أحمد خالد توفيق.. هدية لا ترد

اكتبي.. هكذا تلقيت بعض الرسائل إثر وفاة الدكتور أحمد خالد توفيق، أو هكذا أعتاد أصدقائي مني، أن أكتب كلما عصف وجداني حدث ما، صباحا حاولت استجماع أفكاري، لا مجال لرثائك، ونحن ننتظر جديدك، كل محاور الموضوعات المطروحة في أجندتي للإجابة عنها أنت الوحيد القادر على إجابتها، لا يزال هناك الكثير الذي نرغب في سؤالك عنه، كيف لم يتسن لي سؤالك عن إبداعك في "كسر الجدار الرابع" برواية "مثل إيكاروس" الذي أجريت عنه بحثا كاملا في أثناء دراستي، كيف لم استدرجك لإجابة أسئلة عن "يوتوبيا" تلك الأسئلة التي لربما لم تنشر أبدا.

لم تكن صديقا مقربا، لم يتسن لي إخبارك أنك كنت ملاذي حين أردت أن أؤنس وحدة أحبائي، وكأني أستأمنك أنت وأبطالك عليهم، أتركك تأنس وحدتهم بعيدا عني برواياتك، لم أخبرك أيضا أن الكتاب الأخير الذي أهداه لي صديق كان بقلمك أيضا كان يعبر عن تقديره لشغفي في القراءة بإهدائك إليّ، نحن نتهادى بكلماتك يا رفيق الليالي الخاوية وبطل السهرات الموحشة، والوزن الإضافي المحبب لنا في حقائب السفر، والحاضر في كل قائمة كتب، وبطل الأحجام المختلفة في المكتبة.

قبل ثلاثة أيام سألني زميل عن مصادر في "أدب الرعب" لكتابة تقرير صحفي، كنت أنت أول من جاء في بالي، وقتها تذكرت حوارنا المؤجل الذي أجلته أنت قبل شهرين وأنا أجلته لما بعد صخب الانتخابات، ظهرت النتيجة وفاز الرئيس يا أستاذي لكنك لست هنا لأحاورك بصيغة مهنية للمرة الأولى.

أرثوك!، كيف وأنا الذي أشيخ معك، أؤرخ عمري برواياتك منذ اقتنصت أحد روايات الجيب من مكتبة المدرسة الابتدائية لأقرأ "ما وراء الطبيعة" ورغم عدم اندماجي مع هذا النوع من الأدب لكني وجدت نفسي أختبأ "في ممر الفئران" وأنا شابة لألوذ لعالم جديد من عوالمك، أغوص في تفاصيل "يوتوبيا" وأساوم صديقة لاقتناص "شآبيب" منها، أعرف أن محبيك أدمنوا سلاسلك القصصية أولا ثم روايتك، لكني أحببت رواياتك أكثر، على كل حال لم يسعفني الوقت للحديث معك عن قفزتك بقلمك مع أعمارنا، عن تحولت كتاباتك مع تحول مراحلنا العمرية فأصبحت "عرابنا".

دكتور أحمد خالد توفيق، يا أحد الأسماء الثلاثية الأشهر في ذاكرة الجيل، وكأننا لم نكفي بحفظ اللقب فتداولنا اسمك ثلاثيا، اعذرني لن أرثوك لا تزال موجود في أرفف مكتبتي، ولا يزال عالمك يحتاج للخوض فيه لا نبشه، كنا نتهادى بروايتك والهدية باقية والذكرى خالدة، والكلمات المقتطعة من أعمالك لا تزال متداولة، فأنت حي بيننا فقط ذهبت في رحلة لرفعت إسماعيل.