ليلى طاهر: السينما شوهت كل المهن فى مصر.. وأقول لمحمد رمضان «إياك والغرور»

كتب: خالد فرج

ليلى طاهر: السينما شوهت كل المهن فى مصر.. وأقول لمحمد رمضان «إياك والغرور»

ليلى طاهر: السينما شوهت كل المهن فى مصر.. وأقول لمحمد رمضان «إياك والغرور»

أعربت الفنانة الكبيرة ليلى طاهر عن سعادتها بتكريمها من مهرجان شرم الشيخ السينمائى فى دورته الثانية، مشيرة إلى أنها سعيدة بخطة واهتمامات المهرجان رغم حداثة عهده، حسب قولها.

«طاهر» فى حوارها مع «الوطن» استرجعت شريط حياتها ورحلة عطائها الفنى، وكشفت عن آرائها فيما تشهده الساحة الفنية والسياسية حالياً، ولم تخلُ ردودها من الجرأة والصراحة، وإلى نص الحوار.

{long_qoute_1}

كيف استقبلتِ نبأ تكريمك من مهرجان شرم الشيخ السينمائى؟

- سعدت بتكريمى من مهرجان حسن السمعة، رغم كون «شرم الشيخ السينمائى» حديث العهد، إذ لم يمر على تأسيسه سوى عام واحد، لكننى لم أتعاطَ معه من حيث عدد دوراته، وإنما تعاملت مع أسماء القائمين عليه، لأننى سبق أن اعتذرت عن تكريمى بمهرجانات كبيرة، لأن مسئوليها «مادخلوش دماغى» على الإطلاق، لكن الوضع يبدو مغايراً بالنسبة للمهرجان الحالى، الذى سعدت بخطته واهتماماته فى تلك الدورة.

ما أسباب عدم دراستك للتمثيل فى مقتبل حياتك الفنية بما أنك خريجة كلية خدمة اجتماعية؟

- «هو أنا كنت فاضية؟»، فقد بدأت مشوارى الفنى وقتما كنت طالبة جامعية، حيث كرّست وقتى آنذاك ما بين الدراسة والتمثيل، وكنت مطالبة بالنجاح فى دراستى من قِبل عائلتى، وبعيداً عن هذا وذاك، بمجرد أن أتممت دراستى الجامعية ظهر الإنتاج التليفزيونى، وتلقيت عروضاً كثيرة حينها من التليفزيون، وانجذبت إلى هذا المجال لرغبتى فى خوض تجربة تدخل كل البيوت، مما سيُسهم بالتبعية فى زيادة جماهيريتى، لكن تلك الخطوة اصطدمت برفض بعض السينمائيين، لاعتقادهم أن عمل الفنان فى التليفزيون يحرقه، لأن الجمهور حينها لن يُقبل على مشاهدته فى دور العرض، لكننى كنت صاحبة رأى مختلف، مفاده أن حب الناس للفنان يدفعهم للبحث عنه والذهاب إليه أينما كان.

{long_qoute_2}

هل لمستِ تراجعاً فى العروض السينمائية حينها؟

- قلّت العروض الخاصة بأفلام البطولة المطلقة، لعدم رغبة المنتجين فى المقامرة بشخصى، خشية عدم إقبال الجمهور على مشاهدة أفلامى، لكنهم سرعان ما اقتنعوا بوجهة نظرى التى أشرت إليها، ومن ثم أصبحت أقدم أعمالاً سينمائية وتليفزيونية، ومن بعدها اتجه عدد من نجوم السينما للعمل فى التليفزيون.

كيف تعاملتِ نفسياً مع فسخ المنتج رمسيس نجيب لعقده معكِ بعد فيلمكما «أبوحديد»؟ وهل شعرتِ بغضاضة تجاه زوجته الفنانة لبنى عبدالعزيز آنذاك، بما أنها كانت سبب فسخ العقد؟

- أحب «لبنى» كثيراً لأنها قريبتى، لكننى شعرت بصدمة إزاء موقف «رمسيس»، لأننى دخلت الفن على يديه، وقال لى آنذاك: «مالكيش دعوة بأى حاجة غير التمثيل، والدور والرياضة وشكلك»، حيث تركت له القيادة آنذاك، لكننى فوجئت بعد نجاح الفيلم يحدثنى بأدب شديد: «أنا آسف جداً، لكن أى خدمة تحتاجيها أنا تحت أمرك».

