«محطة الزهراء».. هنا نفق أجمل حصان فى العالم

كتب: نظيمة البحراوى

«محطة الزهراء».. هنا نفق أجمل حصان فى العالم

«محطة الزهراء».. هنا نفق أجمل حصان فى العالم

على مساحة 60 فداناً تتوسط الكتلة السكنية بنهاية شارع أحمد عصمت بمنطقة عين شمس بالقاهرة تقع محطة الزهراء للخيول التى تم إنشاؤها منذ 90 عاماً بهدف الحفاظ على الخيول المصرية وأنسابها وتطويرها، إلا أنه مع مرور الزمن تبدّل الحال، ومؤخراً أثير حولها الكثير من الجدل بعد نفوق الحصان «تجويد» منذ عدة أيام، وهو يُعد من ضمن أغلى 20 حصاناً على مستوى العالم. بمجرد الدخول إلى أرض المحطة تجد مساحات شاسعة بعضها ترابية وأخرى تنتشر بها حشائش تتخللها الأشجار، ومثبت فى أجزاء من الأرض حواجز لتحيط بالخيول أثناء التدريب أو عند إخراجها من العنابر، ولا يخلو المشهد أيضاً من انتشار بعض الكلاب التى لم نتمكن من معرفة سبب وجودها سوى أنها ربما تسللت إلى المحطة بشكل ما.

وبدا لافتاً وجود رسومات لعدد من الخيول على جدران البوابة الرئيسية كعلامة مميزة للمكان، ومن بينها الحصان النافق «تجويد». وبمقابلة مدير المحطة، الدكتور هشام أحمد، للاطلاع على وضع الخيول فى المحطة ومدى توفير البيئة والاعتمادات المناسبة لها، رفض الإدلاء بأى تصريحات صحفية، مشيراً إلى أن هذه تعليمات صادرة من وزير الزراعة.

{long_qoute_1}

وأرجع تقرير الإدارة المركزية للهيئة الزراعية المصرية التى تتبعها محطة الزهراء للخيول العربية نفوق «تجويد»، ابن جاد الله بن أديب بن شعراوى بن مرافق بن نظير من سلالة «الصقلاوى الجدرانى» والمهرة «تى بنت عدل»، إلى إصابته باختناق نتيجة انسداد مجرى التنفس بسبب ورم داخل القصبة الهوائية، ما أدى إلى هبوط فى الدورة الدموية، موضحاً أن أعراض المرض بدأت بضيق التنفس، وتم إعطاؤه الأدوية والمضادات التى عملت على تهدئة الحالة نوعاً، وتبين من خلال عمل منظار وجود التهابات فى الحنجرة وصديد بالقصبة الهوائية، وفى صباح 13/3/2018، اشتدت حالة ضيق التنفس ونفق الحصان «تجويد»، وبالفحص الظاهرى، تبين وجود «رغاوى» خارجة بين فتحتى الأنف، كما وُجد فتح جرح قطعى أعلى العين اليسرى.

وأضاف «التقرير» أنه بفتح تجويف البطن لم يتبين وجود أى تغير فى الأعضاء «أمعاء كبد، طحال، كلى»، وبفتح التجويف الصدرى وُجد تضخم واحتقان فى الرئتين والقلب، كما وُجد بفتح القصبة الهوائية تراكم مواد رغوية داخلها، كما ظهر تورُّم شديد فى جدار القصبة الهوائية فى الجزء الملاصق للقفص الصدرى. وتعليقاً على نفوق «تجويد»، قال الدكتور محمد رفعت خطاب، عضو هيئة التدريس بقسم الأمراض الباطنة والمعدية بكلية الطب البيطرى، جامعة القاهرة، متخصص فى مناظير الجهاز التنفسى وحاصل على أول رسالة دكتوراه فى استخدام مناظير الجهاز التنفسى فى الطب البيطرى فى مصر، ومعار حالياً للعمل بجامعة «تكساس إيه آند إم» الأمريكية: «تجويد أحد أقيم وأجمل الخيول العربية الأصيلة، يبلغ سعره ١٠ ملايين دولار، حسب ما يتردد، وهو فى عمر الشباب، قد يكون خبر نفوقه عادى عند العامة، فلكل كائن حى عمر وأجل وهذا حق، ولكن التدقيق فى الأسباب عند المتخصصين مسألة هامة، خاصة عندما تتعلق بحصان بهذه القيمة».

وتابع «خطاب»: «عند المشاهدة الفنية للفيديو المعروض للحصان قبل وفاته يظهر فيه الحصان متماسكاً ظاهرياً ولم يفقد شهيته للأكل وشكل قامته وحركته مقبول، على الرغم من سماع أصوات تنفسية غير طبيعية مرتفعة ترتبط بعملية الشهيق والزفير، تصدر من المنطقة التنفسية العُليا، ومع عدم وجود مجهود بطنى واضح فى عملية التنفس وانتفاخ منطقة الصدر أثناء التنفس بشكل طبيعى وملحوظ، وهو دليل على أن القنوات التنفسية مفتوحة بشكل جيد وتسمح بدخول الهواء، وهذه الصورة الإكلينيكية توقعاتها الطبية طيبة ومنها الاستجابة للعلاج إذا تم التوصل للتشخيص الصحيح، وبالطبع ليس من توقعات الحالة الإكلينيكية بالشكل الذى ظهر فى هذا الفيديو، النفوق».

