرغم من شجاعة الفنان أشرف عبدالباقى فى تشجيع هؤلاء الشباب وخوض هذه التجربة معهم، فإن الأمور خرجت عن سيطرته فى منع صنعهم لـ«الإفيهات» غير الأخلاقية.

ولماذا لم تجلس معهم وتنصحهم من وحى خبرتك المسرحية؟

- ليس دورى أن أجلس معهم وأنصحهم فيما يقدمونه، لأننى مثلما قلت لك فى البداية كنت سعيداً بما قدموه من حالة حراك فى المسرح وسط حالة الركود التى كنا نعانى منها، ولكننى لا بد أن أعترف أننى خسرت قضيتى معهم، ولم أستطع أن أغير شيئاً ولذلك لن أتحدث فى هذا الأمر مطلقاً مرة أخرى، فهم لن يغيروا ما يقدمونه.

ولماذا وافقت على المشاركة فى تكريم الفنان مصطفى خاطر خلال افتتاح الدورة الثالثة من المهرجان؟

- ليس لدىّ أى دخل من قريب أو بعيد بتكريم مصطفى خاطر فى دورة مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى، وأنا مثلما قلت لك لست ضد أبطال «مسرح مصر» شخصياً، وللعلم أنا سعدت للغاية بتكريمه فى المهرجان لأنه شاب واع، وحينما سلمته درع مهرجان المسرح تحدثت له خلسة وقلت له «أنا فرحان إنى شُفتك هنا لأنك مختلف ومتربى»، وهو بالفعل يختلف تماماً عن زملائه الآخرين، كما أنه كان له دور هائل للغاية مع الفنانة ياسمين عبدالعزيز فى مسلسل «هربانة منها» الذى عرض خلال شهر رمضان.

{long_qoute_2}

ما ردك على من يتعامل مع الفنان الشاب «على ربيع» على كونه أحد نجوم الفن المصرى والعربى؟

- على ربيع فنان رائع وعبقرى فى الأعمال الدرامية التى يقدمها، كما أنه فنان كوميدى من الطراز الأول، ولكن ما يقدمه فى مسرح مصر أمر مقزز للغاية، فأنا سمعته وهو يقدم «أحط» ما يمكن أن يقدم على المسرح.

البعض أصبح يقيس نجومية الفنانين بكم الملايين التى يتقاضونها، ما تعليقك؟

- أمر مؤسف للغاية، فأنا أشعر بالحزن عليهم فيما يتنافسون عليه من إيرادات وأجور، فالفنان قيمته بما يقدمه وليس بما يتقاضاه، حتى إن البعض لا يتساءل عن الذى سيقدمه ولكنه يتساءل عن كم ستدفع وكيف سأكون الأول بين زملائى، لدرجة أن التقييم أصبح اليوم عن كم الملايين التى يحصدها الفنان، فأتعجب من الفنان الذى يكون أجره 40 مليوناً، فى حين أن تكلفة المسلسل بطاقم العمل 40 مليوناً أيضاً، فأنا كنت فى قمة سعادتى حينما كنت أتقاضى 12 جنيهاً فى أول عمل مسرحى قمت بالمشاركة فيه، وكانت سيدة المسرح سميحة أيوب وعملاق المسرح عبدالله غيث يتقاضيان 40 جنيهاً، فرحتى أن الفارق بيننا ليس كبيراً، وشعرت بالخوف حينما حصلت على أجر 40 جنيهاً بالتساوى مع الفنان الكبير محمود المليجى، وكنت أقول لنفسى كيف يتم مساواتى بالمليجى.

ما مدى تأثير هذه الأجور على الممثلين الشباب؟

- تؤثر سلباً بالطبع، فالبعض منهم يبدأ مشواره الفنى كهاوٍ، فيقدم أفضل ما لديه بل ويبدع فى تقديم الشخصية، ولكن عندما يشعر بالشهرة يبدأ فى طلب الكثير من الأموال، وينسى تدريجياً أن موهبته هى سبب ما وصل إليه وليس المال.

