7 آلاف طفل.. من «الرصيف» إلى «حضن الدولة»

كتب: إمام أحمد وسلمان إسماعيل

7 آلاف طفل.. من «الرصيف» إلى «حضن الدولة»

7 آلاف طفل.. من «الرصيف» إلى «حضن الدولة»

آلاف الأطفال وجدوا أنفسهم بلا أسر ترعاهم وبلا منازل يأمنون فيها العيش، نشأوا فى شوارع مصر وعلى أرصفتها وبين حواريها، تعرضوا لمختلف أشكال الاعتداء والإهانة والجريمة، وربما ارتكبوها أيضاً، لسنوات طويلة لم تنظر إليهم دولة ولم يحن عليهم قلب مجتمع، حتى تحولوا شيئاً فشيئاً إلى «أشباح» يخشاها الجميع، وتخشى الجميع، وصاروا «قنابل موقوتة» مهددة بالانفجار فى أى لحظة.

استمر الوضع على ما هو عليه إلى أن «استيقظت» الدولة، وقررت أن تولى اهتمامها لمكافحة واحدة من أخطر الظواهر، فأطلقت قبل عامين، فى بداية 2016، البرنامج القومى لرعاية أطفال بلا مأوى، بالتعاون بين صندوق تحيا مصر الذى أسسه الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووزارة التضامن الاجتماعى.

ووفقاً للبرنامج القومى تم تأسيس أكثر من دار رعاية جديدة، كما تم تطوير ورفع كفاءة العديد من دور الرعاية الاجتماعية القائمة، لتوفير فرصة حياة آمنة للأطفال، وتأهيلهم نفسياً واجتماعياً، ولم تتوقف رحلة مكافحة الظاهرة الخطرة عند هذا الأمر، بل تم العمل على تمكين الأطفال اقتصادياً من خلال صقل مهاراتهم المهنية وتزويدهم بحرف ومهن حرة من خلال التدريب والتعليم الفنى، بما يجعلهم قادرين على الانطلاق فى حياتهم الجديدة. أكثر من 7 آلاف طفل شملهم البرنامج حتى الآن، وتغيرت حياتهم رأساً على عقب، من دائرة السوء والخطر إلى دائرة الأمان والطمأنينة وإثبات الذات، ومزيد من التفاصيل فى السطور المقبلة:

{long_qoute_1}

جهود ملموسة بذلها صندوق تحيا مصر فى ملف الأطفال بلا مأوى، وتنفيذاً لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى الموجهة للصندوق للقضاء على الظاهرة، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى، الرحلة بدأت بإعداد خطة متكاملة لحماية الأطفال المُشردين، وتوفير حياة آمنة لهم.

وشهد منتصف عام 2016 الانتهاء من تطوير البنية التحتية ورفع كفاءة وزيادة القدرة الاستيعابية لـ6 دور للرعاية الاجتماعية، وخلال 2017 افتتح الصندوق 3 دور لرعاية الأطفال بلا مأوى فى محافظات القاهرة، والإسكندرية، والشرقية، ومع بداية العام الحالى الجديد تم افتتاح أول دار فى صعيد مصر بالمنيا أمس الأول، فيما يؤكد مسئولو «تحيا مصر» و«التضامن» أن رحلة القضاء على ظاهرة أطفال بلا مأوى لن تتوقف حتى تنجح فى مهمتها فى جميع محافظات مصر.{left_qoute_1}

وقالت ريهام أبوإسماعيل، مدير المسئولية الاجتماعية بصندوق تحيا مصر، إنه تم تطوير البنية التحتية للدار الجديدة، بالإضافة إلى زيادة القدرة الاستيعابية لها لتصبح 200 طفل بعد التطوير بدلاً من 100 طفل، كما تم إنشاء غرفة مجهزة للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، وغرفة نفسية، وعيادة طبية، بالإضافة إلى تطوير ورش للتدريب المهنى للأطفال، بالإضافة إلى إنشاء مدرسة مجتمعية لهم فضلاً عن صالات للألعاب الرياضية، إضافة إلى ملعب كرة قدم، بتكلفة مالية تقدر بـ5.5 مليون جنيه، وأضافت أن صندوق تحيا مصر قام بتخصيص 114 مليون جنيه، إضافة إلى مساهمة وزارة التضامن الاجتماعى بمبلغ 50 مليون جنيه لتنفيذ البرنامج القومى لحماية الأطفال بلا مأوى، الذى يعتمد بشكل رئيسى على إعادة تأهيل وإنشاء 6 دور رعاية اجتماعية من أكبر دور الرعاية استيعاباً للأطفال، متابعة أن ذلك تم بالتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التى استغرقت عاماً كاملاً للانتهاء من تجهيز دور الرعاية، وتابعت: «تطلب هذا البرنامج من صندوق تحيا مصر دعم وزارة التضامن الاجتماعى لإنشاء وحدة مركزية متخصصة لإدارة برنامج حماية الأطفال بلا مأوى، على أن تكون هناك متابعة دورية من قبل الصندوق لضمان جودة وكفاءة الخدمة وحرصاً على تحقيق أكبر استفادة ممكنة من تبرعات المصريين لصالح صندوق تحيا مصر»، مؤكدة استمرار عطاء صندوق تحيا مصر فى تقديم كافة وسائل الدعم للبرنامج القومى لحماية الأطفال بلا مأوى، من خلال الاستمرار فى تنفيذ الأنشطة مع الأطفال داخل دور الرعاية الاجتماعية التى تم تطويرها، وافتتاح عدد 2 دور للرعاية الاجتماعية خلال الأشهر القليلة المقبلة، بالإضافة إلى تجهيز إطلاق قاعدة بيانات مركزية لربط عدد 17 وحدة متنقلة بالمحافظات العشر المستهدفة لتكوين قاعدة بيانات حقيقية للأطفال بلا مأوى.