ألم تفكرى فى تغيير مسار حياتك تحت تأثير الصدمة؟

- صُدمت وتألمت، لكننى شخصية عنيدة، فقلت لنفسى: «أكون أو لا أكون»، لكننى لم أخطط شيئاً لمستقبلى رغم نجاح الفيلم، إلا أننى فوجئت بإقبال شديد من المنتجين، بعدما تنامت إليهم معلومة فسخ عقدى، لكنهم رشّحونى لأدوار ليست ببطولة، وهنا «صعبت عليّا نفسى»، ومع ذلك قررت قراءة السيناريوهات للوقوف على تفاصيل أدوارى، فوجدت أن أعمال البطولة التى رُشّحت لها تافهة، بينما لمست تأثيراً درامياً قوياً للأدوار المشاركة فى البطولة، حيث اخترت الأخيرة عن قناعة تامة، وأصبحت أقدم أعمالاً من بطولتى وأشارك بأدوار فى أعمال أخرى.

لماذا لم تتقدمى بشكوى ضد رمسيس نجيب آنذاك، كما نرى حالياً ما تفعله بعض النجمات بحق مكتشفيهن؟

- ماذا سأستفيد من الشكوى؟، كما أننى أدين لرمسيس نجيب بالفضل فى اكتشافى فنياً، حيث صنع منى نجمة وليس ممثلة موهوبة فحسب، كما أجلسنى مع أساتذة كبار على شاكلة فاخر فاخر، وعبدالوارث عسر، وزوزو نبيل، وغيرهم، وتعلمت منهم الكثير، واستفدت من خبراتهم، أما عما تفعله بعض النجمات حالياً كما جاء فى سياق سؤالك، فماذا سيستفدن إذاً؟ وإذا افترضنا رضوخ المخرج إليهن تحت تأثير الشكوى، فسوف يعطيهن أدواراً دون المستوى، وتظل الموهبة هى العنصر الفارق عند الممثل، فإذا توافرت عنده سوف يعمل بأريحية شديدة.

بمَ تفسرين أسباب اختفاء أفلام البطولة المطلقة لنجمات الجيل الحالى؟

- أحب نوعية الأفلام التى تضم نجوماً كثيرين، لأنها تثرى العمل الفنى من نواحٍ كثيرة، إلا أن أعمال البطولة الجماعية قوبلت بالرفض من نجوم فى عهود سابقة، لأنهم كانوا يفضّلون البطولة المطلقة، رغم أن الأفلام القديمة التى تعلمنا وأحببنا الفن منها ضمت نجوماً كثيرين، لكن المنتجين اتّجهوا بعدها إلى أعمال البطولة المطلقة لتقليل التكلفة الإنتاجية، إلا أنهم عادوا لأعمال البطولة الجماعية رغم ارتفاع تكلفتها بسبب ثرائها فنياً.{left_qoute_1}

ما أسباب ابتعادك عن الفن خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة؟

- تلقيت 4 أعمال سينمائية وتليفزيونية خلال العامين الأخيرين، لكننى لم أجدها على نفس مستوى أعمالى السابقة، فاعتذرت عنها، لإيمانى بأن الفنان لا بد أن يحترم تاريخه الفنى، وألا يبحث عن الوجود فنياً فقط فيقدم أعمالاً دون المستوى، وإنما لا بد أن يقدم ما يضيف إلى مشواره ويتناسب مع حب وثقة الجمهور لشخصه.

