في مفهوم المشاركة الشعبية

قياتي عاشور

قياتي عاشور

كاتب صحفي

في المقال السابق تعرضنا لفكرة الربط بين المشاركة الفعالة بين الحكومة والجماعات المحلية ضمن استراتيجيات تنموية ومنهجية تكاملية مبنية على قاعدة من الحوار والتشاور والتنسيق والتعاون، يثمر بالتأكيد نتائج إيجابية في إنجاح العمليات التنموية القائمة،  فكان من المهم أن نتعرض بشكل مفصل منفرد للحديث عن ماهية المشاركة الشعبية حيث يعتبر مصطلح المشاركة الشعبية (المجتمعية أو الجماهيرية أو الأهلية) من المصطلحات الحديثة التي تتعدد التعاريف المتعلقة به، وتختلف من دولة إلى أخرى وفي الدولة نفسها، ويعود ذلك لتعدد التخصصات التي تتعاطى مع هذا المفهوم وتطبيقاته.

والتعريف العام المطروح في تقرير الأمم المتحدة يعطي مفهومًا عامًا وشاملًا للمشاركة الشعبية، فيعرفها بأنها "خلق فرص تمكن جميع أعضاء المجتمع والمجتمع الأكبر للمشاركة الفاعلة والتأثير على العملية التنموية ليشاركوا بعدالة وإنصاف في ثمار التنمية، إلا أن ما يهمنا هنا هو المشاركة الشعبية في التنمية المحلية.

فحسب هاي Hay، المشاركة الشعبية تعني " المساهمة الطوعية في العلاقة بين الفرد والجماعة، وبين الجماعة وجماعة أخرى"؛ وفي نفس الاتجاه يرى الدكتور عبد المنعم شوقي أن المشاركة الشعبية هي:" عملية مساهمة المواطنين طوعًا في أعمال التنمية، سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل وغير ذلك؛ بل إن المشاركة تعتبر درجة إحساس الناس بمشكلاتهم المحلية، ونوع استجابتهم لحل هذه المشكلات".

أما منصور بن لرتب فيعرفها بأنها:" العملية الإرادية الطوعية التي من خلالها يساهم المواطن مساهمة فعالة بالرأي أو الفعل، أو أحيانا بالمال أو الهبات المالية، دون ضغط أو مساومة أو تحقيق منفعة تتعارض مع المصلحة العامة".

وبصفة عامة يمكن تعريف المشاركة الشعبية على أنها:" العملية التي تتيح لجميع أفراد المجتمع المحلي وجماعاته المؤهلة بموجب القوانين فرصًا للتعبير عن آرائهم، ودورًا في إعداد الخطط والمشروعات المحلية وتنفيذها ومتابعتها والرقابة عليها بشكل مباشر وغير مباشر، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتحسين نوعية حياة السكان، وإشباع حاجاتهم بعدالة دون الإضرار بالمصالح الوطنية".

وإذا كانت التنمية المحلية في بعدها الإقليمي والوطني تعرف على أنها تلك العمليات التي تبذل بقصد ووفق سياسيات عامة لأحداث تطور وتنظيم اجتماعي واقتصادي للناس وبيئاتهم المحلية أو الإقليمية أو الوطنية بالاعتماد علي المجهودات الحكومية والأهلية المنسقة، علي أن تكتسب كل منها القدرة علي مواجهة مشكلات المجتمع نتيجة هذه المعطيات"، وإذا كان مفهوم المشاركة كما راينا بمدلوله العام يشير إلي أنها " العملية التي من خلالها يكون للفرد دور في الحياة السياسية والاجتماعية لمجتمعه وتكون لديه الفرصة لأن يشارك في وضع الأهداف العامة واختيار أفضل الوسائل لتحقيقها وإنجازها"، فإنه يمكن الاستنتاج أن المشاركة الشعبية بمفهومها التنموي هي "إشراك الناس بدرجة أو بأخرى في التصميم والإشراف علي تنفيذ سياسيات ومشروعات التنمية المحلية، سواء بجهودهم الذاتية أو بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المركزية والمحلية .

ومن هذا المنطلق، فإن المشاركة الشعبية في التنمية المحلية ليست مجرد أداة، بل هي عنصر حاسم للتاكيد على عملية تنموية فعالة، ومشاركة الناس على المستوى المحلي والإقليمي والوطني يعني انطلاق التنمية من القاعدة تجاه رأس الهرم، أي التنمية من أسفل، فالمشاركة تعمل على ربط جهود الأفراد المحليين بمساعدة الحكومة المركزية، مما يجعلها من أهم دعائم نجاح الخطط والسياسيات التنموية في المجتمع المحلي.