«خيرى رمضان» فى سجن الهوانم

سحر الجعارة

سحر الجعارة

كاتب صحفي

ليس عاراً أن نكشف جروحنا لنداويها، أن ندافع عن حق من يواجهون «الموت» كل يوم، لنعيش نتغنّى ببطولاتهم ونحن لا نعلم كيف تعيش أسرهم؟.. الأسر التى يعريها الاستشهاد من «الستر والسند» من الأب!. ما فعله الإعلامى «خيرى رمضان» ليس خطأ مهنياً، ولا فضيحة ولا إساءة لوزارة الداخلية، بل على العكس هو دفاع عن حقوقهم فى «حياة كريمة»، حياة تليق بأناس تُبعدهم عن «الشهادة» مسافة «طلقة رصاص»!.

بداية، لقد اختارت الدولة «رمضان» ليعود إلى شاشة التليفزيون المصرى، وهو ما يؤكد ثقة الدولة فى ولائه وفى مهنيته، وراهنت على أن يكون «رمضان» واجهة إعلامية ذات مصداقية ونحن على أعتاب «الانتخابات الرئاسية».. ولم يكن مطلوباً إطلاقاً أن يظهر بشريط لاصق على فمه، أو أن يتحول إلى «ببغاء» يطبل ويهلل بخطاب إعلامى أجوف.. وهذا هو المأزق الحقيقى: (العلاقة الملتبسة بين الدولة والإعلام)!.

ظهر «خيرى» فى برنامجه (أتصور من باب الحماس والإنصاف لجهاز الشرطة)، ليقول: (إن زوجة أحد ضباط الشرطة أرسلت له رسالة تؤكد فيها معاناتها ومعاناة زوجات وأسر ضباط الشرطة، بسبب ضعف رواتبهم، وأنها لا تستطيع سداد مصروفات المدارس لأولادها، كما ذكرت أنها تفكر فى العمل كخادمة للإنفاق على الأسرة). وهو ما ردّت عليه وزارة الداخلية بقوة، وتقدّمت ببلاغ ضد الإعلامى، تتّهمه فيه بإهانة ضباطها وأسرهم. كأن الداخلية لا تعلم أن الشعب غاضب بسبب تجاوزات بعض الضباط فى الأقسام، ولا تعلم أن العلاقة بين الشعب والشرطة تعقّدت تحديدا بسبب شائعات مغرضة عن امتيازات مادية وعينية يتمتّع بها بعض ممن ينتمون إلى الشرطة!. ولا تعلم أن جهاز «الأمن الوطنى» يرصد معاناة كل شرائح الطبقة الوسطى من الغلاء (وبينهم ضباط الشرطة)، وأن الشريحة العليا سقطت إلى «حد الفقر»، ولم تعد الرواتب تكفى لتعليم جيّد ومستوى اجتماعى لائق!.

قالت زوجة عقيد الشرطة فى خطابها لـ«خيرى» إنها فكرت فى العمل كخادمة للإنفاق على الأسرة. وأنا أقولها بكل أمانة إن راتبى فى المؤسسة الصحفية الحكومية التى أعمل بها مخصّص لراتب الشغالة. فما وجه العجب والإساءة فى ما قاله «خيرى»، نقلاً عنها؟.

الدكتورة «رشا كامل»، رئيسة جمعية زوجات ضباط الشرطة، قالت لـ«العربية نت»: إنها تقدّمت هى الأخرى، نيابة عن الجمعية، ببلاغ ضد «خيرى رمضان»، لأنه أساء إلى زوجات ضباط الشرطة، إضافة إلى كونها أخباراً كاذبة وغير حقيقية دمّرت معنوياتهم فى هذا التوقيت الذى يخوضون فيه معركة شرسة ضد الإرهاب، نافية صحة ما أورده الإعلامى فى رسالته. وأكدت أن (ضباط الشرطة يعيشون حياة جيدة، وتوفر لهم الدولة جميع السُّبل المتاحة لراحتهم وراحة أسرهم)، فلماذا إذاً لا يقومون بواجبهم لضبط الشارع المصرى؟.. ولماذا انتشر الفساد والبلطجة بين «بعض» أمناء الشرطة؟. والسؤال الأهم: لماذا لا تتساوى باقى فئات المجتمع بنعيم «هوانم ضباط الشرطة»؟. هل ما قلته يعد «إساءة لهيئة وضباط الشرطة» تستوجب محاكمتى وسجنى؟. فليجبنى السيد وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار: أين ذهب الضباط الملتحون الذين تظاهروا خلال حكم «الإخوان» للعمل بلحاهم؟. وكم عملية إرهابية تمت كانت وراءها «إخبارية» من ضابط من «الخلايا النائمة» للإخوان؟.

إذا كان كلام «خيرى» دمّر نفسية ضباط الشرطة وأسرهم فقد عرض على الهواء مفردات مرتب عقيد الشرطة، موضحاً أنه يتقاضى 6890 جنيهاً يخصم منها 2259 جنيهاً، ليتقاضى فى النهاية 4631 جنيهاً، مدافعاً عن حقه، وقال: سأعرض مفردات راتب عقيد الشرطة، رداً على «البوم اللى بينعق ويقول الدولة بتدى فلوسها لضباط الجيش والشرطة». لكن يبدو أن أسر الضباط لا تسمع نعيق البوم، بل تنعم بزقزقة العصافير، وهو ما جعل «خيرى» متهماً بـ«نشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة بحق هيئة الشرطة على نحو يمثل إساءة إليها». وخرج بكفالة 10 آلاف جنيه بعد عدة أيام من «الحبس الاحتياطى».

الآن.. «هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين». اكشفوا للرأى العام عن رواتب ومزايا ضباط الشرطة ليعلم الشعب عن أى «رفاهية» يتحدّثون، ولتثبتوا كذب «خيرى رمضان».