ما رأيك فى نوعية التجارب السينمائية التى باتت مسماة بـ«أفلام البلطجة»؟

- أتابع جيّداً كل المعروض على شاشة التليفزيون، ولاحظت انتشار هذه الأفلام على الشاشة الصغيرة بعد عرضها تجارياً، وبدأت أبحث عمن أعرفهم فى مجال الإنتاج لأسألهم: «لماذا تُقدم تلك النوعية من الأفلام؟»، وكلامى هنا ليس مقتصراً على نوعية أفلام البلطجة فحسب، وإنما يشمل الأفلام التى شوّهت كل المهن فى مصر كالطبيب والمهندس ورجل الشرطة ورجل الأعمال.. إلخ، فهل أصبحت كل المهن فاسدة فى بلدنا؟ أعتقد أن هذا الطرح السينمائى يتم عن قصد وإدراك.

من صاحب المصلحة فى ما تقصدينه من جملتك الأخيرة؟

- المنتج الحقيقى لتلك الأفلام، وضع تحت «الحقيقى» مائة خط، لأن منتج الفيلم ليس بالضرورة أن يكون مموله الفعلى، فربما يكون واجهة لشخص يسعى لانتشار تلك الأفلام فى مصر، لأننى لا أتخيل وجود منتج مصرى يدفع كاتباً لكتابة عمل فنى يسىء إلى كل أرباب المهن فى بلدنا.

لكن أبطال تلك الأفلام أصبحوا نجوماً؟

- نجوم أمام مَن؟ هل أصبح نجماً وفقاً لرأيى أم رأيك أم فى رأى من؟ هناك ممثلون جيدون، لكن هناك ممثلاً جيداً يقدم عملاً غير جيد.

ما تقييمك لمستوى وأعمال الفنان محمد رمضان؟

- هو ممثل جيد، لكن النجاح أتاه بسرعة رهيبة، وأخشى أن يصيبه الغرور، ودعنى أكن متفائلة بعدم الجزم بأن الغرور قد أصابه فعلياً، كما أنه بحاجة إلى التلوين فى أعماله، لأن اللون الذى اعتاد تقديمه وضعه فى إطار ضيق عاجز عن الخروج منه، وذلك على غرار محمد سعد الذى وضع نفسه فى الإطار ذاته، وحينما أراد الخروج منه عجز عن ذلك، إلا أن محمد رمضان ما زال صغير السن، وأمامه الفرصة سانحة للتلون.

ما الأعمال التى أحدثت نقلات فى حياتك الفنية؟

- فيلم «الناصر صلاح الدين» رغم تردّدى من تجسيد زوجة «ريتشارد قلب الأسد»، لأننى كنت أراها شخصية مهيبة كزوجها، ونقلت وجهة نظرى إلى المخرج يوسف شاهين والمنتجة آسيا، حيث باغتنى «شاهين» حينها، قائلاً: «انتى هبلة؟ حد يرفض دور زى ده، أنا كمخرج مش عاوز واحدة ليها مهابة وصولجان، لكن عاوزها عكس ريتشارد تماماً، سيدة هادئة ومتدينة وكلامها يتسم بالعقل والحنان، عاوز العذراء مريم، تعرفى تعمليها؟»، فأومأت بالإيجاب، فرد قائلاً: «جاتك نيلة، هاتولها العقد تمضى»، حيث اعتبر هذا الفيلم بداية أكثر منها نقلة، كما يُعد فيلم «الأيدى الناعمة» من الأفلام التى شكلت نقلة فى حياتى، رغم قلقى الشديد منه حينها، لأنه ضم نجوماً كباراً، وكنت الأحدث فيهم، وأذكر أننى حدثت مخرجه محمود ذوالفقار، قائلة: «أنا ممكن أضيع وسطهم، دول نجوم كبار وأنا لسه»، فقال لى مقولة ما زالت عالقة فى ذهنى وهى: «اشتغل مع الكبير تكبر»، وحذّرنى من التعامل مع الصغار، خشية تأثيرهم السلبى على مستواى.

{long_qoute_3}

لكن الفنانين الصغار بحاجة إلى من يدعمهم من الكبار؟

- لا بد أن أكون كبرت حينها للتعامل معهم، لكن أن أكون صغيرة وأتعاون معهم، فقد يكون لذلك مردود سلبى حال ضعف مستوى الممثل الواقف أمامى.

