"الرسم على الموت" في الغوطة.. سوري يحول عبوات القنابل لأعمال فنية

"الرسم على الموت" في الغوطة.. سوري يحول عبوات القنابل لأعمال فنية
- الغوطة الشرقية
- سوريا
- الرسم على الموت
- أكرم أبو الفوز
- الغوطة الشرقية
- سوريا
- الرسم على الموت
- أكرم أبو الفوز
أيام صعبة يعيشها أهالي الغوطة الشرقية في سوريا، تنحصر حياتهم بين قذائف المدافع والبراميل المتفجرة المتساقطة من الطائرات طوال النهار والليل، الأبنية تتساقط على رؤوس ساكنيها، وسط انعدام مقومات الحياة لا كهرباء أو مياه أو طعام أو اتصالات.
البيئة المحيطة الصعبة التي يعيش فيها أهالي الغوطة الشرقية، ألهمت أكرم أبو الفوز، شاب سوري من أبناء الغوطة، إلى مشروع فني يستخدم فيه عبوات القذائف والقنابل التي تنهال على أحياء مدينته دومًا ليحولها إلى تحف فنية على طريقته الخاصة، وأطلق على أعماله اسم "الرسم على الموت".
يقول أكرم إن مشروع "الرسم على الموت" بدأ في عام 2014، "حيث ابتعدت الثورة عن سلميتها، وكانت هذه المحاولة لإحياء روح الثورة الأولى وإظهار إننا سلميون نطالب بحقوقنا وكرامتنا".
مع اشتداد الحملة العسكرية التي يشنها الجيش السوري مدعوما بالطيران الروسي من أجل استعادة السيطرة على الغوطة الشرقية اضطر أكرم وأسرته إلى اللجوء في الأقبية هربا من القصف.
وعندما سألناه عن وصف الحياة داخل الغوطة الشرقية في ظل الحصار والوضع الصعب، كان رده "الأفضل لو كان السؤال كيف تموتون؟ لأن الحياة التي نعيشها ليست حياة إنسانية. أغلب وقتنا نقضيه في ملاجئ تفتقر إلى الضوء، وغير مؤهلة للسكن البشري. وتنتابنا أمراض تنفسية، فضلا عن كون الملاجئ غير آمنة بسبب القصف العنيف".
"الجحيم" كانت الكلمة المناسبة من وجهة نظر أكرم أبو الفوز، لوصف ما يعيش فيه أهالي الغوطة الشرقية، نظرًا لانعدام جميع مقومات الحياة لا كهرباء ولا ماء ولا اتصالات ولا طعام، مع انعدام الأمان بشكل كامل، بالإضافة إلى القصف شديد الذي تتعرض له مدينته دومًا من الطيران الروسي والسوري معًا.
يواصل أكرم وصف الوضع الصعب داخل الغوطة الشرقية في حديثه معنا: "المدنيون في الملاجئ والأقبية منذ أكثر من عشرون يومًا، والأبنية تتساقط على رؤوس ساكنيها.. هناك عوائل كاملة تحت الأنقاض لهذه اللحظة ولا سبيل لإخراجها بسبب استهداف أي شيء متحرك كالآليات وأيضًا لشح المحروقات وعدم توفرها لتحريك الآليات الكبيرة لاستخراج المدنيين العالقين تحت الأنقاض.. خوف كبير جدًا ينتاب المدنيين لغموض مصيرهم، الأطفال والشيوخ أغلبهم مرضى وبحاجة أدوية خاصة ولا يوجد شيء كافي، بدأت الأمراض تسري في الملاجئ بسبب سوء الطبيعة فيها وعدم وجود ملاجئ كافية وأغلبها غير مجهز، وهناك الكثير مما لا يمكنني وصفه في سطور".
رغم ما يحدث في الغوطة الشرقية، إلا أن الأهالي هناك تحاول التعايش مع الوضع الراهن، "طبيعة الإنسان هي التأقلم مع أي بيئة يعيش بها، أهل الغوطة وعلى مدار 7 سنوات لم يرتاحوا يومًا من القصف والحرب وهذا الوضع شكل لهم قوة للعيش في أعتى الظروف الحياتية واستخدام الأشياء البديلة لكل شيء كالطاقة والمحروقات والطعام وأي شيء يحتاجه البشر للعيش، وكل ذلك في سبيل عدم هجرتهم لأرضهم وعشقهم لوطنهم".
مشروع أكرم أبو الفوز "الرسم على الموت"، يعد بمثابة رسالة للعالم لتوضيح الحياة في الغوطة الشرقية، وكم القذائف والأسلحة التي تتواجد في المدينة، وعن ذلك يقول صاحب المشروع: "يكاد لا يخلى يومًاً إلا ونرسل رسائل للعالم أجمع عن ما يحدث في الغوطة، وجميع المناطق المحررة في سوريا ولكن جميع دول العالم تتعامى عن ما يحصل في هذه البقعة.. حاولنا مرارًا وتكرارًا تسليط الضوء على الحياة المدنية ولكن؟".
يضيف أكرم بنبرة تملؤها الحزن: "يبدو أن هناك اتفاق عالمي على إبادة هذه المجموعة من المدنيين، لا أعرف الأسباب ولا أريد أن أعرفها وكل ما أريد أن أقوله للعالم أجمع إننا نقتل ونباد بصمتكم وعدم نصرتكم لنا".
أعمال أكرم الفنية التي صممها طوال الفترة الماضية حبيسة المنزل، بسبب الحصار المفروض عليهم منذ 5 سنوات.
رغم الحصار والوضع الصعب في الغوطة الشرقية، إلا أن أكرم يحاول جاهدًا توصيل أعماله إلى العالم، حتى ولو كان الأمر يقتصر حاليًا على الصور فقط، "لا أستطيع إخراج أي قطعة فنية منها مع أنه طُلب مني كثيرًاً أن أخرجها، وحاولت جاهدًاً ذلك ولم استطيع ورغم هذا فقد أقمت عدة معارض خارجيًاً اقتصرت على الصور فقط في أمريكا والدول الأوربية والعربية، وحاولت أن أوصل رسالة السلام في عدد من المحافل الدولية والعالمية وأتمنى من كل قلبي أن أستطيع إخراج هذه القطع لتدور العالم في معارض تحكي قصصنا وواقعنا الذي عايشناه".
استغل أكرم مؤخرًا فوارغ القنابل العنقودية وقذائف الهاون وفوارغ الرصاص في تصميم مجسمًا كبيرًا لقصر الكرملين الشهير المتواجد في روسيا، وقال: " لأولئك الذين يتفاوضون حول مصيرنا ومستقبلنا.. الشمس لم ولن تشرق من موسكو ، سأكون أكثر تشددًاً، سأكون الإنسان وأبني لكم قصرًا تتفاوضون فيه بالغوطة الشرقية، قصرًا من قذائف سوتشي وصواريخ الكرملين".
وعما يرجوه في الوقت الحالي قال: "أحلم بالأمان لمدينتي وأطفالي، وانتهاء التهديد على حياتنا ومستقبلنا في السماء وعلى الأرض. أحلم باسترجاع إنسانيتي وحقوقي وحقوق أطفال مدينتي".