كيف نحل هذه المشكلة؟

- لا بد أن نجلس نحن كبار الفنانين مع نقابة المهن التمثيلية، فى جلسة كبرى يتم فيها مناقشة هذه الأمور حتى يكون العمل هو البطل والنجم وليس الفنان.

لماذا قبلت فكرة التقديم التليفزيونى من خلال برنامج «مفيش مشكلة خالص» الذى عرض على قناة cbc؟

- خلال الفترة الماضية، التى كنت قد ابتعدت فيها عن تقديم أى عمل درامى، عرض علىّ عدد كبير من البرامج التليفزيونية والإعلانات، ولكننى لم أكن أحبذ تلك الفكرة وأرفضها دائماً، إلى أن قُدمت لى فكرة برنامج «مفيش مشكلة خالص»، ورأيت أن الفكرة جيدة إذا قُدمت بشكل مختلف، خصوصاً أننى لا أحبذ أن أكون إعلامياً أو مذيعاً مثل مذيعى النشرات الإخبارية، فأحببت أن أقدم برنامجاً مسرحياً، واشترطت على القائمين أن «أمسرح» البرنامج ووافق القائمون على الفكرة، وبالفعل قدمنا موسمين منه، ولكن قبل انطلاق الموسم الثالث أحببت أن أكتفى بهذا القدر. {left_qoute_2}

كيف بلورت فكرة «مسرحة» برنامج تليفزيونى؟

- وضعت خطة فى بداية العمل، مفادها أن يكون البرنامج مقسماً إلى فقرات مختلفة، ووصل عددها إلى ثلاث أو أربع، حيث كان أولها فكرة «ستاند أب كوميدى»، وهى فقرة أواجه فيها الجمهور الحاضر لى فى المسرح، وثانياً فكرة مشهد مسرحى وهى تقديم عمل مسرحى قصير به قصة ويشاركنى فيه عدد من فريق عملى من الفنانين، وثالثاً فقرة توزيع كتاب على المشاهدين داخل الاستوديو، أو إلقاء الشعر.

لماذا قررت إيقاف البرنامج رغم نجاحه مع المشاهدين؟

- سبب توقف الموسم الجديد من البرنامج هو انشغالى حالياً بتقديم مسرحية «غزل البنات»، لذلك كان من الصعب أن أقوم بتقديم المسرحية مع البرنامج فى الوقت نفسه، كما أن تلك الفترة شهدت وفاة زوجتى فما كان فى استطاعتى أن أقدم البرنامج وأحضر للمسرحية فى تلك الظروف.

لماذا قمت بإعادة قصة «غزل البنات» بالتحديد؟

- أنا من محبى الراحل العظيم نجيب الريحانى، كما قدمت منذ سنوات مسرحية «لعبة الست» فى مهرجان «المسرح للجميع»، وفضلت هذه المرة أن أقدم عرض «غزل البنات».

كيف استطعت أن تحدد التوليفة التى تعيد فكرة «غزل البنات» من جديد؟

- أنا لم أكن أسعى لاختيار شخصيات تشبه الشخصيات التى قدمت العمل الأصلى مثل ليلى مراد أو سليمان نجيب، إنما كنت أبحث عن شخصيات جديدة تحقق الروح، وتحقق ذلك فى الوجه الشاب ندى ماهر التى تقدم دور الفنانة ليلى مراد، وأيضاً فى الفنان القدير عبدالحميد حسن الذى قدم دور سليمان نجيب، ومن البداية اتفقنا على ألا نقلد العمل الأصلى ولكن نقدم روح العمل والشخصيات التى تأثرنا بها، حتى الأغنيات التى كانت فى العمل الأصلى قدمناها بشكل ورؤية جديدة ومختلفة عن تلك التى قدمها نجيب الريحانى وليلى مراد.

ما شعورك حينما تسلمت جائزة الإبداع العربى من إمارة الشارقة الإماراتية منذ أيام؟

- أحمد الله أننى تسلمت الجائزة بنفسى ولم يتسلمها أولادى، فنحن اعتدنا فى وطننا العربى على مكافأة المتوفى وأن ننسى الفنان الذى يبدع فى الحياة، وهنا أتذكر المقولة العبقرية التى قالها توفيق الحكيم وهى: «الأمة الحية هى الأمة التى يحيا فيها أمواتها أما الأمة الميتة فهى الأمة التى يموت فيها أحياؤها»، فمن الجميل أن نكرم رموزنا الذين رحلوا عن حياتنا، ولكن علينا أيضاً أن نساند ونقف بجوار كل من يبدع على قيد الحياة.