على ذكر «الناصر صلاح الدين».. ما أسباب تراجع تقديم الأعمال التاريخية والدينية فى رأيك؟

- لا أدرى، لكننى حزينة من عدم إنتاج أعمال تاريخية ودينية فى رمضان، رغم أنها كانت من أساسيات الشهر الكريم، كما اندهشت وقت تولى الإخوان الحكم عندما «كبسوا على أنفاسنا» من عدم تفكيرهم فى تقديم أعمال دينية، حيث كان شاغلهم الأكبر هو إلغاء الفن، علماً بأننى لم أكن مؤمنة بهم من الأساس، رغم أن هناك أناس قالوا لى: «يمكن يكونوا بيعرفوا ربنا ويبقوا كويسين»، لكننى كنت أرد عليهم قائلة: «أبداً.. تاريخ العالم دى بيقول غير كده»، فلم أثق بورود الخير على أيديهم أبداً.

ما موقفك من تجسيد الأنبياء والصحابة فى الأعمال الفنية؟

- أوافق على تجسيد الصحابة وليس الأنبياء، لأن ربط صفات النبى بالممثل، سيجعل الأخير محل النبى فى أعين المشاهدين، لذلك لا بد أن نترك الأنبياء بصفاتهم الروحانية الدينية، ونجعلهم فى أذهاننا بصورة خيالية، وعدم اقترانهم بإنسان له مميزات وعيوب.

ما الأعمال التى تشعرين بالندم على تقديمها؟

- فيلم واحد بعنوان «الأزواج الشياطين»، لتضمّنه مشاهد إغراء مبالغ فيها، وقد رفضت الفيلم بعد قراءة السيناريو، وحينما سألنى مخرجه عن سبب الرفض قلت له: «لا أحب تقديم هذه المشاهد»، فشدّد على عدم تقديمى لها فى الفيلم، فاندهشت، وسألته: «لكنها مكتوبة فى السيناريو»، فقال: «أنا المخرج، ولو جبت لك مشهد من هذا النوع ماتعمليهوش»، وانطلاقاً من كلامه قبلت الفيلم، لكننى فوجئت بوجود مشهد فى السرير لم أصوره، إلا أنه يحمل إيحاءً للمشاهد بوجودى فيه، فعاتبت المخرج حينها وأصبحت لا أطيق هذا الفيلم.

بحكم تقديمك لبرنامج تليفزيونى.. ما تقييمك لوسائل الإعلام وبرامج «التوك شو»؟

- أحب برامج «التوك شو» إذا كانت نوايا مقدميها طيبة، بمعنى أن يكون غرضهم إسعاد الناس وإبراز الحقائق، وليس توصيل رسائل أخرى كما يحدث حالياً من بعض الفضائيات المعروفة أسماؤها، كما نرى مذيعين يغيرون جلدهم ولا يعودون لسابق عهدهم، وآخرين هوايتهم عرض المصائب فقط، وكأن مصر بلا شىء حسن، وانطلاقاً من هذه النماذج، أرى أن الإعلام بحاجة إلى «غربلة» فورية، ومن يحب هذا البلد وفنه وشعبه ويريد تقديم فن دون أغراض مقبلة من الخارج فأهلاً وسهلاً به، ومن يرد غير ذلك فليرحل عنها.

أخيراً.. كيف ترين الأوضاع التى تعيشها مصر حالياً؟

- متفائلة بما هو مقبل، لإيمانى بأن مصر محمية من الله، الذى ينقذها فى الوقت المناسب، وأرى أن «السيسى» اختيار إلهى وليس اختيار المصريين، لأننا لم نكن نعلم عنه شيئاً وقت وجوده فى الجيش، إلا أن الإخوان اختاروه، «ونقوا النقاوة» صراحة، لأنه استطاع إنقاذ مصر مما كانت ستصل إليه على أيديهم.


مواضيع متعلقة