الآمال تتعلق بالقطاع الخاص لوقف نزيف حوادث القطارات

كتب: كريم سعيد

الآمال تتعلق بالقطاع الخاص لوقف نزيف حوادث القطارات

الآمال تتعلق بالقطاع الخاص لوقف نزيف حوادث القطارات

"مش عاوز يبقى عندكم هواجس، ولّى زمن ذلك، هناك ضوابط الآن، ومفيش خصخصة للمرفق"، عبارة أطلقها الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، وهو يحاول أن يقنع أعضاء المجلس بمشروع قانون يسمح بإشراك القطاع الخاص في إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى منيت مصر بحادث أليم أسفر عن مصرع 12 شخصًا وإصابة 39 بحسب آخر إحصائية لوزارة الصحة.

واصطدام قطار الركاب رقم 678، المتجه من القاهرة إلى إيتاي البارود طريق "المناشي"، اليوم، بقطار بضائع في أثناء مروره بمحطة أبوالخاوي بمركز كوم حمادة، بمحافظة البحيرة، ما أسفر عن وقوع وفيات وعشرات الإصابات.

أشلاء هنا وقتلى هناك، وفريق من المسعفين يهرولون هنا وهناك بموقع الحادث على طريق "المناشي"، بحثًا عن أي ناجي من الحادث، بينما تعكف لجنة النقل بمجلس النواب، على آلية تطبيق مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 152 لسنة 1980 بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، بعد الموافقة عليه في مجموعه، على أن يتم التصويت عليه بشكل نهائي خلال جلسة مقبلة، وفقا لما جرى خلال جلسة 11 فبراير الساري.

ونص مشروع تعديل قانون هيئة السكك الحديدية على إمكانية اشتراك الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر في إدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكك الحديدية على المستوى القومي، وتطوير هذه الشبكات وتدعيمها، وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم الخدمة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض، وتطوير خدماتها في جميع أنحاء الجمهورية.

وأظهر مشروع موازنة الهيئة القومية لسكك حديد مصر للسنة المالية 2017/2018، التي كشفت عن تحقيق خسائر وعجز نشاط بلغ 4 مليارات و960 مليونا و139 ألف جنيه. بينما بلغت جملة التكاليف والمصروفات بالهيئة 9 مليارات و280 مليونا و139 ألف جنيه، بزيادة قدرها 749 مليونا و137 ألف جنيه عن العام المالي السابق، مقابل جملة إيرادات بلغت 4 مليارات و320 مليون جنيه، بزيادة قدرها 270 مليون جنيه فقط عن موازنة العام الجاري.

واستنكر الإعلامي نشأت الديهي، واقعة تصادم قطارين في محافظ البحيرة، موضحًا أن مصر بحاجة إلى عملية نسف كامل وشامل لكل المنظومة التي تدير هيئة السكك الحديدية.

وأضاف الديهي، خلال تقديمه برنامج "بالورقة والقلم"، على قناة "تن"، أن مصر تشهد أعلى نسبة في العالم في حوادث الطرق والسكة الحديد، موضحًا أننا نواجه حالة من الإهمال الشديد وغياب للضمير. وطالب الديهي، بضرورة خصخصة السكة الحديد، لحل أزمة تصادم القطارات ووقف نزيف الدم، متابعًا "لم نلتمس الأعذار لكل المهملين".

وبلغ دعم خطوط السكك الحديدية غير الاقتصادية بالمحافظات مليار جنيه، في مشروع الموازنة للعام المالي 2017/2018، وفقا للبيان المالي لوزارة المالية، كما قدر إجمالي دعم نقل الركاب بنحو مليار و761 مليون جنيه، والدعم الممنوح لاشتراكات الطلبة على خطوط السكك الحديدية ومترو الأنفاق نحو 275 مليون جنيه.

وقال مجدي مرشد، عضو المكتب السياسي بائتلاف "دعم مصر"، ونائب رئيس حزب "المؤتمر"، لـ"الوطن"، سبتمبر الماضي، إن خصخصة الإدارة أو طرح مرفق السكة الحديد كشركة مساهمة، وأن يكون ملكا لكل المصريين، حل أمثل للتخلص من "الإدارة الحكومية السيئة"، منوها إلى أن دولا كثيرة جربت فكرة خصخصة الإدارة ونجحت في تطوير مرافقها.

وأضاف مرشد أن البرلمان والحكومة وكل المؤسسات تأكّدت أن الإدارة الحكومية الحالية للمرفق "لم ولن تحقق أي إنجاز أو تطوير حقيقي يحسّن من الخدمة"، مشيرا إلى أن الدولة من الممكن أن تتدخل فيها لدعم محدودي الدخل.

