«المصارف العربية» يطرح استراتيجية متكاملة لمواجهة مخاطر التكنولوجيا الحديثة فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب

كتب: إسماعيل حماد

«المصارف العربية» يطرح استراتيجية متكاملة لمواجهة مخاطر التكنولوجيا الحديثة فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب

«المصارف العربية» يطرح استراتيجية متكاملة لمواجهة مخاطر التكنولوجيا الحديثة فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب

طرح اتحاد المصارف العربية استراتيجية متكاملة لمواجهة مخاطر التكنولوجيا الحديثة فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وسبل مكافحتها، خلال ملتقى أطلقه بالتعاون مع وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية واتحاد بنوك مصر ومجموعة «مينا فاتف».

وافتتح أعمال الملتقى الشيخ محمد جراح الصباح، رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، والمستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، وجمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، وهشام عكاشة، عضو مجلس إدارة اتحاد بنوك مصر، وعبدالحفيظ منصور، رئيس الدورة الحالية لمجوعة «مينا فاتف» الأمين العام، وهيئة التحقيق الخاصة- لبنان، ووسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، بمشاركة أكثر من 120 مشاركاً من 9 دول عربية.

وتضمنت توصيات المؤتمر أهمية استعداد البنوك المركزية لتحديد المخاطر المحتمل حدوثها من جرّاء استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة ووضع أساليب الحد من تلك المخاطر من خلال إدارات متخصصة تقوم بمنح تراخيص استخدام تلك المنتجات وفقاً للشروط اللازمة، بما يشمل تقييم أسس الرقابة الداخلية المطبقة فى كل بنك، بالإضافة إلى أهمية الحفاظ على التوازن بين ضمان سلامة النظام المصرفى والحد من المخاطر الناتجة عن التكنولوجيا المالية والتوسع فى قاعدة العملاء لتحقيق الشمول المالى. وأكد الملتقى على أهمية تعزيز الجهود الرامية إلى تقليل استخدام النقد بوصفه أكبر المعوقات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتنمية بصفة عامة، والتنسيق المستمر والفعال بين القطاع الحكومى والقطاع الخاص والجهات الرقابية لمواكبة التطور فى الخدمات المالية واستمرار السلطات الرقابية والمؤسسات المالية فى تحسين إجراءات الرقابة على أساليب التكنولوجيا المالية وطرق الوقاية من مخاطرها.

{long_qoute_1}

وشدد الملتقى على أهمية حث البنوك العربية على الاستثمار فى التكنولوجيا المالية ولا سيما تكنولوجيا البلوك تشين Block chain لما توفره من مزايا فى مجال قواعد البيانات، وحث القطاع المصرفى على التطوير السريع والمستمر فى الخدمات المالية التكنولوجية، سواء فى توفير البنية التحتية ونظم الرقابة على المخاطر، وتكثيف التعاون بين الدول العربية للوصول إلى أفضل الممارسات فى مجال تعاملها مع التكنولوجيا المالية الحديثة.

وأشار إلى أهمية اتخاذ البنوك منهجاً شاملاً يأخذ فى الاعتبار كافة عناصر المخاطر المرتبطة باستخدام التكنولوجيا المالية الحديثة، مع تحديد العلاقات بين تلك المخاطر، وتعزيز إجراءات تقييم المخاطر على مستوى الدول والمؤسسات المالية لمخاطر تمويل الإرهاب من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، وحث الحكومات على أهمية دراسة الآثار المترتبة على التوسع فى استخدام التكنولوجيا المالية، بهدف تحديد متطلبات التغيير وسن القوانين والتشريعات اللازمة لدعم التحول الرقمى فى إطار المحافظة على الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى، مشدداً على ضرورة توافر ممثلين عن نظم المعلومات بإدارات الالتزام بالبنوك للتعامل مع التحديات المختلفة التى تفرضها المعاملات المالية الحديثة. وقال المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب- مصر: لقد أثر التطور الهائل الذى شهده العالم فى السنوات القليلة الماضية فى مجال التكنولوجيا والمعلومات بشكل كبير على شتى المجالات فى الحياة، الأمر الذى أصبح من الضرورى معه على المؤسسات المالية والسلطات الرقابية مواكبة ذلك التطور والتقدم التكنولوجى الحديث، والذى بدوره سيؤثر بشكل عام على تغيير العديد من المفاهيم والقواعد الأساسية فيما يتعلق بالعمليات المالية بشكل عام والمصرفية بشكل خاص. وأضاف: «من بين آثار هذا التطور ابتكار العملات الافتراضية وأشهرها عملة البيتكوين التى تهدف إلى تمكين مستخدميها من سداد التزاماتهم إلكترونياً ونقل الأموال إلى أى مكان فى العالم دون الحاجة إلى وسيط يتولى عمليات تحويل الأموال ودون أن تخضع هذه التحويلات لرقابة أى جهة مع صعوبة تعقب العمليات، مما قد يساهم فى استغلالها فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يستلزم جهوداً كبيرة للتعامل مع تلك الظاهرة». وتابع: «إيماناً من الوحدة بأن الوعى بظاهرة العملات الافتراضية هو أول السبل لمكافحة آثارها الضارة، تقوم الوحدة المصرية حالياً بإجراء دراسة تفصيلية بشأن ظاهرة العملات الافتراضية وفهم كيفية الحصول عليها، وإتمام المعاملات باستخدامها والأطراف الموجودين فى تلك العمليات، كما قامت الوحدة بعقد ورشة عمل تضم كافة الجهات الوطنية المعنية فى مصر للتعريف بالظاهرة وسبل التحقق من هوية المتعاملين بواسطة تلك العملات، كما تتعاون الوحدة مع كافة الجهات المعنية للوصول إلى توجه وطنى يتم تبنّيه نحو إمكانية تنظيم العملات الافتراضية أو حظرها». ولفت إلى أن الوحدة قامت بإصدار إجراءات العناية الواجبة بعملاء خدمة الدفع باستخدام الهاتف المحمول، حيث تُعد هذه الخدمة من أكثر الخدمات المالية قدرة على تحقيق الشمول المالى فى ضوء الانتشار الواسع لاستخدام الهواتف المحمولة بما يفوق بشكل كبير انتشار الخدمات المصرفية، كما قامت مؤخراً باعتماد قواعد التعرف بعملاء شهادة «أمان المصرية» التى تعتمد على قواعد التعرف المنظمة بعملاء خدمة الدفع باستخدام الهاتف المحمول، وذلك بالتنسيق مع البنك المركزى المصرى دعماً لتوجهه نحو الشمول المالى بما يعود بالنفع على المصالح العليا بالبلاد، وتضمين فئات أكثر داخل النظام المالى والمصرفى.