وأشارت إلى أن صندوق تحيا مصر أدخل محوراً رئيسياً للبرنامج وهو تصميم وتجهيز 17 وحدة متنقلة للتعامل مع الأطفال بأماكن تجمعهم بالشارع، لسد الفجوة ما بين الطفل ودور الرعاية الاجتماعية، ليتم توزيعها على المحافظات المستهدفة طبقاً لحجم كثافة الأطفال فى أماكن تجمعهم.

{long_qoute_2}

وأوضح حازم الملاح، المتحدث باسم برنامج أطفال بلا مأوى بوزارة التضامن الاجتماعى، أن الوحدات المتنقلة تتضمن «شيزلونج» طبياً للعلاج الجسدى والنفسى، بالإضافة إلى شاشة LCD وجهاز بلاى ستيشن، بالإضافة إلى أماكن لحفظ وجبات للأطفال، و«ميكرويف» لتسخين هذه الوجبات، و«كولدير» صغير لتوفير المياه الباردة لهم حال ارتفاع درجات الحرارة، وأماكن أخرى لحفظ أوراق حالات الأطفال، وقال «الملاح»، إنه وتأكيداً على عنصر تنمية الموارد البشرية العاملة على تأهيل الطفل نفسياً واجتماعياً تم تعيين 85 إخصائياً اجتماعياً ونفسياً من خارج وزارة التضامن الاجتماعى لتوزيعهم على عدد 17 وحدة متنقلة، ليتم العمل بالتوازى فى عدد 10 محافظات الأعلى كثافة، هى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية والشرقية والمنوفية والسويس وبنى سويف وأسيوط والمنيا، لأنه طبقاً للمسح الذى جرى فى 2014، بيّن أن هناك 16 ألف طفل بلا مأوى يتمركزون فى هذه المحافظات، وأضاف أن فريق الشارع مجموعة من الإخصائيين منهم الاجتماعى والنفسى وإخصائى للنشاط، تم تدريبهم على أعلى مستوى بالتعاون مع المنظمات صاحبة الخبرة فى مجال الأطفال بلا مأوى، متابعاً: «هؤلاء الإخصائيون ينزلون للأطفال فى الشوارع، يخلقون معهم علاقة ودية لجذبهم إلى داخل الوحدات المتنقلة»، وأشار إلى أن الطفل عندما يدخل ويجد الـ«بلاى ستيشن» والوجبات السريعة، والفحص الطبى يشعر بالألفة، ما يجعل فرصة تركه للشارع ممكنة بشكل كبير»، وأكد أن الفرق المتنقلة تجوب المحافظات يومياً، بحثاً عن الأطفال بلا مأوى، وقال إن الوزارة خصصت الخط الساخن 16439 لتلقى الإفادات بوجود أطفال شوارع وعلى الفور سينتقل فريق الشارع الموجود بالمحافظة، من الساعة 10 صباحاً لـ10 مساء، وتابع أن تدريب الإخصائيين العاملين بالمشروع استغرق ثلاثة أشهر، تم التدريب خلالها على عدة موضوعات، منها منهجية العمل بالوحدات المتنقلة للعمل بالشارع، وقواعد إدارة الحالة، وإدارة الجلسات الفردية والجماعية، وسياسة حماية الطفولة، وعوامل الطرد والجذب للأطفال فى ظروف الشارع، بالإضافة إلى التدريب العملى من خلال فترة معايشة مع الأطفال بالشارع، واستطرد: «تعاملنا حتى الآن مع 7095 حالة خلال سنة تقريباً، وتم دمج 570 حالة منهم، إما داخل أسرهم أو فى دور الرعاية»، معتبراً هذا الرقم كبيراً، لأن هناك أطفالاً تعمل فرق الشارع على جذبهم لمدد طويلة، وتتابع معهم بشكل دورى، لأنهم يحتاجون لمعاملة خاصة «الوزارة تنظم تدريباً لكل من يتعامل مع أطفال الشوارع؛ وتعاقدنا مع كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان لتدريب مديرى المؤسسات والمشرفين والإخصائيين ومجالس إدارات المؤسسات الأهلية على تنمية المهارات والتعامل مع الأطفال، خاصة من يعملون فى الدور الـ21 التى تبناها المشروع».

{long_qoute_3}

ويتبنى صندوق تحيا مصر الطفل، بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى حتى انتهاء تعليمه بالمدارس أو الجامعات أو التعليم الفنى طبقاً لقدرات وميول الطفل حتى يستطيع الاندماج فى المجتمع ليكون مواطناً مستقلاً قادراً على الاعتماد على نفسه، وذلك من خلال تنفيذ حزمة من البرامج والأنشطة التأهيلية للأطفال داخل دور الرعاية الاجتماعية، التى تتضمن أنشطة تعليمية وترفيهية ونفسية وصحية.


مواضيع متعلقة