ما حقيقة أنك أوصيت بعدم تسلم جوائز الدولة بعد رحيلك؟

- هذه حقيقة، أنا أوصيت أولادى بعدم تسلم أى جائزة من الدولة بعد رحيلى، لأن الدولة تتذكر الفنان وإبداعاته وإسهاماته فقط بعد الوداع.

كيف ترى حال المسرح العربى اليوم؟

- من المؤكد أن المسرح فى حالة من الازدهار، ولكنه يحتاج إلى حراك أكثر من ذلك فى جميع الدول العربية، سواء التى تأثرت بثورات الربيع العربى، أو تلك التى لم تتأثر، فالمناخ الثقافى هو الحراك الأساسى فى إنتاج مسرح فنى نظيف، ونحن نحتاج إلى إقامة مسارح ومهرجانات ليس فقط فى المدينة، بل أيضاً فى المناطق التى تحتاج إلى دعمنا، فمن المضحك حينما كنت أبحث عن عدد المسارح فى دولة بنجلاديش التى تقع فى قارة آسيا، وجدت أن لديهم ما يقرب من 5000 مسرح، وهو أمر يثير الضحك إذا قمنا بمقارنة بين عدد المسارح لديهم ولدينا.

ما ردك على لقب «وزير الأخلاق» الذى تم إطلاقه عليك من قبل مجموعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعى؟

- أنا كمحمد صبحى سعيد للغاية بهذا اللقب، فأنا أحب أن أكون وزيراً للأخلاق، ولكن من المؤكد أن من أطلق هذا اللقب ليس لديه أخلاق، أو يتمنى أن تكون لديه أخلاق مثل التى أقدمها، لأنه لو كان الشخص الذى أطلق علىّ هذا اللقب يرى أن ما أفعله طبيعى، ما كان سيطلق علىّ هذا اللقب، وللعلم تلك الشخصيات التى تطلق هذه الأمور عبر مواقع التواصل الاجتماعى ترفض قانون الأخلاق، فالأخلاق التى نكتسبها فى حياتنا ليست صفات نولد بها، ولكننا نتربى عليها خلال السنوات التى تمر علينا والمشكلات التى نمر بها.

هل تحب أن يطلق عليك لقب الفنان المثالى؟

- أنا لا أؤمن من الأصل بفكرة أن هناك فناً مثالياً، فلو قدمنا المثالية وأشكال الأخلاق كافة فى أعمالنا الفنية، فأين الدراما إذن، فنحن نقدم الواقع، والواقع الذى نعيش فيه ليس مثالياً لكى نقدم عملاً مثالياً، فعلينا أن نبرز السلبيات بكثرة وبعمق فى أعمالنا الدرامية، ولكن الآن أصبحنا لا نقدم إلا السلبيات فقط، فمثلاً وجود المرأة المصرية فى الدراما محصور فى أن تكون عاهرة تبيع جسدها طوال السياق الدرامى، أو أن تكون راقصة استعراضية وتبحث عن الشهرة، أو أن تكون تاجرة ممنوعات، رغم أن المرأة من الممكن أن تظهر فى عشرات الوجوه الفنية المختلفة.

هل يعنى ذلك أنك ضد إظهار مشكلات المجتمع فى الدراما؟

- الفن هو مرآة المجتمع، ولكن ما يحدث الآن هو عبارة عن تشويه للمجتمع، فمثلاً مثال المرأة الذى ذكرته لك، هو ليس إظهاراً لمشكلات المجتمع إنما هو تقديم انحراف أخلاقى، فالمرأة منذ أن عرفنا السينما والفن كانت تقدم كـ«عاهرة»، ولكن تناولنا لفكرة العاهرة فى الأربعينات والخمسينات فى القرن الماضى مختلف تماماً عن تقديمها فى الوقت الحالى.


مواضيع متعلقة