خريطة إفريقيا تتغير.. انتقال سلمي في دولتين وانتخابات في الكونغو

كتب: عبد الحميد جمعة

خريطة إفريقيا تتغير.. انتقال سلمي في دولتين وانتخابات في الكونغو

خريطة إفريقيا تتغير.. انتقال سلمي في دولتين وانتخابات في الكونغو

تشهد قارة أفريقيا، منذ بداية عام 2018، عددا من التغيرات السياسية المتلاحقة التي تحدث إما بقرار يصدره حزب حاكم بإقالة رئيس دولته، أو تقديم رئيس وزراء إحدى دول القارة السمراء لاستقالته إثر احتجاجات شعبية وما تبعه فرض حالة الطوارئ في بلاده، أو انتخابات، في دولة ثالثة، تتحكم فيها القبائل ولا تتضح معالمها، بشكل كامل، مع انقضاء الشهر الثالث من العام الحالي.

موجة التغيرات السياسية بدأت في قارة أفريقيا مع إعلان حزب المؤتمر الوطني، الحاكم، في جنوب أفريقيا إقالة الرئيس جاكوب زوما، بعدما فشلت محاولات الضغط عليه لإقناعه بالاستقالة، قبل أن يضطر "زوما" للتنحي عن منصبه بعدها بيومين، ليُسدل الستار على المشهد المشتعل بانتخاب سيريل رامافوسا، النائب الأول لـ"زوما" ليكون رئيسا لجمهورية جنوب إفريقيا، في 16 فبراير الماضي، بعد أن وقع عليه الاحتيار من البرلمان في بلاده.

لم ينتصف شهر فبراير من العام الجاري قبل أن يحمل تطورا جديدا في القارة الأفريقية، بعد تقديم رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين، قراره بترك منصبيه كرئيس للوزاء وكرئيس للحزب الحاكم، مرجعا استقالته إلى ابتغائه الإصلاح في بلاده، على حد قوله، لتدخل "أثيوبيا" في حالة من الضبابية يتخللها فرض حالة الطوارئ في البلاد وعدم الاستقرار على بديل "ديسالين" بعد استقالته بشهر كامل.

جمهورية الكونغو الديمقراطية تشهد نوعا آخر من التغيير، يتمثل في أزمة سياسية حادة نظرًا لتمسك الرئيس الحالي ﺟﻮﺯﻑ ﻛﺎﺑﻴﻼ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺭﻏﻢ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﻭﻻﻳﺘﻪ ﻓﻲ 20 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2016، وذلك بعد الاتفاق معكتلة المعارضة الرئيسية للبقاء في منصبه الذي تولاه منذ عام 2001، للبقاء في منصبه بعد انتهاء مدته الرئاسية بشرط إجراء الانتخابات بحلول نهاية عام 2017.

في نوفمبر من العام الماضي، ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻧﻐﻮ الديمقراطية، عن ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ 23 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ الجاري، وسوف يتم الإعلان عن ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ 9 ﻳﻨﺎﻳﺮ 2019، وﺳﻴﺆﺩﻱ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ 12 من الشهر نفسه.

بدوره، قال السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الكونغو الديمقراطية يوجد بها صراع شديد بين أنصار الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة بعد مطالبة الرئيس الحالي، جوزيف كابيلا بتعديل الدستور ومد فترة الرئاسة لمدة 3 فترات لتدخل البلاد في حالة من الصراع السياسي.

وأوضح حسن لـ"الوطن"، أن الاتحاد الأفريقي وضع مجموعة من المعايير لضمان سلامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تمثلت في تسجيل أسماء الناخبين في قاعدة البيانات وأعطاء حق الترشح وحرية الناخبين للأدلاء بأصواتهم بكل حرية وشفافية، لافتًا إلى أن فترة الدعاية تكون أكثر من شهرين لأعطاء الفرصة الكاملة للمرشحين.

وعن سيناريوهات الانتخابات في جهورية الكونغو الديمقراطية، ذكر عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أنه يوجد سيناريوهين، أولها تعديل الدستور ومدة فترة الرئيس الحالي ليتولي إدارة البلاد في الفترة المقبلة مما يؤدي إلى اشتعال الأزمة السياسية في الكونغو ودخول البلد في حالة من العنف.

وأضاف حسن، أن الحزب الحاكم قد يرشح أحد قيادته للانتخابات الرئاسية المقبلة في حالة عدم تعديل الدستور والموافقة على مد فترة الرئيس الحالي، وهو السيناريو الأقرب في الانتخابات، لافتًا إلى أنه توجد صراعات بين الرئيس الحالي وبعض قيادات الحزب الذين يريدون تولي منصب إدارة البلاد.

من ناحية أخرى، قال السفير أحمد حجاج، مساعد الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الإفريقية، إن الانتخابات في أفريقيا تحكمها القبائل حيث أن العصبية القبلية تؤثر بشكل كبير على العملية الانتخابية من خلال دعم مرشحها وأنفاق رؤوس الأموال على المواطنين لحثهم على الأدلاء بأصواتهم تجاه مرشح معين.

وأوضح حجاج لـ"الوطن"، أن الانتخابات الرئاسة تشهد بعض حالات التزوير نتيجة التأثر ترهيب القبائل لبعض المواطنين وتخويفهم للتصويت لصالح أحد الناخبين، إضافة إلى أن استغلال النفوذ والقوة في العملية الانتخابية واختراق قواعد إجراءات الدعاية، والتأثير على الناخبين أثناء الأدلاء بأصواتهم.

وأضاف مساعد الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الإفريقية، أن الانتخابات سوف تؤثر على المستوى الاقليمي نتيجة تتداخل القبائل في الدول المجاورة، حيث قد تنشب صراعات إقليمية مسلحة بين تلك القبائل وبعضها نظرًا لولاء القبيلة لمرشحها، لافتًا إلى أن عدم ظهور مرشحين على الساحة في الوقت الحالي خوفًا من تعرضهم للاغتيالات.

وتوقع حجاج، أن الانتخابات المقبلة في جمهورية كونغو الديمقراطية سوف تشهد عددًا كبيرًا من المرشحين نظرًا لتعدد القبائل والتي شكلت عدة أحزاب لخدمة حياتها السياسية والدفع بأحد قياداتها لتمثيلها على الساحة السياسية، لافتًا إلى أن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة سوف ترسل بعثات لمراقبة العملية الانتخابية لضمان سلامتها ونزاهتها.

ولفت مساعد الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الإفريقية، إلى أن صعوبة المواصلات للمدن البعيدة والمناطق الريفية سوف تؤثر بالسلب على العملية الانتخابية، إضافة إلى حركات المعارضة والمتمردين الذي يحاولون أضعاف سير الانتخابات.

وأوضح حجاج، أن الصراعات التي تشهدها الكنغو الآن أثرت بشكل كبير على الاقتصاد وحدوث حالة من القلق بين البلاد والدول المجاورة نتيجة للمجموعات المتمردة، إضافةإلى تسهيل الطرق أمام بعض العصابات لسرقة الموارد الرئيسية في البلاد، متوقعًا أن الرئيس المقبل سوف يعمل على تحقيق طفرة في الاقتصاد ويسعى إلى تحقيق تنميةحقيقية في موارد الدولة.


مواضيع متعلقة