الانتخابات الرئاسية.. حاول أن تفهم

فى الصيف الماضى وتحديداً فى مؤتمر الشباب الشهرى بمدينة الإسكندرية؛ تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى مبكراً عن أهمية وضرورة اصطفاف المصريين ومشاركتهم والإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية، كان فتح الحديث المبكر من قبل الرئيس لافتاً حينها للعقول الكلاسيكية التى لا تتجاوز عنوان الحدث وتتعامل مع الانتخابات على أنها مجرد استحقاق دستورى كل أربع سنوات وأنها محسومة أيضاً، لأنه لم يظهر بعد على الساحة السياسية شخص قادر على منافسة الرئيس السيسى، الذى يتمتع بخصوصية فى التاريخ الوطنى المصرى الحديث، بفضل شرعيات متعددة حازها السيسى بداية من شرعية البطولة فى ثورة يونيو ثم شرعية تفويض يوليو ثم شرعية الانتخابات وأخيراً شرعية الإنجاز الذى تحقق بعد تحمله المسئولية.

وواقعياً.. كان الرئيس محقاً فى لفت الانتباه مبكراً لأهمية الاصطفاف الوطنى فى مسألة الانتخابات، لأن من يتدبر الأمر سيكتشف أن المشاركة الشعبية الكبيرة فى الانتخابات المقبلة تمثل حجر زاوية فى ثلاث معارك كبرى تخوضها مصر الآن وحسمها لها يرتبط بامتداد زمنى فى المستقبل القريب.

المعركة الأولى هى الحرب ضد الإرهاب، وبمعنى أدق ضد الإخوان.. وخروج الشعب المصرى فى الانتخابات يؤكد للعالم مجدداً أن رفض الإخوان قرار من الشعب المصرى وليس صراعاً على السلطة، مثلما تحاول دوائر التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية تصوير الأمر كذباً للغرب وإعلامه.. فضلاً عن أهمية إيفاد رسالة من الشعب المصرى إلى أبطالنا فى سيناء أنهم ليسوا وحدهم فى معارك العملية الشاملة سيناء 2018 وأن لهم سنداً شعبياً يظلل على بطولاتهم وتضحياتهم ويقدر دماء الشهداء.

أما المعركة الثانية فهى معركة التنمية التى تسير بوتيرة غير مسبوقة فى تاريخ مصر الحديث، بغرض الانتقال بمصر إلى واقع يليق بها بين الأمم، ويواجه تحديات تشكل قنابل موقوتة علينا مواجهتها، مثل الزيادة السكانية كل عام والسعى لتقويض البطالة وخلق فرص عمل والارتقاء بمعيشة المواطنين مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية، وعلى الجميع أن ينتبه أن السيسى لو لم يعط أهلنا فى العشوائيات حقهم فى حياة كريمة لكان المجتمع كله تحمل كوارث أبسطها ارتفاع فى معدلات الجريمة، ومسار التنمية لا يجب أن يتوقف ونزول المصريين للانتخابات يعطى اطمئناناً للمستثمر الأجنبى وكل شركاء التنمية من مؤسسات دولية أن مصر استقرارها دائم ولم يكن صدفة.

أما المعركة الثالثة وهى أخطرها، وأعنى تلك المعركة المكتومة بين المشاريع الأيديولوجية المختلفة، مشروع الإخوان والفكر المتطرف الذى يبحث عن أى ثغرة ينفذ منها للعودة من جديد فى المشهد المصرى، والمشروع الثانى وهو مشروع المستمصرين وأعنى تلك الفئة التى ترى مصر بأعين الغرب، وهؤلاء لم يعلنوا عن أنفسهم فى الانتخابات الجارية وينتظرون انتخابات 2022، أما المشروع الثالث فهو مشروع الدولة الوطنية المصرية الذى ننتمى إليه، ويمثله الرئيس السيسى وتدافع عنه مؤسسات الدولة التى استعادت مصر من خطر السقوط، وبالتالى فإن نزول المصريين للانتخابات هو انتصار للدولة الوطنية المصرية.

أخيراً.. مصر ليست دولة صغيرة.. مصر دولة كبرى وتستعيد عافيتها وتقف على أقدامها وتسيطر على ثرواتها فى توقيت يعاد فيه صياغة النظام العالمى الجديد، وبالتالى فإن نزول المصريين للانتخابات يجعلها تواجه التحديات الدائرة على ساحة السياسة العالمية وهى واثقة من نفسها.

الآن عليك أن تدرك سيدى القارئ حتمية النزول للانتخابات والآن تدرك سر المحاولات المستميتة لخصوم الدولة لكى تجعلك تقاطع الانتخابات.. تأمل الأمر وتدبر حال الوطن.. حاول أن تفهم.