مكرم أحمد: كنا نظن أن ترامب شريكا في عملية السلام لكنها "أضغاث أحلام"

مكرم أحمد: كنا نظن أن ترامب شريكا في عملية السلام لكنها "أضغاث أحلام"
- الأراضى المحتلة
- فلسطين
- الطيب
- مكرم
- الأعلى للإعلام
- نصرة القدس
- قرار ترامب
- أمريكا
- عملية السلام
- الأراضى المحتلة
- فلسطين
- الطيب
- مكرم
- الأعلى للإعلام
- نصرة القدس
- قرار ترامب
- أمريكا
- عملية السلام
أكد مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إنه ظهر واضحاً حجم التربص الذي يتأبط شراً في عملية غدر مفاجىء، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحادي الجانب، بالإعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل.
وتابع "مكرم"، في كلمته بمؤتمر الأزهر لنصرة القدس قائلا: "كنا نحسبه شريكاً في الحرب على الإرهاب ووسيطا نزيها يمكن أن يحقق سلام الشرق الأوسط واستقراره، وينجز المصالحة التاريخية بين العرب واليهود على قاعدة كل الأرض مقابل كل السلام، ثم ظهر أن ذلك كان مجرد أضغاث أحلام سبقها ربيع كاذب ضيع العراق وسوريا وليبيا واليمن، وكاد ينهش مصر المحروسة، لولا عناية الله ويقظة شعبها وقواته المسلحة التي أسقطت حكم المرشد والجماعة، لكنها مع الأسف لم تضع في حسابها أن خيوط المؤامرة لا تزال مستمرة".
وفيما يلي نص كلمة "مكرم" خلال مؤتمر "نصرة القدس":
الإمام الأكبر شيخ الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، العلماء الأجلاء ورثة الأنبياء في العالمين العربي والإسلامي، ممثلي الكنائس العالمية، الأخوة والأشقاء وممثلي الكنيسة الوطنية القبطية، الحضور
أود فى البداية أن أعبر عن عميق شكر جميع المصريين للإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي صاغ من هذا المؤتمر العظيم لنصرة قضية القدس قلادة شرف لمصر، تتوج فخارها بأزهرها الشريف، منبرا يصدح بالقول الحق في وجه كل الطغاة وأدعياء الإستكبار، يرفض الافتئات على حقوق العرب والمسلمين والفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين في دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ورباط وحدة ومحبة في الداخل يجمع مسلمي مصر وأقباطها في أسرة واحدة نسيجها الواحد، التزام الجميع بحقوق المواطنة والوقوف سواسية أمام القانون، ورسالة سلام وتواصل إلى كل أرجاء العالم تؤكد على وسطية الإسلام وتسامحه وتنبذ العنف والإرهاب، وما أنزلناه إلا رحمة للعالمين.
لعل السؤال الخطير الآن، ماذا بعد، وما الذي ينتظرنا، وظهر واضحاً حجم التربص الذي يتأبط شرًا فى عملية غدر مفاجىء، بعد قرار الرئيس الأمريكى ترامب الأحادى الجانب، الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وكنا نحسبه شريكاً في الحرب على الإرهاب ووسيطاً نزيهاً يمكن أن يحقق سلام الشرق الأوسط وإستقراره، وينجز المصالحة التاريخية بين العرب واليهود على قاعدة كل الأرض مقابل كل السلام، ثم ظهر أن ذلك كان مجرد أضغاث أحلام سبقها ربيع كاذب ضيع العراق وسوريا وليبيا واليمن، وكاد ينهش مصر المحروسة، لولا عناية الله ويقظة شعبها وقواته المسلحة التي أسقطت حكم المرشد والجماعة لكنها مع الأسف لم تضع في حسابها أن خيوط المؤامرة لاتزال مستمرة.
