صلاح طاهر: 18 ساعة فقط عمر السمكة بعد الصيد قبل انتهاء صلاحيتها

صلاح طاهر: 18 ساعة فقط عمر السمكة بعد الصيد قبل انتهاء صلاحيتها
قال صلاح طاهر، مدير عام شركة "وادي فيش" للاستزراع السمكي، إن إنتاج السمك في مصر بمنطقة الدلتا والمحافظات الساحلية، حيث تنتج محافظة كفر الشيخ 71% من الأسماك، بينما 15% من الإنتاج في محافظة الشرقية، و11% بمحافظة البحيرة.
وأضاف طاهر، خلال ندوة التي عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصاد عن الاستزراع السمكي، أن يوزع هذا الإنتاج في المحافظات القريبة لعدم توفر إمكانيات تبريد الأسماك لنقلها لمسافات أبعد، وضعف إمكانيات التبريد يؤدى لبيع الإنتاج في السوق المحلى فقط وبشكل يومي مما يضغط على الأسعار.
وتابع: "يصل عمر السمكة بعد الصيد 18 ساعة فقط قبل تعرضها للتلف، وهو ما يحول دون وصول الأسماك إلى محافظات الصعيد التي لا تمتلك مزارع أو مصائد أسماك".
وقال طاهر إن من أهم المعوقات التي تواجه صناعة الأسماك في مصر توجيه كافة الاستثمارات إلى مدخلات الإنتاج من مصانع وأعلاف ومفارخ ومزارع السمك، لافتا إلى أن تمويل مزارعي الأسماك يكون من خلال طريقتين، إما شراء مستلزمات الإنتاج والأعلاف بالدفع الآجل، أو يقوم التجار بتمويل المزارع وأخذ الإنتاج بالكامل لتسويقه، وبالتالي يتحكم التجار في الأسعار، وتتم العملية بالكامل في صالح التاجر الذي يبيع الأسماك في سوق الاستهلاك اليومي وفقا لقوله.
وكشف أن 3% فقط من إنتاج الأسماك في مصر يجرى عليه عمليات تصنيعية، في حين أن 97% من الإنتاج يباع في السوق اليومي، وأكد طاهر أن 95% من الأسماك المصرية هي أسماك عالية الجودة بعد خروجها من المياه، ولكن بحكم أن التداول غير مبرد تكون عرضه للتلف سريعا، بينما إذا تم تبريدها لدرجة حرارة صفر تظل صالحة لمدة 21 يوما، وهو ما يبرر عدم توافر الأسماك في صعيد مصر، هذا إلى جانب أن الاستزراع السمكي في مصر موسمي يتم استخرجه من المياه قبل أشهر الشتاء لأن الأسماك من نوع البلطي المنتشر في مصر لا يتحمل درجة حرارة أقل من 8 درجات مئوية.
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن إنتاج مصر من الأسماك ليس قليلا، لكنه منخفض في المصائد الطبيعية رغم امتلاكنا لمساحات هائلة من المسطحات المائية الطبيعية غير المستغلة بالشكل الأمثل، مؤكدة أن أكبر مشكلة تواجه هذه الصناعة في مصر هي عدم وجود معاملات بعد الحصاد وعدم وجود التبريد، لافتة إلى إمكانية مشاركة البنوك في تمويل مشروعات الاستزراع السمكي، حتى لا يكون الزارع فريسة للتجار الذين يمولون عملية الإنتاج ويشترونه بالسعر الذي يحددونه.وانتقدت الدكتورة عبلة عدم وصول الأسماك بشكل كافي إلى محافظات الصعيد مشيرة إلى أنها "أفقر مكان في مصر لا يصل إليه البروتين الرخيص".
وأكدت أن هذا الموضوع مهم وله جوانب لم تتم مناقشتها بعد، وتحديدا ما يتعلق بصناعة العلف والصيد بأعالي البحار، وبحيرة السد العالي، ومشاكل التسويق والتوزيع، مشيرة إلى تبنى المركز لهذا الموضوع من خلال عدد من الندوات التي سوف يقوم بتنظيمها لاحقا.ومن جانبه قال على الحداد، رئيس مجلس إدارة شركة فريش باسكت، إن مزارع الأسماك في مصر حاليا متطورة عن نظيرتها في الصين، مؤكدا أن مشكلة هذه الصناعة ليست في مرحلة الاستزراع ولكن في المراحل التالية للحصاد، حيث يوجد في مصر شركة وحيدة لتصنيع الأسماك هي شركته، وأخرى تقوم بالتصنيع اليدوي في مدينة دمياط.
