«إحنا بتوع الأوتوبيس»: الوسيلة الأرخص فى زمن التعويم.. بلا «كريم» بلا «أوبر»

«إحنا بتوع الأوتوبيس»: الوسيلة الأرخص فى زمن التعويم.. بلا «كريم» بلا «أوبر»
- إشارات المرور
- الازدحام الشديد
- التجمع الخامس
- الشركات الخاصة
- الشيخ زايد
- المدن الجديدة
- المستشفيات الخاصة
- المقاعد الفردية
- النقل العام
- حدائق القبة
- إشارات المرور
- الازدحام الشديد
- التجمع الخامس
- الشركات الخاصة
- الشيخ زايد
- المدن الجديدة
- المستشفيات الخاصة
- المقاعد الفردية
- النقل العام
- حدائق القبة
موعد الرحلات غير ثابت، أحياناً كثيرة يتأخر وصول الأوتوبيس بفعل زحام الشوارع وطول الانتظار فى إشارات المرور، خلال اليوم تدخل إليه أسراب بشرية ويخرج غيرها عبر باب ضيق يصعدون إليه من خلال ثلاث درجات، كل منها له طباعه الخاصة التى تميّزه وسط الزحام.. على مقاعده الجلدية، وفى الممر الفاصل بين صفى المقاعد الفردية والزوجية، يقف الشهم والمتحرّش، صاحب الصوت المرتفع، والمتأمل فى وجوه ناس، المنغمس فى شاشة تليفونه المحمول والسارح فى الطريق ناظراً إلى السيارات.. موظفون وعاطلون، شباب وكبار، أطفال يقبعون فوق أكتاف آبائهم أو ضائعون فى الزحام بين أقدام الركاب.. كل هذا الزخم البشرى فى الأوتوبيس.
{long_qoute_1}
داخل محطة أوتوبيس مساكن عثمان، بمنطقة عزبة النخل الجهة الشرقية، وقفت مجموعة كبيرة من الناس فى انتظار الأوتوبيس، بعد ما يقرب من 15 دقيقة، دخل الأوتوبيس المحطة، فهرع الجميع نحوه وفى أقل من دقيقة ابتلعهم الأوتوبيس فى أحشائه، وانطلقت الرحلة بعدد كبير من الركاب يفوق حمولته.. هو أحد الأوتوبيسات التابعة لشركة نقل جماعى خاصة، تذكرته ذات سعر موحّد، وهو 3 جنيهات، داخل الأوتوبيس عالم مختلف عن خارجه، موظفون من محدودى الدخل اتّخذوا منه وسيلة لتنقلاتهم اليومية، طلاب مصروفهم يكفى بالكاد تذكرته ذهاباً وإياباً، آخرون اتّخذوا منه مجرد مكان يحميهم من الأمطار التى تساقطت فجأة، فقرّروا أن يختبئوا به، أغلب الركاب يضطّرون إليه، باعتباره الوسيلة الوحيدة المتوافرة بمنطقة مساكن عثمان بعزبة النخل، لبُعد محطة مترو الأنفاق عن مسكنهم، كما أن الأوتوبيس يمكنه أن يصل إلى الأماكن التى لا يصل إليها المترو.
وسط الزحام، لحق أشرف سليم، 48 عاماً، موظف بأحد المستشفيات الخاصة، بمقعد فى مكان جيّد داخل الأوتوبيس الخاص الذى يفضّل ركوبه منذ 10 أعوام، وتحديداً منذ عمله فى شارع هارون، بمنطقة مصر الجديدة، فهو الوسيلة الوحيدة التى تصل به إلى محل عمله، دون أن يضطر إلى استخدام وسيلة مواصلات أخرى: «بالنسبة لى الأوتوبيس أحسن، لأنه قريب من بيتى، علشان أروح أركب المترو فيها ربع ساعة مشى، يعنى تأخير على الشغل، ده غير أن الأوتوبيس بيعدّى على مناطق كتير فى مصر الجديدة، منها شغلى، المترو مش هيوصلها، وهاضطر يا إما أنزل أمشى يا إما أركب تانى، وده هيكلفنى كتير، لكن الأوتوبيس 3 جنيه وخلاص».
بحسبة بسيطة، قال «أشرف» إنه ينفق نحو 156 جنيهاً، أثناء ذهابه للعمل طوال 26 يوماً بالشهر: «نفسى بس يبعتوا لنا على الموقف بتاعنا أوتوبيس هيئة علشان يبقى أرخص وهيوفر عليّا، لأنه مابيجيش غير مرتين بس فى اليوم، وأكيد مش هاقف أستنى، مش عارف ممكن يعدى على الموقف بتاعنا إمتى».
ورغم أن أوتوبيس الشركات الخاصة أغلى فى ثمن الأجرة، فإنه فى غالبية الوقت مزدحم، ويضطر أحياناً إلى الوقوف على سلم الأوتوبيس، أو ينحشر فى الطرقة بين الآخرين: «يعنى لما الوقت بيزنق عليا أوى لازم أركبه، بس مشكلته لو واحدة ركبته وكانت واقفة بابقى مرعوب تقولى انت بتتحرش بيا، فباكون حريص طول ما أنا واقف».
