الولايات المتحدة وانتخابات التجديد النصفي.. من هنا تتحدد شعبية ترامب

كتب: سلوى الزغبي ونسيبة حسين

الولايات المتحدة وانتخابات التجديد النصفي.. من هنا تتحدد شعبية ترامب

الولايات المتحدة وانتخابات التجديد النصفي.. من هنا تتحدد شعبية ترامب

نحو ثمانية أشهر فاصلة على اختبار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لشعبيته، من خلال الاستفتاء على سياسته بعد وصوله إلى منتصف ولايته، حيث سينتخب الأمريكيون في نوفمبر 2018 أعضاء من مجلس الشيوخ والنواب خلال الانتخابات النصفية، تلك الانتخابات العامة التي تجرى بالولايات المتحدة في منتصف كل ولاية رئاسية، والتي سوف يتم بها تجديد مجلس النواب "الكونجرس" بكامل مقاعده الـ435، ومجلس الشيوخ، الذي سيتم تجديد ثلث مقاعده "33 مقعدًا".

"تعويم شعبية الرئيس"، المصطلح السياسي الذي أطلقه الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمركية، على الانتخابات التي تعتبر إعادة طرح لـ"ترامب" من جديد في السوق الأمريكي، بلغته الاقتصادية كرجل أعمال، حيث يعتبر أول امتحان مباشر لشعبيته على أرض الواقع والكاشفة لمدى رواجه في المجتمع الأمريكي.

3 متغيرات ستؤثر في قواعد التجديد النصفي، رصدها فهمي، في حديثه لـ"الوطن"، تتمثل أولها في مدى احتمالات التهديدات الخاصة باختراق الرئيس الأمريكي للنظام الفيدرالي في الانتخابات الرئاسية واحتمال توجيه اتهامات له، ومحتمل إشراع المحكمة الفيدرالية في استجوابه على ضوء اختراق روسيا وتدخلها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية فستوثر على "ترامب" وحزبه الذي حقق نصرًا غير مسبوق في الانتخابات الرئاسية.

{long_qoute_1}

وفي حال استدعاء المحكمة الفيدرالية له سيكون بداية العد التنازلي لولاية ترامب، والتي إذا حدثت ستكون قبل انتخابات التجديد النصفي، حيث ستبدأ المحكمة في نزع صلاحياته كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية إلى حين تجتمع لجنة الاستجوابات في "الكونجرس" ومجلس الشيوخ والحكم بأن هذا الرئيس مُدان لاختراقه القواعد الفيديرالية التي تسير على أساسها الدولة، وإما تُصعد نائب الرئيس أو تجعل "ترامب" منزوع الصلاحيات وتنقل الصلاحيات تتدريجيًا للنائب.

المتغير الثاني يتمثل في حدوث تغيرات في الرأي العام الأمريكي، تجاه ما يقوم به دونالد ترامب من قرارات وتوجيهات، حيث إن المجتمع الأمريكي يهمه في المرتبة الأولى السياسة الداخلية، حيث تتضح بعد نتائج السياسات الاقتصادية التي اتبعها ترامب، فما يهم الأمريكان هو التأمين الصحي، حيث لغى ترامب "أوباما كير" ولم تضح معالم "ترامب كير" حتى الآن، وكذلك الضرائب التصاعدية التي فرضها على أصحاب الدخول العالية الذين لن يتأثروا حتى الآن.

السياسية الخارجية هي المتغير الثالث، حيث إن "ترامب" حقق بعض المزايا بالنسبة لأمريكا من خلال ملف الصراع العربي الإسرائيلي واتخاذه قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في مايو المقبل واعتبارها عاصمة لإسرائيل، ولكنه فشل في إدارة الملف الكوري الشمالي كاملًا، فمازالت تهديدات كوريا الشمالية تطول الأمن الأمريكي، كما فشل في إدارة الملف النووي الإيراني أيضًا بشكل كامل. {left_qoute_1}

"المسألة لم تصبح (الديمقراطيين) سيتقدموا أو (الجمهوريين) هيستمروا"، لكن الأمر تحكمه المتغيرات السابقة والتي ستتضح معالمها بشكل أدق خلال الأربعة أشهر المقبلة، حسب فهمي، ويبدأ الشعب الأمريكي في تلمس النتائج والحكم عليها.