{long_qoute_2}

من جهته أشار هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى ونائب رئيس اتحاد بنوك مصر، إلى اضطلاع اتحاد بنوك مصر بدور رائد فى نشر الوعى المصرفى بسبل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث حرص على حث البنوك الأعضاء على الالتزام بمبادئ مكافحة غسل الأموال التى اشتملت عليها التوصيات التى وضعتها مجموعة العمل المالى الدولى FATF، كما تم تشكيل لجنة دائمة باتحاد بنوك مصر تضم فى عضويتها مديرى الالتزام بالبنوك وتختص بمكافحة غسل الأموال والتنسيق مع وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالبنك المركزى المصرى -والممثل بها الاتحاد عن طريق عضوية نائب رئيس مجلس إدارته فى مجلس أمناء تلك الوحدة- وكذا التعاون مع السلطات المسئولة للمساهمة فى خلق مناخ عام يؤهل الجهاز المصرفى المصرى للتفاعل مع الأسواق العالمية والتوافق مع المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال مع ضمان تحقق السرية المصرفية التى هى من ركائز العمل المصرفى. وأوضح أن اللجنة تهتم ببحث قواعد التعرف على هوية العملاء فى البنوك والأوضاع القانونية لهم والمستفيدين الحقيقيين من الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية من خلال وسائل إثبات قانونية، وإجراءات العناية المشددة الخاصة بفئات العملاء أو الخدمات والعمليات المالية مرتفعة المخاطر. وأشار إلى أنها ناقشت أفضل الممارسات ذات الصلة بالإجراءات التى يتعين اتخاذها لحماية الجهاز المصرفى من محاولات النصب والتحويلات التى ترد من الخارج لبعض الجهات تحت مسميات خيرية مختلفة، وأعطت اللجنة أهمية خاصة لدراسة مشروع التقييم الوطنى لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتزامات البنوك فى هذا الشأن، فضلاً عن أن اللجنة تدارست معيار التبادل التلقائى للمعلومات الخاصة بالحسابات المالية فى الشئون الضريبية الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية The Common Reporting Standard «CRS» الذى يتضمن انتقال البيانات الضريبية بشكل دورى ومنظم من الدولة مصدر السداد إلى دولة إقامة دافعى الضرائب، وتضمنت الدول المؤيدة لتطبيق هذا المعيار كافة الدول المشتركة بمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD، وألقت الضوء على موافقة وزراء مالية مجموعة الـ20 على هذا المعيار والتزامهم بتطبيقه وبالتالى أصبحت هناك حاجة إلى دراسة أثر ذلك فى المستقبل على البنوك العربية ودراسة الدخول فى الاتفاقية الخاصة بهذا المعيار. من جهته قال وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، إن التمويل الرقمى عزّز إمكانية حصول الفئات المحرومة على الخدمات المالية، وذلك بسبب إمكانية وصول التكنولوجيا إلى المناطق النائية فى كل بلد، وهو ما يسهم فى تحقيق الشمول المالى، إضافة إلى توفير خدمات مصرفية أفضل وأكثر ملاءمة للعملاء، حيث تساهم ابتكارات التكنولوجيا المالية فى تسريع عمليات التحويلات والمدفوعات، وكذلك فى تخفيض تكاليفها، بالإضافة إلى التأثير الإيجابى المحتمل على الاستقرار المالى بسبب تزايد المنافسة، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وفى حين أن هناك فوائد واضحة من التكنولوجيا المالية، فإنه لا يمكن السير فى الابتكار على حساب سلامة ومتانة المصارف، وكذلك على حساب حماية المستهلك، لذلك يجب على الرقابة على العمليات المصرفية والأجهزة الرقابية تطوير آليات الرقابة لتتماشى مع التطوّر الحاصل فى العمليات المصرفية الإلكترونية، وما ينشأ عنها من مخاطر.