إلى جوار سيارة مركونة فى أحد شوارع مصر الجديدة، وقف عباس سيد، 22 عاماً، طالب، وهو يزفر أنفاسه فى ضيق وملل، فى انتظار أحد أوتوبيسات هيئة النقل العام، الذى عُرف بالازدحام الشديد، يأتى واحد لا يستطيع اللحاق به بسبب تكدّس المواطنين على بابه، ومع ذلك لا ينقطع أمله فى انتظار أوتوبيس آخر، غير مزدحم، أو مزدحم نسبياً، بشكل يسمح له بالوقوف بالداخل.
ينتقل «عباس» من مصر الجديدة، إلى مدينة 6 أكتوبر، ما يقرب من 3 مرات أسبوعياً، للذهاب إلى جامعته، فهو يعتبر المشوار الأصعب له: «باركب أوتوبيس الهيئة لأنه أرخص حاجة وباروح به لحد محطة الإسعاف، ومن هناك باركب حاجة لـ6 أكتوبر»، فهو يحرص على استخدام الأوتوبيس، باعتبار أنه الأقرب من منزله، تعرّض «عباس» لحادث أثناء محاولة التعلق بأحد الأوتوبيسات المزدحمة: «من ساعتها لازم أدور على حاجة أقدر أقعد فيها علشان ماقفش تانى».
ورغم أنه من محافظة البحيرة، ولا يأتى إلى القاهرة سوى يوم واحد فى الأسبوع، فإن إبراهيم خميس، 45 عاماً، أحد الموظفين، يفضّل استخدام أوتوبيس هيئة النقل العام، للوصول إلى محطة سكك حديد مصر: «الأوتوبيس يا بلاش بالنسبة لى، ملزم بخطوط معينة ومعروفة وله مواعيد على طول، إنما الميكروباصات ممكن تلاقى السواق قرّر إنه يغير طريقه ويمشى بمزاجه، فالأوتوبيس أحسن لى لما أنزل القاهرة وبينجز، خصوصاً لو يوم إجازة والشوارع فاضية بيبقى أحسن من أى مواصلة تانية». لا يهمه طول الانتظار داخل موقف الأوتوبيس، فهو لا يرتبط بوقت محدّد، حتى موعد القطار الذى يعود فيه إلى محافظته: «بابقى عامل حسابى أن الأوتوبيس ممكن يتأخر، فباتحرك قبل ميعاد القطر بتاعى بوقت كبير».
يستخدم إسلام محمد، أوتوبيساً تابعاً لشركة خاصة، والذى تصل أجرته إلى 3٫5 جنيه: «الأوتوبيس ده خصوصاً مش أى حد بيركبه ومابيبقاش زحمة أوى زى الباقى، لأن أجرته أعلى شوية وبيحسسنى إنى راكب مواصلة خاصة ومكيف والكراسى نضيفة جداً، كفاية إنى بابقى قاعد مرتاح»، فهو يستخدم وسيلة الأوتوبيس باختلاف أنواعها منذ عام 2006، باعتباره يغطى أماكن كثيرة ويصل إلى عدة أماكن نائية، منها بعض المدن الجديدة كـ«التجمع الخامس، والشيخ زايد، والعبور»، ويفضل «إسلام» استخدام الأوتوبيس فى أوقات الليل أكثر، حيث هدوء الشوارع من الزحمة: «الأوتوبيسات بقت أفضل من زمان، دلوقتى لو وقفت فين بالنسبة لأنى ساكن فى حدايق القبة، بالاقى أى أوتوبيس، وغالباً بيكون بيعدى على المكان اللى عايزه».
من منطقة حدائق القبة حتى أول السلام، هى المسافة التى يقطعها محمود عادل، 28 عاماً، يومياً للذهاب إلى عمله فى إحدى الشركات الخاصة للحفاضات: «هى أحسن وسيلة حصلت الأوتوبيس بيروح لأماكن كتير، حتى لو كان زحمة شوية بس على قد كده بيفضى الزحمة بتاعته فى الطريق، وباركبه بابقى عارف إنى هاوصل بيه لحد باب الشغل، أحسن من الميكروباص اللى أضطر أنزل وآخد غيره علشان أوصل به، ولكل واحد أجرة غير التانى».
كان «محمود» يستقل أوتوبيس الهيئة عندما بدأ فى استخدامه كوسيلة مواصلات أساسية، منذ 14 عاماً، نظراً لأنه كان متوافراً بكثرة: «طبعاً ركوب الأوتوبيسات خلى الواحد عنده خبرة، فى أحسن أوتوبيس يركبه وإمتى بالظبط الوقت اللى يكون فيه الدنيا هادية ومش زحمة»، ولا يهتم بالأجرة التى يدفعها مقابل الحصول على راحته أثناء رحلته: «المهم عندى أكون مرتاح، لأنه مشوار باعمله كل يوم رايح جاى، فمش هاقرف نفسى، بقعد على المحطة أستنى أحسن أوتوبيس ويكون شرط إنه فاضى علشان أقعد براحتى وأحط سماعاتى فى ودانى وماباشغلش بالى بأى حاجة»، لكن أكثر ما يشعره بالضيق، هو لجوء الشحاذين والبائعين إلى الأوتوبيس للتسول أو بيع بضائعهم البسيطة: «ده أكتر حاجة بتزحم الأوتوبيس وبتخليه عشوائى زى السوق».