العاصمة الإدارية الجديدة.. إشكالية دستورية

تعتبر «العاصمة الإدارية الجديدة» من أهم وأضخم المشروعات العمرانية التى يجرى تنفيذها حالياً، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 170 ألف فدان، عدد السكان عند اكتمال نمو المدينة 6.5 مليون نسمة، وفرص العمل المتولدة نحو 2 مليون فرصة عمل. وأعتقد أن «العاصمة الإدارية الجديدة» هى مجرد وصف للمشروع، ولا يمكن أن يكون هذا هو اسم المنطقة بعد اكتمال أعمال الإنشاءات بها. ومن ثم، يبدو سائغاً إثارة التساؤل عن الاسم الذى يتم إطلاقه عليها. وفى هذا الصدد، نرى من الملائم أن تحمل العاصمة الإدارية الجديدة اسم العاصمة الحالية ذاته، أى أن يكون اسمها الرسمى هو «القاهرة السيادية»، تمييزاً لها عن مدينة القاهرة الحالية، التى يمكن أن تصبح «القاهرة التاريخية». وسندنا فى ذلك أن مدينة القاهرة هى من المدن المعروفة على مستوى العالم كله، شأنها فى ذلك شأن لندن وباريس وواشنطن وأثينا وروما ومدريد وطوكيو وبرلين وغيرها من العواصم الكبرى.

كذلك، نرى من الملائم الإبقاء على بعض الجهات السيادية فى مدينة القاهرة الحالية، كما هو الشأن بالنسبة للمحكمة الدستورية العليا التى لم يمضِ على إنشاء مقرها الحالى سوى ستة عشر عاماً، وقد تم تصميم هذا المبنى على الطراز الفرعونى. وقد أقيم مبنى المحكمة على طراز معبد الأقصر على 14 مسلة فرعونية فى الدور الأرضى و14 من الطابق الأول حتى الرابع.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن استخدام أى اسم آخر للعاصمة الإدارية الجديدة يتطلب إجراء تعديل للعديد من مواد الدستور الحالى. بيان ذلك أن المادة 222 من الدستور تنص على أن «مدينة القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية». وتنص المادة 114 الفقرة الأولى على أن «مقر مجلس النواب مدينة القاهرة». وتنص المادة 191 من الدستور على أن «المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة، قائمة بذاتها، مقرها مدينة القاهرة».

وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن ثمة إشكالية مشابهة حدثت قبل ثورة 25 يناير بسنوات قليلة، حيث تم فصل مدينة حلوان عن محافظة القاهرة، حيث تم إنشاء محافظة جديدة بها تضم ضمن نطاقها الجغرافى مدينة المعادى. ولما كان مقر المحكمة الدستورية العليا فى مدينة المعادى، وكانت المادة 174 من الدستور المصرى الملغى لعام 1971 تنص على أن «المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، فى جمهورية مصر العربية، مقرها مدينة القاهرة»، لذا فقد استدعى الأمر إعادة إصدار قرار جمهورى بتعديل حدود محافظة حلوان واستبعاد منطقة كورنيش النيل فى منطقة المعادى من نطاق المحافظة الوليدة، التى تم إلغاؤها بعد ذلك.

لكل ما سبق، نرى من المناسب أن تبقى مدينة القاهرة هى عاصمة مصر المحروسة، ولو انتقل مكانها إلى الشرق منها، بالقرب من منطقة قناة السويس.

والله من وراء القصد.