ليس الأول لكنه الأخطر.. رسوم ترامب تغير قواعد لعبة التجارة الدولية

كتب: أيمن صالح

ليس الأول لكنه الأخطر.. رسوم ترامب تغير قواعد لعبة التجارة الدولية

ليس الأول لكنه الأخطر.. رسوم ترامب تغير قواعد لعبة التجارة الدولية

أصبح من المؤكد أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب بجميع أنواعها إلى الولايات المتحدة الأمريكية هو الأخطر في تاريخ أمريكا، المثير للجدل أنه ليس الأول بين قادة البيت الأبيض الذي فرض رسوما جمركية على الواردات، فكل قادة بيت أمريكا الأبيض السابقين بدءا من "جيمي كارتر" أقروا نوعا من القيود الحمائية على التجارة وخاصة الصلب.

لن تكون الرسوم الجديدة على الصلب والألمنيوم التي أقرها "ترامب" مساء أمس بحسب تقرير لـ"الإيكونوميست" ، بحد ذاتها أداة لتخريب الاقتصاد الأمريكي، حيث شكلت السلعتان 2% من إجمالي واردات البلاد العام الماضي، البالغة 2.4 تريليون دولار، أو ما يعادل 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن إذا كان هناك أثر جانبي وامتداد لحمائية "ترامب"، فإنها ستكون ببساطة نتاج تصرفات غير مسؤولة، وفي الواقع إن الكارثة المحتملة ستطال أمريكا والاقتصاد العالمي.

ترامب، الدائم السخرية من النظام التجاري متعدد الأطراف، هو أول رئيس ذو خلفية مالية بين رؤساء البيت الأبيض دائم التشكيك في التجارة الحرة، ولأن المقدمات تقود إلى النهاية كانت البداية استقالة "جاري كوهن" من منصب مستشار الرئيس الاقتصادي، التي تمثل إزالة أحد أعمدة التجارة الحرة داخل البيت الأبيض، ما يشير إلى تولي دعاة الحمائية لزمام الأمور، ويضع النظام التجاري العالمي أمام خطر غير مسبوق.

لهذا الخطر أبعاد كثيرة، أحدها هو التصعيد المتبادل، فعلى سبيل المثال قال الاتحاد الأوروبي إنه سيقطع خطوات انتقامية بفرض رسوم على بعض السلع الأمريكية، وهو ما رد عليه "ترامب" بالتلويح بفرض تعريفات على السيارات الأوروبية.

أما الخطر الثاني فينبع من منطق "ترامب"، حيث تستند هذه التعريفات إلى قانون قليل الاستخدام، يسمح للرئيس بحماية الصناعة لضمان استقرار الأمن القومي، وهي حجة غير واضحة، إذ يوفر الحلفاء أغلب احتياجات أمريكا من الصلب.

ويتجه "ترامب" لاستبعاد كندا والمكسيك مؤقتا من خطته، ذلك لأنه يريد اكتساب المزيد من القوة في إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا"، والتي لا علاقة لها بالحفاظ على الأمن القومي الأمريكي في الأساس.

وشملت مراجعات الأمن القومي "للبند 232" الخاص بالتجارة في القطاعين العام والخاص، والتي طال انتظار إعلانها، خيارات رسوم دولية لا تقل عن 24 % على جميع منتجات الصلب الواردة من جميع الدول وما لا يقل عن 7.7 % على جميع منتجات الألومنيوم الواردة من جميع الدول.

ليس من الواضح إذا كانت الدول الأخرى تستطيع الاستجابة بشكل قانوني عندما يتم التعلل بمخاطر الأمن القومي بهذه الطريق، فهذه الحجة تضع منظمة التجارة العالمية في موقف لا تحسد عليه.

وأصبحت منظومة التجارة العالمية أمام وضعين الأول إما أن يتسبب "ترامب" في حرية تبادل الاتهامات والإجراءات الانتقامية التي لا يمكن لمحاكم المنظمة أن تفصل فيها، أو سيكون لهذه المحاكم قول آخر يتعلق بالأمن القومي، وحينها ربما تنسحب الولايات المتحدة من المنظمة.

الوضع الثاني هو أن تعاني منظمة التجارة العالمية من مشكلات عدة، منها بطء وضعف آليات حل المنازعات، وعدم مواكبتها للتغير الاقتصادي، وانهيار بعض المحادثات التي قادتها مؤخرا، لكن تقويض دورها بأي حال من الأحوال سيشكل خسارة كبيرة للعالم.

وإذا انتهجت أمريكا سياسة تجارية تتحدى النظام العالمي، فإن دولا أخرى ستتبع نفس النهج، وقد لا يؤدي ذلك إلى انهيار فوري لمنظمة التجارة العالمية، لكنه سيؤدي حتما إلى تآكل أحد أسس "الاقتصاد المعولم".

ومن المقرر أن يدفع الافتقار إلى القواعد التنظيمية والإجراءات العالمية إلى النزاعات والتصاعد، وستبنى السياسات التجارية على المصالح الخاصة، وسيكون للقوة العسكرية نفوذ أكبر في حسم الخلافات بدلًا من الممارسات العادلة، وباعتبارها اقتصادًا قاريًا ستكون أمريكا أقل تضررا.

محليا، يرى متعاملون في أسواق الصلب، أن المنظومة بالكامل قد يصيبها الارتباك، وقال إبراهيم السجيني رئيس جهاز مكافحة الدعم والإغراق لـ"الوطن" إن القرار الأمريكي يخالف قواعد ومعايير منظمة التجارة العالمية، لافتا إلى أن مصر ضمن 12 دولة يطبق عليها القرار.

وتصدر منتجات الصلب إلى أمريكا حوالي 173 ألف طن، بقيمة 110 مليون دولار، من إجمالي حجم الواردات الأمريكية الذي يبلغ 34 مليار دولار، اى حوالى 0.5% من إجمالي واردات أمريكا.


مواضيع متعلقة