في الغوطة الشرقية.. "أبو غسان" إمام ومأموم على ركام مسجده

كتب: وكالات

في الغوطة الشرقية.. "أبو غسان" إمام ومأموم على ركام مسجده

في الغوطة الشرقية.. "أبو غسان" إمام ومأموم على ركام مسجده

وحده يأتي في موعد كل صلاة إلى مسجده المدمر، ليرفع الأذان ويصلي على أطلاله، غير عابئ بالدمار، يصدح بصوته، ويسجد على الأنقاض والركام.

ثار محمد سليلو "أبو غسان"، إمام مسجد "حذيفة" الأثري بغوطة دمشق الشرقي، على الدمار الذي يحيط بالمنطقة، والقصف المتواصل عليها، وعلى الرغم من تحول المسجد إلى ركامٍ وأنقاضٍ فإن "أبو غسان" لا يزال مُصِرًّا على إحياء شعيرة الأذان.

في ذلك المسجد، لم يبقَ حجرٌ على حجرٍ ولا مأذنةً ولا منبرًا، يؤذن "أبو غسان" بمِلء صوته، ويتابع عملًا بدأه منذ عشرين عامًا، وقال "أبو غسان"، لـ"الأناضول"، الحكومة السورية وروسيا يستهدفان دور العبادة، وقصفا المسجد منذ بداية الثورة 2011، وعادوا ليقصفوه عدة مرات في الحملة العسكرية الأخيرة، موضحًا أن الحكومة وروسيا يقصفون كل شيء بـ"شكل همجي"، حتى الكنائس لم تسلم من قصفهم.

وتابع "أبو غسان"، أنه على الرغم من دمار المسجد، الذي كنت أرفع فيه الأذان منذ 20 عاما، فإنني ما زلت آتي تقريبا في كل وقت صلاة لأرفع الأذان وأصلي وحيدا فيه، مشددًا على أنه سيواصل ذلك مهما كلفه الأمر، مضيفًا: "لي في هذا المسجد ذكريات ولن أتخلى عن ذكرياتي".

ويعتبر مسجد "حذيفة"، من المساجد الأثرية القديمة في الغوطة الشرقية ومن أهم المساجد فيها، إذ كانت تقام فيه حلقات ذكر وصلاة التراويح وغيرها من العبادات.

وأُسس مسجد حذيفة قبل نحو 90 عامًا، ثم شيّده الأهالي ووسعوه عدة مرات حتى أصبح واحدًا من أكبر مساجد الغوطة، وتعرض لتدمير جزئي في بداية هجمات القوات السورية على المنطقة بالبراميل المتفجرة، ومن ثم استهدف في الحملة الأخيرة براجمات الصواريخ، فلم يعد يصلح لاستقبال المصلين.

وقت كل صلاة ينتقل "أبو غسان"، بين ركام الشوارع إلى ركام المسجد الذي يشعر بأنه جزءٌ منه، حتى أنه لا يريد أن يرى الدمار الذي حل به.. يضع إطار بابٍ مدمرٍ وكأنه سجادة صلاة أمام المنبر، ويبدأ بالأذان بصوته الخاشع، ويقيم الصلاة، لكنه على غير عادته في العشرين سنة الماضية، فإنه يصلي اليوم وحيدا دون مصلين يأمهم، فهو الإمام والمأموم.

وينتهي "أبو غسان" من صلاته، لتجد جبهته وقد ملأها غبار الركام، كما ملأ الحزن شيبته وما زال الأمل يراوده بعودة مسجد "حذيفة"، ليصدح بالأذان من جديد.


مواضيع متعلقة