ماذا بعد قد عيل صبرنا عبر 70 عاماً من الدوران فى حلقة مفرغة، آملين أن يقدر المجتمع الدولي على فرض القانون الدولي من خلال مؤسساته الدولية، مجلس الأمن والجمعية العامة اللذان أصدرا منذ عام 1947 "867" قرارًا للمجلس و750 قرارًا للجمعية العامة حتى الآن، لم يُنفذ منها قرار واحد، بما يؤكد حجم الخداع الضخم والديمقراطية الزائفة في مجتمعنا الدولي الذي تكاد تكون مهمته الآن أن يغلف شريعة الغاب بورق من السلوفان ليمكن السمك الكبير من أن يأكل السمك الصغير في سهولة ويسر.
جربنا التفاوض المباشر لأكثر من 44 عاماً لم نتمكن خلالها من استعادة بوصة واحدة من الأرض، لأن التفاوض المباشر فى غياب حكم منصف، وقانون دولي نافذ، ومرجعية قادرة على تصحيح الخطأ، يكاد يكون نوعاً من الضحك على الدقون، هدفه الأول تضييع الوقت وتبديد الفرص، ويمكن القوى من أن يخلق واقعاً جديداً يفرض نفسه على الأرض، وحتى عندما ترضى بالقليل، وتقبل بـ22% من مساحة فلسطين التاريخية وقد كان لنا 97% من مساحتها فقط قبل مائة عام، لا أمل في أن تستعيد بعض حقك، إلا إذا كنت قادرًا على تصحيح النظام الدولي وتغييره بالكامل ليصبح عالمًا متعدد الأقطاب، لا مجال فيه لقطب أوحد، هو وحده صاحب الحق والقرار، ولا مكان فيه للفيتو يصادر على حقوق الجمع أو قوة القهر النووي أو غير النووي.
نعرف جميعًا أن ذلك اليوم آت لاريب في ذلك، لكن متى يأتي وهل يمكن لأحد أن يتعجله وهل نظل أبداً في حالة انتظار؟ أسئلة صعبة بغير إجابات واضحة أين إذن ومتى تكون الإجابة الصحيحة وهل هي موجودة بالفعل، ربما لا تكون الإجابات موجودة لكننا باليقين نستطيع أن نصنعها، ولا أحد غيرنا يستطيع صنعها لأنها كامنة داخل إراداتنا، وأول شروط معرفتها أن نكون، كما قال "الطيب": "على يقين من أن كل احتلال إلى زوال وكل قوة متسلطة غشوم لابد لها من نهاية، وإذا كان الاحتلال انقرض من العالم منذ زمن، ولم يبق سوى الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين فإن الإحتلال الإسرائيلي يظل حدثاً عابراً إلى زوال"، كما قال الشاعر الفلسطينى محمود درويش، "وسوف ينتهي ويحمل عصاه على كتفه، ويرحل كما رحل الاستعمار الفرنسى عن شمال أفريقيا وشرق المتوسط، وكما رحل الاستعمار البريطاني عن الشرق الأوسط، ولن يُبقى على الاحتلال الإسرائيلي هذا الثوب القديم المهلهل من الخرافة والخزعبلات".
ومن ثم فإن المهمة المقدسة لنا ألا نفزع مثلما فزع جيل النكبة وغادر أراضيه خوفاً من عصابات اليهود، وإنما أن نثبت في أوطاننا ونتشبث بأراضينا دونها الموت والشهادة، في القدس 340 ألف فلسطيني يتحتم صمودهم وسوف يصمدون لأنهم منزرعين في أرضهم يصعب إقلاعهم، حتى لو اقتلعوا أسرة أو بضع أُسر، فإن علينا أن نجعل ذلك عملاً مستحيلاً، لا ينبغي إخلاء سكان القدس القديمة كما تم إخلاء مدينة الخليل القديمة لتصبح خاوية على عروشها.