علامات استفهام تدور حول دقة الاستطلاعات الأمريكية، تبرهن على ذلك الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، لرؤيتها بأنه من الصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات الأمريكية التشريعية، حيث جاء فوز دونالد ترامب بمنصب الرئاسة رغم تأكيد كافة الاستطلاعات رجوح كفة هيلاري كلينتون، ما ترك علامات استفهام كبيرة حول دقة هذه الاستطلاعات ومدى قدرتها على التعبير عن أراء الشارع.

كما تزعم بكر أن الحزب الديمقراطي المنافس الرئيس للحزب الجمهوري الحاكم أمامه مسار طويل يحتم عليه إعادة النظر في سياساته وتعامله مع مختلف القضايا الداخلية والخارجية، موضحةً أن فوز الجمهوريين لم يأت بسبب أفضليتهم، ولكن كنتيجة لعزوف الشعب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي بسبب شعور عام بأنه لم يحقق تطلعات المواطنين، ومحاولة لتجربة اتجاه جديدة.

وفسرت الخبيرة في الشأن الأمريكي موقف الحزب الديمقراطي في الشارع بأنه لم يستطع استغلال الصراع بين المؤسسات في الولايات المتحدة تحديدًا بين البيت الأبيض والكونجرس والجهات القضائية، ما يعد دليلاً على استمرار ضعفه.

{long_qoute_2}

وحول المعايير التي تحكم اختيار المواطن الأمريكي أوضحت بكر أن المصلحة الداخلية تأتي على رأس أسس المفاضلة بين مختلف المرشحين، لافتةً إلى أن ترامب نجح بالفعل في اتخاذ عدة قرارت اقتصادية حمائية بخصوص عمل الشركات الأجنبية وتقليل الضرائب، ما أدى إلى تحسن في أوضاعهم المعيشية، مؤكدةً أن ذلك يمثل الأولوية الكبرى لدى المواطن هناك.

أما فيما يتعلق بالسياسية الخارجية، أضافت أنها لا تعد من من عناصر التقييم الرئيسية لدى المواطن العادي، إلا في حالات استثنائية، مثلما حدث مع جورج بوش بسبب اللعب على وتر محاربة الإرهاب في العالم، ما دعم فوزه بفترة رئاسية ثانية، وبالنظر إلى هذا فإن ترامب حقق نجاحًا ظاهريًا على المدى القصير في محاربة داعش والقضاء عليها في معاقلها في كل من الرقة والموصل، كما لم تشهد الولايات المتحدة هجمات كبيرة من قِبل التنظيم في ظل حكمه، ما يعزز موقفه في هذا الموضوع.

{long_qoute_3}

فجميع الانتقادات التي وجهت إلى ترامب لم تحل دون فوزه أو استمراره في منصبه، ومنها احتقاره للنساء، ورغم ذلك يوجد عدد كبير منهم في الكونجرس، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك مواطنين من الأقليات سوف يدعمونه خاصةً أن نسبة منهم تضخمت ثروته بعد قراراته الاقتصادية، حسب بكر، التي تضيف أن حصول ترامب على الدعم اليهودي يبقى أمرًا مهمًا خاصةً بعد قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، ما جعلهم أكثر استعدادًا لدعمه بشتى الطرق بعد الوفاء بوعده لهم، مؤكدةً محورية دور يهود أمريكا في أي نتيجة انتخابية بسبب أموالهم وشغلهم مناصب عليا.

أما فيما يتعلق بتأثير مجريات الانتخابات النصفية الداخلية على السياسية الخارجية الأمريكية، فاستبعدت بكر أن تكون ذات تأثير كبير، مشيرةً إلى أننا أمام رئيس أمريكي غير نمطي، وغير واضح التصرفات، فرغم زيارته للمنطقة وظهوره في شكل الصديق لزعماء العرب ومنهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلا أن قرراته تحمل عداوة تجاهم ومنها قرار القدس ومنع دخول اللاجئين في دول عربية ومسلمة معينة.


مواضيع متعلقة