«دار الحرية» يحتضن أطفال شوارع القاهرة.. «أمان وتعليم وترفيه»

كتب: سلمان إسماعيل

«دار الحرية» يحتضن أطفال شوارع القاهرة.. «أمان وتعليم وترفيه»

«دار الحرية» يحتضن أطفال شوارع القاهرة.. «أمان وتعليم وترفيه»

«أخيراً بقى ليا بيت، نمت فى الشارع كذا سنة، وشفت حاجات كتير وحشة، كنت بخاف من كل حاجة حواليا، ونفسى كل إخواتى اللى فى الشارع يبقوا معايا هنا، عشان الحياة فى الشارع وحشة قوى، أول مرة ألاقى مكان فيه أكل وشرب ولعب وأصحاب، وسرير نضيف، حاسس إنى فى وسط إخواتى وماما زينب علمتنى حاجات كتير».. كلمات استهل بها «صابر»، ابن الـ8 سنوات، الذى قضى عامين من عمره الصغير فى شوارع القاهرة بعد أن حملته قسوة والديه وضربهما المستمر على الهروب للشارع، ليكابد فيه الضعيف أقسى صور الحياة، لـ«الوطن» أثناء جولتها فى «دار الحرية» التى دخلت ضمن مشروع تطوير دور أطفال بلا مأوى: «هنا بقى عندى ماما جديدة بتحبنى وبتعلمنى، وبقيت أعرف أكتب اسمى»، فى إشارة إلى ماما زينب، الإخصائية الاجتماعية، التى تولت تأهيله منذ قدومه للدار قبل 6 أشهر، وتابع: «بعد ما هربت من بيتنا خدتنى أسرة لأعيش بين أبنائهم وفرحت بيهم فى البداية، بعدين بدأوا يضربونى علشان أكنس الشقة وأمسحها وأنزل أشترى ليهم طلبات، فهربت تانى، أصلى مش عايز حد يضربنى».

{long_qoute_1}

عامان أو يزيد قضاهما الطفل مشرداً فى الشوارع ينام عندما ينهكه السير، إلى أن التقطته مجموعة متحركة من الوحدات التابعة لبرنامج أطفال بلا مأوى، ليبدأ مشواره لتحقيق حلمه الكبير وهو أن يصبح ضابطاً يحارب دفاعاً عن وطنه، ليشكره على ما قدمه له من مأوى، ويعكف الآن على تعلم الكتابة والقراءة والحساب ليستطيع اللحاق بالمدرسة بداية العام الدراسى المقبل، ويبدأ طريقه لحلمه.. «نفسى أطلع طيار، والميس قالتلى لازم تذاكر وتسمع الكلام وتتعلم كل يوم حاجات جديدة»، يقول علاء سلمان، الطالب بالصف الثالث الابتدائى، الذى أبدى رغبته فى تحسين حياته فى المستقبل: «قبل ما آجى دار الحرية كنت فى الجمعية بتاعة الأيتام، بس خلاص جيت هنا علشان أكمل تعليمى فى المدرسة وألاقى مكان كويس أعيش فيه»، أحلام صغيرة لا يرغب سوى فى تحقيقها: «أطلع طيار وأتعلم الرسم».

أما على زكريا، الطالب بالصف الأول الإعدادى، فيقول: «أنا مش مخطط لحاجة، واللى يجيبه ربنا كويس». كل ما يهمه هو أنه انتقل من دار الأيتام بمدينة العاشر من رمضان ليعيش فى مكان أكبر، ويُسمح له بالخروج إلى المدرسة والتعلم واللعب: «لما جيت المكان ماكانش كده، من نحو سنة كل حاجة اتغيرت، وفيه حاجات كتير ماكانتش موجودة الأستاذ محمود جابهالنا، وبقى عندنا ترابيزة بينج بنلعب عليها بعد مانخلص مذاكرة». المهم فى أعمال التطوير التى شهدتها الدار من وجهة نظره هو تخصيص غرفة لتعلم الموسيقى والعزف: «زمان كان المدرس بييجى ومانلاقيش مكان نقعد فيه فنروح نعزف فى الحوش».

وحينما بدأ هانى شاكر الحديث اعتقدت أن له نصيباً من اسمه، لكنه بادرنى قائلاً: «الناس فاكرانى بحب الغنا لكن أنا مركز فى مدرستى والحمد لله وصلت 3 ثانوى صناعى قسم خراطة، واتعلمت الصنعة وعاوز أخلص وأبدأ حياتى من جديد بالحاجات اللى اتعلمتها فى المدرسة». وعن التطوير الذى رآه فى الدار التى يحيا فيها خلال الـ6 سنوات الماضية يقول: «قبل التطوير كان فيه حاجات كتير ناقصانا، والأماكن ماكانتش نضيفة زى دلوقتى، أنا كمان فرحان إن العيال الصغيرين اللى معايا واللى لسه هييجوا مش هيشوفوا الأوضاع القديمة اللى كانت فى الأول، البلياردو والبلايستيشن بقى موجود عندنا، ومفيش داعى إن إحنا نخرج نلعب فى الشارع».

ولم يختلف حال حازم سلمان، عن «هانى»: «جيت هنا من 5 سنين، بعد ما كنت فى الجمعية الشرعية بتاعة المطرية»، تغييرات عديدة شهدها الطالب بالصف الثالث الثانوى تجارى: «فيه حاجات كتير اتغيرت هنا أهمها الشكل والنظام، بقيت عايش فى مكان نضيف وعارف نفسى فين، وبقينا نطلع نلاعب مؤسسات فى دورة كرة قدم». «نفسى أبقى لاعب مشهور»، يضيف «حازم»، الذى يرى أن المدير الجديد الذى تسلم الدار بعد التطوير اهتم بالنشاط الرياضى: «أنا بقيت حارس المرمى بتاع المؤسسة، وفيه مدرب بييجى يحضر الماتشات اللى بنلعبها وخدنى عملت اختبارات فى بتروجت، كمان المؤسسة خصصت لنا مكان هادى علشان نذاكر فيه ونفسى أجيب مجموع يدخلنى الجامعة».

محمود عبدالسلام، مدير دار الحرية لرعاية الأطفال بلا مأوى بـ«عين شمس»، قال لـ«الوطن»، إنه تسلم إدارة الدار بعد الانتهاء من تطويرها من قِبل برنامج أطفال بلا مأوى الذى يموله صندوق تحيا مصر بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى، وأوضح أن التطويرات التى شهدتها الدار وفرت نحو 100 سرير جديد، لتتسع الدار إلى نحو 200 طفل من كافة الأعمار.

وأضاف أن الدار تعمل على تأهيل الأطفال بعد تسلمهم من ملاجئ الأيتام ليبدأوا مراحل التعليم المختلفة: «عندى أطفال من كافة الأعمار؛ من أول الحضانة لحد الجامعة»، متابعاً أن الدار تستضيف هؤلاء الأولاد طوال حياتهم إلى أن يتخرجوا من مراحل التعليم العالى أو المتوسط لتبدأ فى مساعدتهم على الالتحاق بوظيفة أو عمل، مروراً بتوفير سكن ملائم لهم: «إحنا كمان بنبدأ نخليهم يندمجوا مع المجتمع لما بيوصلوا سن 15 سنة، علشان يبقى الشارع والناس مش غريب عليهم».


مواضيع متعلقة