وأضاف أن تسويق الأسماك في العالم يعتمد على الأسماك التي يُجرى عليها عمليات تصنيعية مختلفة تبدأ من إزالة أحشائها وخياشيمها، حيث إن 3% فقط من تسويق الأسماك في العالم يكون سمكة كاملة، ولكن هذا الاتجاه غير متعارف عليه كثيرا في مصر.وشدد على ضرورة التعامل مع هذه الصناعة كـ"بيزنيس"، لافتا إلى أنه من المتوقع ألا يتقبل السوق المحلي الأسماك المصنعة بشكل كامل في البداية، كما حدث مع الدواجن المصنعة من قبل، ولكن مع الوقت سيتقبل السوق هذه الثقافة، مطالبا بضرورة تغيير التشريعات التي تعيق التصدير، ومنها تشريع يمنع استزراع الأسماك في مياه الترع، مما يجعل المزارعين يستخدمون مياه الصرف الزراعي في الاستزراع السمكي، وهو ما يقلل من فرص التصدير إلى أوروبا.
كما أن أسعار الأسماك انخفضت بالفعل ولم ترتفع في مصر إذا ما تم احتسابها بالدولار، ففي عام 1991 كان يباع الكيلو بسعر 6.5 جنيها، وهو ما يعادل حوالى 3 دولار وقتها، أما الآن فسعر الكيلو يعادل دولارا واحدا.ومن جانبه تحدث جيرون سكابوف، خبير الاستزراع السمكي، عن تجربة الاستزراع السمكي في هولندا، مؤكدا أن هناك ما يسمى بمزارع الأسماك المفتوحة open farms والتي تقام في الأدوار العلوية من المباني، حيث يمكن إنتاج سمك البلطي فوق مبنى من 7 طوابق، وهى مشاريع صغيرة يمكنها إنتاج حوالى 20 طن سنويا، ويباع إنتاجها في السوق المحلي.
وأكد خبير الاستزراع السمكي أن غذاء الأسماك لابد أن يكون ذا مستوى مرتفع من البروتين، وهو ما جعل شركات عالمية تطور هذا الغذاء وتستخدم الحشرات في إطعام الأسماك، بدلا من الأسماك نظرا لارتفاع سعرها.وعرض سكابوف تجربة تكنولوجيا إعادة تدوير الهواء والمياه في الاستزراع السمكي، والتي لها العديد من المزايا وكذلك العيوب، فمن أهم مزاياها الاستهلاك المنخفض للمياه، ويمكن من خلالها إنتاج عدد أكبر من الأسماك بنفس كمية المياه المستخدمة، والسيطرة على درجة الحرارة وتنقية المياه، كما تقلل من الإصابة بالأمراض ونفوق الأسماك، لافتا إلى أن 40% من نسبة نفوق الأسماك في مصر تكون خلال فترة الاستزراع، وهناك فرصة كبيرة أمام مصر لاستخدام هذه التقنية في التفريخ لتوفير زريعة أفضل، خاصة إذا كانت المزارع في أحواض صغيرة، كما يمكن استزراع أسماك ذات جودة مرتفعة باستخدام مياه الصرف من خلال إعادة التدوير.
وعن أهم عيوب هذه التقنية، أوضح الخبير الهولندي، أنها تتطلب استثمارات كبيرة، حيث تصل تكلفة إنتاج طن الأسماك سنويا إلى حوالي 400 ألف يورو، أي ما يعادل 4 يورو لإنتاج الكيلو الواحد.وأضاف الخبير أنه في حالة حدوث خطأ واحد في حوض الاستزراع، فلابد من حل المشكلة خلال 20 دقيقة، وإلا تتعرض الأسماك للنقوق، كما أن هذا النظام يتطلب تشغيل عمال على مستوى عالي من التعليم مما يرفع تكلفة المشروع. مشيرا إلى أن السمك لا يقبل في السوق الهولندي إلا إذا كانت الشركة لديها شهادة تثبت مصدر السمك، وهي من السمات الحديثة في استزراع السمك وتطويره، حيث يجب أن يكون قابلا لتتبع مصدر إنتاجه من خلال شهادة توضح ذلك، وهو ما يجب أن يتوفر في مصر مستقبلا.
وردا على سؤال حول أهمية المزارع السمكية الجديدة في كفر الشيخ، قال طاهر إنه من المفترض أن تؤدى إلى زيادة الإنتاج من الأسماك، حيث تم الانتهاء من البنية الأساسية لهذه المزارع، وفى حالة طرحها للقطاع الخاص لتشغيلها سيكون ذلك طريقا سريعا للتطوير وزيادة الإنتاج.
وقال الحداد إن المشروع كبير وضخم جدا، ولكن السؤال: هل تم دراسته كبزنس أم زراعة فقط؟، موضحا أن المشروع قائم على استزراع أسماك "الدنيس" و"القاروص" وهى من الأنواع مرتفعة الثمن التي لا يمكن أن تعتمد عليها الأسر المصرية في غذائها يوميا بعكس "البلطي"، مشيرا إلى أن مصر تستورد حوالى 3 آلاف كونتينر أي ما يعادل 60 ألف طن تونة سنويا، فما المانع أن يتم زراعة أسماك التونة، وهناك مصنع تابع لأحد البنوك وغير مستغل يمكن إعادة تشغيله وتطويره لاستغلال إمكانياته في هذا المجال.