أظن أن جزءً من معركة القدس أن يعود سكان الخليل إلى دورهم في المدينة القديمة التي أصبحت خاوية على عروشها فارغة من سكانها هربا من عمليات التفتيش اليومي للمنازل وغارات الأمن الإسرائيلي، ومطالبه المستحيلة في الإبقاء على أبواب الدور مفتوحة دائما جاهزة لتفتيش الأمن في أي وقت، وواجبنا كعرب ومسلمين أن نعزز صمود سكان القدس ليبقوا في مدينتهم لا يغادرونها، وأن نذهب إليهم لا نتركهم وحدهم، نزورهم ونشد على أيديهم ونشجعهم على البقاء.
وهذا باليقين ليس تطبيعا، ولو أننا نجحنا في تعزيز صمود المقدسيين لكان ذلك بداية نجاح حقيقي لأن صمود المقدسيين سوف يبقى على الجذوة مشتعلة لا تهدأ، أجيال تتبع أجيالاً، تحمي القدس حتى إن لم يكن في أيديهم سوى حجارة الشارع، ولست أشك في أنه مهما يكن تحوطات الإسرائيليين وحصارهم فإن الشعب الفلسطيني قادر على أن يخلق أنماطاً وصوراً جديدة من المقاومة الشعبية والعصيان المدني التي تنأى بنفسها عن الإرهاب والعنف.
لتكن ثقتنا كاملة في أن الضمير الإنساني سوف ينتصر للقضية الفلسطينية كما انتصر لها سابقا، لأن عظمة الصمود أصبحت عنوانا على الشعب الفلسطيني، ولا تزال إسرائيل تعان يمن المقاطعة الأوروبية للجامعات الإسرائيلية ومقاطعة بضائع المستوطنات وإنتاجها في الأراضى المحتلة، التي تزداد وتيرتها شدة واتساعا بعد قرار ترامب الذي رفضته كل الدول الأوربية كما رفضه العالم أجمع، ومن المؤكد أن نجاحنا في تعزيز صمود الفلسطينيين ونجاح الفلسطينيين في الإبقاء على جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة في الداخل سوف يُبقي القضية في دائرة الضوء تجذب اهتمام الرأي العام العالمي، وهذا ما تكرهه إسرائيل التي تفعل كل ما تستطيع من أجل إقناع العالم بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد يشكل أحد عناصر عدم استقرار الشرق الأوسط الذي يعود إلى أسباب أخرى، أهمها الإرهاب والفقر وغياب الديمقراطية في العالم العربي رغم أن إسرائيل هي أول أسباب انتشار الإرهاب في العالم أجمع.
إن كان واجب الفلسطيني الأول الصمود والإبقاء على جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة في الداخل تشكل نقطة جذب مهمة للرأي العالم العالمي الذي لايزال يساند القضية، فإن واجبهم الآخر الذي لا يقل أهمية المسارعة بتعزيز جهود المصالحة الوطنية تحت راية منظمة التحرير، وإنهاء الإنقسام الأيديولوجي والجغرافي بين حماس وفتح، الذي أوقع بالقضية الفلسطينية ضرراً بالغاً وأساء إلى الفلسطينيين وهز صورتهم وألحق أفدح الأضرار بكفاحهم النبيل، وشكل الجانب السلبي من صورتهم الإعلامية.
وأكاد أقول أن البندقية الفلسطينية التي استخدمتها الأطراف الفلسطينية المتصارعة والمنقسمة على نفسها فقدت الكثير إن لم يكن كل مصداقيتها، عندما قتل الفلسطيني أخيه صراعاً على السلطة أو خلافاً على الأيديولوجية، ولست أشك في أن وحدة الصف الفلسطيني هي أقصر الطرق لبلوغ النصر، وعلى الأباء من جيل "أبومازن" الذين لايزالون يشكلون أغلب منظمة التحرير؛ أن يفسحوا الطريق لجيل فلسطيني جديد أكثر شباباً وعزماً ليستلم راية النضال الفلسطيني.