{long_qoute_2}

وأضاف: «بعد أن قرأت تقرير الصفة التشريحية الهزيل فنياً، والذى يمثل جريمة من وجهة نظرى كمتخصص فى الأمراض الباطنة وأول من قام باستخدام منظار الجهاز التنفسى فى الخيل فى مصر لحالة بها نفس الأعراض وتم تشخيصها وعلاجها ونشر الحالة فى بحث منذ أكثر من ١٧ عاماً، أود أن أطرح بعض الأسئلة الهامة: إذا كان حصان بهذه القيمة، فأين اللجنة الطبية الاستشارية المتخصصة المشكّلة لفحص وتشخيص وعلاج الحالة من أساتذة الجامعات والخبراء فى المجال، وإن كان مثل هذه الحالات لا يشكّل لها لجان استشارية متخصصة فأى حالات أهم منها تُشكل لها اللجان؟».

وتابع: «تقرير الحالة ذكر استخدام المنظار، والسؤال: ما خبرة الطبيب الذى قام بعملية التنظير التشخيصى؟ دون التشكيك فيها فنحن نجهلها، وسؤالى استفسار مشروع، وما هو حد التنظير فى القنوات التنفسية الذى وقف عنده، وإذا كان هناك خرّاج فى المنطقة التنفسية العليا، حسب ما ذكر التقرير بوجود صديد، ما يعكس وجود عدوى شديدة والتهابات موضوعية فى مدخل القصبة الهوائية، فهل تم تخطى هذه المنطقة والعبور إلى أسفل، حيث منطقة القنوات الهوائية السفلى والرئتين؟ وأين صور التنظير ووثائقه؟ فالأصل فى التنظير هو التوثيق من صور وفيديوهات لأى صفة تم تشخيصها أو حتى رصدها دون تشخيص، فقد يكون التنظير فى حد ذاته سبب تفاقم الأزمة الصحية عند الحصان، حسب ما ذكر التقرير من سوء الحالة بعد المنظار».

وأردف: «إذا تم نفوق حصان عربى أصيل بهذه القيمة، فمن قام بإجراء اختبارات الصفة التشريحية؟ وهل كان هناك خبراء ومتخصصون من جهات أكاديمية وبحثية ورقابية أثناء إجراء بحوث الصفة التشريحية، وهل هذه الجهات اطلعت بدورها على كل الظروف المحيطة بالحصان، البيئة والتغذية والصحة؟ خاصة أن مكان الإيواء الذى وُجد به الحصان فى الفيديو المعروض قبل نفوقه لا يصلح كمكان إيواء لحمار جرّ عربة كارو».

{long_qoute_3}

وتابع: «الشاهد أن تردد شائعات بأن الحصان كان مصاباً بأورام سرطانية قبل نفوقه شىء يدعو للسخرية، إذ لم يتأكد لنا قبل نفوقه، وبغضّ النظر عن عمر الحصان الصغير، يبقى السؤال المهم: أين صور هذه الأورام المنتشرة أثناء الفحص بالمنظار، وهو أداة تشخيص تستطيع أن تميز الأورام جيداً؟ خاصة إذا كان لها طابع سرطانى ظاهرى، دون التأكيد على طبيعتها السرطانية بعد إجراء بحوث دلائل الأورام، وأخذ عينات أثناء حياة الحصان وفحصها باثولوجياً، والأكثر استفزازاً هو التضارب الشديد فى التفاصيل، والخلاصة أن ما تم وصفه بتقرير الصفة التشريحية بيّن وجود تورم فى الأغشية المخاطية فى فقرة التفاصيل ثم سبب الوفاة المحتمل وهو الاختناق نتيجة وجود ورم أفضى إلى انسداد القناة التنفسية». ومضى قائلاً: «الحقيقة أن الأمور الهامة عندما تسير بهذه بالطريقة فمن الصعب أن نتوقع خيراً إطلاقاً، فكما أن مصر بها أطباء ومتخصصون على أعلى مستوى من الكفاءة، فإن الفهلوة وسوء الإدارة تسيطران على مشاهد كثيرة حتى فى الطب».

وقال «طبيب» بالمحطة، رفض ذكر اسمه: «نعانى من نقص الإمكانيات التى تساعدنا على العناية بالخيول وعلاجها بالطريقة المثلى، وطالبنا كثيراً من الجهات المختصة بتوفير العديد من الأجهزة الطبية دون جدوى»، لافتاً إلى أن بعض الطلائق نفقت دون الاحتفاظ بالسائل المنوى الخاص بها، ما يُعد إهداراً لخيول من الأجمل والأفضل فى العالم، وهذا فى الوقت الذى تقوم فيه الدول الأخرى بالاحتفاظ بالسائل المنوى من الخيول المصرية التى اشترتها.

وحسب وزارة الزراعة فإن «محطة الزهراء هى الهيئة الرسمية الوحيدة المنوط بها تسجيل وترقيم الخيول وفقاً لأنسابها (الأب والأم والجدة والجد)، ويأخذ كل مهر تتم ولادته اسماً لا يكرر، ويتم التسجيل حتى الجيل العاشر، وعند البيع تعطى شهادة نسب حتى الجيل الخامس»، مضيفة أن المحطة مقامة على مساحة 60 فداناً وبها 10 أحواش وعنابر للولادة والطلائق وغيرها، وتم إنشاؤها عام 1928 بصحراء عين شمس، لتهيئة ظروف أشبه ما تكون بالبيئة الطبيعية للخيول العربية. ومن أشهر أنواع الخيول بها «الصقلان والكحيلان والهدبان والعبيان» ومن أشهر الطلائق «رباح ومجاسر» إضافة للنافق «تجويد». وتنظم المحطة مزادين أو ثلاثة فى العام لبيع المهُر الفائضة من إنتاج المحطة كما تنظم مهرجاناً سنوياً ويجرى خلاله تنظيم مسابقة لاختيار الأجمل ويشارك فيها العديد من مربى الخيول فى مصر والدول العربية.


مواضيع متعلقة