وقال دكتور أسامة عقيل، أستاذ الطرق والمرور والمطارات بجامعة عين شمس، إن مشاركة القطاع الخاص في إدارة هيئة السكك الحديدية، تستدعي تحقيق أرباح لصالح رجال الأعمال، بينما نحن أمام "مرفق متهالك وفاشل" على صعيد الإدارة والبنية التحتية، و"يخسر أكثر من 1.5 مليار جنيه سنويًا على التأمين والإهلاك فقط"، كما أن القطارات لا يستقلها رجال أعمال، ولكن موظفين وعمال وفلاحين، وبالتالي لا يمكن التربح من ورائهم.

 {long_qoute_1}

ورفض عقيل، فكرة تحرير سعر تذكرة القطار، خلال الوقت الراهن، لأن منظومة السكك الحديدية "فقدت جاذبيتها"، ولم يثق فيها أحد الآن، بعدما أثبتت فشلها، وأنها تدار بفكر "الأقدم يدير" وليس "الأكفأ أو الخبير"، وقال متسائلًا: "كم وزير أتى ووعد بصيانة وتحديث منظومة السكك الحديدية؟ ثم ينتهي الأمر بكارثة، ويرحل الوزير دون أن يحاسب".

وعن الحل لتجنب حوادث القطارات وتحديث منظومة السكك الحديدية، قال عقيل إن هناك خطتين الأولى هي الإصلاح، والثانية هي تحديث المنظومة بالكامل.

وأشار عقيل إلى خطة الإصلاح، والتي "تكلف الدولة المليارات"، كما تستغرق عشرات السنين، وفي النهاية سنملك قطارات صالحة ولكنها قديمة الطراز وغير مرحب بها، لذلك الحل الأمثل هو طرح خطة للتحديث.

{long_qoute_2}

وأكد أستاذ الطرق والمرور والمطارات بجامعة عين شمس، أن خطة التحديث تعتمد على عدة خطوات، هي تجميد العمل بمنظومة السكك الحديدية كاملة لفترة مؤقتة، ولن يؤثر ذلك على الركاب، بدليل توقفها عقب أحداث 25 يناير ولم يتأثر أحد، فهي تشكل 4% فقط من حركة النقل بمصر.

وتابع عقيل: "بدء تحديث خط رئيسي مثل القاهرة- الإسكندرية، والذي يشكل 20% من إيرادات الهيئة، وهو الخط الوحيد المربح بينما باقي الخطوط تخسر"، وضرب مثالا لتوضيح ذلك بأن قطار مثل "القاهرة - السويس" ينطلق بعدد ركاب لا يزيد عن 100 راكب، وبالتالي تقدر تكلفة الراكب الواحد 100 جنيه، على حد تعبيره. مستطردًا: "لو جبنا عربيات مرسيدس آخر موديل للركاب أوفر، لأن إيجار السيارة بالسواق 500 جنيه، أي 10 سيارات تقدر بـ 5 آلاف جنيه، فيما تقدر تكلفة انطلاق القطار والعاملين بعشرات الآلاف".

وأكمل عقيل قائلًا: "عقب تحديث الخط تتحول الهيئة للربح بدل الخسارة، ثم يتوالى التحديث للخطوط، من القاهرة لبني سويف، ثم أسوان، ثم خط بنها الزقازيق، وخط دمياط المنصورة، ويتم التطوير من إيرادات خط سكة حديد حديثة، وفقاً لخطة تستمر لعشرة أو 12 عامًا".

وعن توفير المبالغ اللازمة لتحديث منظومة السكك الحديدية، قال عقيل إن وجود 3 مصادر للتمويل، الأول عند تجميد الخطوط الخاسرة، سيصبح لدينا فائض في العربات والعمالة، يمكن في البداية استغلال العربات الممتازة في تحديث الخط الجديد.

وأشار إلى المصدر الثاني، وهو التعاون مع القطاع الخاص في إدارة وتشغيل خطوط نقل البضائع، ولكنها لن تدر ربح كبير إلا عقب تحديثها بالكامل.

وعرض عقيل مصدر التمويل الأخير، وهو الحصول على قروض وإنفاقها على السكة الحديد، إلا أنه أشار إلى صعوبة تحقيق ذلك بسبب كثرة القروض التي حصلت عليها مصر خلال الفترة الماضية، مما يضع عبء على إدارة الهيئة في سداد فوائد القروض.


مواضيع متعلقة