أزمة قطر ليست بريئة من الإطاحة بـ«تيلرسون»

لا يخفى على أحد أن العلاقات بين الرئيس ترامب ووزير خارجيته السابق «تيلرسون» لم تكن عسلاً ولبناً مصفى، كانت هناك خلافات أشارت إليها الصحافة الأمريكية، فوزير الخارجية السابق قد صرح بأن الرئيس ترامب ضحل فى السياسة الخارجية ولا يكاد يعرف عدوه من صديقه.

أياً كان الأمر فإن الطريقة التى أبعد بها الرئيس «ترامب» وزير خارجيته السابق وعدم التشاور معه بل إن مفاجأة الإقالة ذاتها تؤكد بما لا يجعل مجالاً للشك أن الخلاف بين الرجلين استحكم إلى درجة لم تكن فيها أية إمكانية لتقريب وجهات النظر.

والحق أن معظم ملفات الخارجية الأمريكية كانت سبباً فى الخلاف الذى ظل يعلو أواره يوماً بعد يوم حتى لم يستطع الرئيس ترامب الصبر عليه.

فليس سراً أن «تيلرسون» قد زار الدوحة أكثر من مرة وتعاطف كثيراً مع الشيخ تميم ولم يكن وحده وإنما زار قطر أيضاً وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإنجلترا وذهبوا إلى الطعن فى موقف الرباعى العربى (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) وهو موقف عكسى مع موقف الرئيس الأمريكى ترامب، وأظهر «تيلرسون» تعاطفاً مع الشيخ تميم ولم يشأ أن يحل المشكلة أو أن يقوم بتجميدها، وإنما وقف وراء تشدد قطر التى لم ترضخ حتى الآن لشروط الرباعى العربى.

وليس من شك فى أن الرئيس ترامب كان مستاء من وزير خارجيته السابق وبعث إليه بإشارات، حسب جريدة «لوموند» الفرنسية، تطلب منه ألا يحتدم الخلاف بين قطر ودول الرباعى العربى، وأن يكف عن مساندة قطر وأن يعطى مساحة للرباعى العربى الذى لم يخف «ترامب» تأييده له.

والحق لم يكن الملف الخليجى هو مبعث الخلاف بين الرجلين وإنما كان هناك الملف النووى الإيرانى الغربى الذى لم يُنكر الرئيس ترامب إصراره على تبديل شروطه وتحويله إلى مسخ لا معنى له، ولا شك أن «تيلرسون» كان قريباً من موقف الأوروبيين الذين كانوا ولا يزالوا يتمسكون بهذا الملف ويرون أن الاتفاق تم عقده بين إيران من ناحية وبين دول (5+1) من ناحية أخرى، وبالتالى فإن انسحاب أمريكا فى حال حدوثه لا يعنى فشل الاتفاق.

والحق أن موقف «تيلرسون» كان مستهجناً من جانب إسرائيل التى أوغرت صدر الرئيس ترامب تجاهه فلم يكن غير الإطاحة به حلاً للأزمة.

ولا شك أن ملف العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية قد دخل ضمن ملفات الخلاف بين الرجلين، سيما أن الرئيس ترامب قد قرر بمفرده ودون التشاور مع أحد أن يلتقى بالزعيم الكورى الشمالى فى مايو المقبل، وهو ما أحنق «تيلرسون» عليه، سيما أنه -كما تقول الصحافة الفرنسية- كان يرى نفسه رئيساً لأمريكا وليس وزيراً لخارجيتها فقط.

باختصار لقد اجتمعت كل هذه الملفات لإفساد العلاقة بين «ترامب» و«تيلرسون»، ولم يتبق سوى الإطاحة به لكى تسير المياه فى مجاريها كما يريد «ترامب».