وأوضح أن هناك عدة أنواع من المخاطر منها الاستراتيجية، حيث يؤثر توسع تقديم الخدمات المصرفية من قبَل المؤسسات غير المصرفية أو شركات التكنولوجيا المالية الكبيرة سلباً على ربحية المصارف. وقد تخسر المؤسسات المالية القائمة جزءاً كبيراً من حصتها السوقية أو أرباحها إذا كان الداخلون الجدد قادرين على استخدام الابتكارات التكنولوجية بشكل أكثر كفاءة، وعلى تقديم خدمات بتكلفة أقل، وتلبى حاجات العملاء بشكل أفضل، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن ما بين 10-40% من الإيرادات، وما بين 20-60% من أرباح الخدمات المصرفية الموجهة للأفراد معرضة لخطر الزوال على مدى السنوات العشر المقبلة. وحول مخاطر شركات التكنولوجيا قال «فتوح»: «قد يؤدى تطور التكنولوجيا المالية Fintech إلى زيادة الترابط بين اللاعبين فى السوق (أى المصارف وشركات التكنولوجيا المالية وغيرها) وإلى تشابك البنية التحتية للسوق، ما قد يؤدى إلى تحويل أزمة تكنولوجيا معلومات إلى أزمة نظامية فى القطاع المصرفى، لا سيما عندما تتركز الخدمات فى عدد قليل من الشركات المسيطرة».

وحول المخاطر التشغيلية على مستوى المصرف قال: قد يزيد انتشار المنتجات والخدمات المبتكرة من صعوبة إدارة ومراقبة المخاطر التشغيلية للمصرف. كما قد لا تكون نظم تكنولوجيا المعلومات المصرفية القديمة قابلة للتكيف بشكل كافٍ، أو قد تكون ممارسات التنفيذ -مثل إدارة التغيير- غير كافية. وعلى هذا النحو، تستخدم المصارف أعداداً أكبر من الأطراف الثالثة (Third parties)، إما عن طريق الاستعانة بمصادر خارجية Outsourcing أو عبر عقد شراكات فى مجال التكنولوجيا، مما قد يزيد من التعقيد ويقلل من شفافية العمليات. وقد يؤدى هذا الاستخدام المتزايد للأطراف الثالثة إلى زيادة مخاطر أمن البيانات والخصوصية ومخاطر غسل الأموال، والجرائم الإلكترونية، وحماية العملاء. وينطبق ذلك بصفة خاصة إذا كانت المصارف أقل كفاءة فى تطبيق المعايير والضوابط المطلوبة لإدارة تلك المخاطر، أو عندما لا تخضع شركات التكنولوجيا للمعايير الأمنية الصارمة نفسها. وأوضح أنه مع زيادة الصعوبات فى تلبية متطلبات الامتثال، خاصة المتعلقة بالتزامات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سوف تحتاج المصارف إلى عمليات مراقبة ملائمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك فى حال قيامها بمعاملات بالنيابة عن عملاء شركات التكنولوجيا المالية، فإذا قام العميل بتسديد الدفعات باستخدام بطاقة مصرفية أو حساب مصرفى، فإن المصرف يتحمل إلى حدّ ما مسئولية عن مصادقة العميل، كما قد يكون مسئولاً عن تغطية المعاملات الاحتيالية. ويمكن أن يؤدى ارتفاع مستوى الاعتماد على التكنولوجيا وتوزيع المنتج أو الخدمة بين المصارف وشركات التكنولوجيا المالية إلى شفافية أقل بشأن كيفية تنفيذ المعاملات وحول من يتحمل مسئوليات الامتثال. وحول المخاطر السيبرانية من المرجح أن ترتفع المخاطر السيبرانية مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا المالية، إذ يمكن للتكنولوجيات ونماذج الأعمال الجديدة أن تزيد المخاطر السيبرانية إذا لم تواكبها ضوابط هذا التغيير. ومن شأن الاعتماد بشكل أكبر على أنظمة مثل الـApplication programming interface والـCloud computing والتكنولوجيات الجديدة الأخرى التى تسهل زيادة الترابط، جعل النظام المصرفى أکثر عرضة للتهديدات السيبرانية، ويعرّض کميات کبيرة من البيانات الحساسة للانتهاكات المحتملة. ويؤكد ذلك على ضرورة قيام المصارف وشركات التكنولوجيا والجهات الرقابية بتعزيز الدعوة إلى وجود إدارة ومراقبة فعالة للمخاطر السيبرانية.


مواضيع متعلقة