عبدالله السناوى: لو كان «عبدالناصر» حياً لمات من الحسرة بسبب أوضاع العرب

كتب: نادية الدكرورى

عبدالله السناوى: لو كان «عبدالناصر» حياً لمات من الحسرة بسبب أوضاع العرب

عبدالله السناوى: لو كان «عبدالناصر» حياً لمات من الحسرة بسبب أوضاع العرب

«العروبة كانت موجودة قبل جمال عبدالناصر وسوف تستمر من بعده»، بهذه الكلمات بدأ الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، رئيس تحرير جريدة العربى سابقاً، حديثه عن شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، مؤكداً إمكانية استعادة الروح الناصرية فيما يتعلق بالعروبة والوحدة الوطنية، شريطة توافر الإرادة والاستقلال الوطنى. وقال «السناوى»، فى حواره لـ«الوطن» إن استعادة المشروع العروبى ممكنة من خلال اتباع الخيارات الناصرية، ومن يتصور أن بإمكانه القضاء على الإرث الإيجابى فى المشروع التحررى «واهم»، مضيفاً أن التجربة الناصرية أكبر من إنجازات محمد على وانتصارات صلاح الدين الأيوبى رغم الأخطاء الفادحة، وتابع: لو كان عبدالناصر موجوداً فى ظل الأوضاع العربية لمات من الحسرة، بسبب التخاذل والضعف وانهيار الأحلام، مؤكداً أن التاريخ لا يعيد نفسه ولا يستنسخ ولن يكون هناك «عبدالناصر» جديد، لأنه شخصية استثنائية نجح فى نقل أحلام الوحدة العربية إلى أرض الواقع.. إلى نص الحوار

كيف ترى إمكانية تحقيق أحلام العروبة والوحدة الوطنية بعد جمال عبدالناصر؟

- قضايا الهوية أقوى من أن تتصف بمرحلة بعينها أو رجل باسمه، العروبة كانت موجودة قبل جمال عبدالناصر وسوف تستمر من بعده، وهو ما ذكره «عبدالناصر» فى أحد خطاباته، وللحقيقة الزعيم الراحل نجح فى نقل أحلام الوحدة العربية إلى أرض الواقع، وتحقيق ذلك كان له ثمن باهظ لأنه لا يوجد شىء مجانى فى التاريخ، ومن الممكن استعادة حلم الوحدة العربية إلا أن ذلك سيكون له تكاليف، والوحدة العربية لدى جمال عبدالناصر تأكدت من زاوية الأمن القومى، وأن المصير المصرى مرتبط فى الجوهر بمصير العرب، وهو ما عكسته تعبيراته فى يومياته التى كتبها بخط يده أثناء حرب فلسطين، التى نشرتها فى كتاب بعد مضى 59 سنة على حرب فلسطين، وقال فيها إن قتالنا فى فلسطين من أجل شرف مصر، وكان عبدالناصر حينها ضابطاً صغيراً مشاركاً بالحرب، وحصل على رتبة «البكباشى» فى ترقية أواخر حرب فلسطين، وما حدث فى هذه الحرب أفضى إلى تأسيس حركة الضباط الأحرار بعد عودة جمال عبدالناصر من الحرب عام 1949، ما يعكس أثر هذه الحرب على الجانب السياسى فى مصر.

وكانت حرب السويس، بعد تأميم القناة عام 1956من المراحل المهمة ونقطة تحول رئيسية ألهبت فكرة الوحدة العربية، التى يجب أن يلزمها تحرر وطنى حتى لا تصبح كلاماً فارغاً، واكتشف عبدالناصر بالتجربة بعد انفصال سوريا عن مصر، عقب مضى ثلاث سنوات على الوحدة بينهما، أهمية الجانب الاجتماعى، فالوحدة العربية بلا أفق اجتماعى لن تنجح، والتجارب تعددت خاصة بعد فكرة الأحلاف فى بغداد التى كانت من الأساسيات التى صعدت بها قضية الوحدة، بجانب المحاولات الأمريكية لملء فراغ ما بعد انهزام الإمبراطوريتين الفرنسية والإنجليزية فى حرب السويس، لذلك فالذين يقولون إنه يمكن استعادة هيبة العروبة ومحوريتها فى الإقليم هم على حق، ولكن لكل شىء شروطه وأسبابه، ومصر كان لها الدور القيادى البارز فى قضية الوحدة.

{long_qoute_1}

فى رأيك ما الأسباب التى ساهمت فى صعود الدور المصرى فى قضية القومية العربية خلال الستينات؟

- دعمت سياسة مصر الخارجية تحرير بلدان القارة الأفريقية فى مطلع ستينات القرن الماضى، ولكن ضربة 1967 كانت كبيرة وموجعة وتعود بعض أسبابها إلى أخطاء فى بناء التجربة الناصرية بعد تدخل الجيش فى الحياة العامة، وإطلاق مصطلح «النكسة» على هزيمة 1967 كان تعبيراً دقيقاً، ورغم أنها هزيمة عسكرية فإن ذلك لم يعق إعادة بناء القوات المسلحة، ونجحنا فى خوض حرب الاستنزاف حتى وصلنا إلى حرب 1973.

ويجب أن ندرك أن المشروع القومى العروبى تراجع، ولم يكن الهدف منه اتباع سياسات جمال عبدالناصر بل اتباع الرؤى والخيارات التى اتبعها «عبدالناصر»، ولأن التاريخ لا يعيد نفسه ولا يستنسخ نفسه ولن يكون هناك عبدالناصر جديد، لأنه شخصية استثنائية، والتجارب لا تستنسخ ولكن علينا الحفاظ على مشروع «عبدالناصر» وليس نظامه، وهو موضوع المستقبل بعد تصحيحه، إضافة إلى قيم العدل الاجتماعى، والتحرر الوطنى، والتحول الديمقراطى ببناء دولة ديمقراطية حديثة، وهذا يحقق الاستقرار الذى يرد اعتبار مشروع «عبدالناصر» وثورات مصر بداية من ثورة عرابى وحتى ثورتى 25 يناير، و30 يونيو.

«عبدالناصر» سوف يظل موجوداً وحياً لعشرات المئات من السنين المقبلة، لأنه يمثل التجربة الوحيدة لتحقيق فكرة الوحدة العربية فى العصور الحديثة، والأحلام تنكسر لكنها لا تموت، وإذا كان هناك من يستطيع أن يتصور القضاء على إرث جمال عبدالناصر الإيجابى فى مشروعه التحررى والعروبى فهو واهم، لأن جمال عبدالناصر المهزوم سوف يعيش أطول من صلاح الدين الأيوبى المنتصر، وبعض الهزائم أشرف من بعض الانتصارات.

فدور «صلاح الدين» يتلخص فى قضية أساسية وهى تحرير القدس، بينما فكرة جمال عبدالناصر تلخص العروبة، والتحرر الوطنى، والعدل الاجتماعى، ولا توجد تجربة أخرى فى التاريخ المصرى كله تضاهى تجربة جمال عبدالناصر فيما يتعلق بالعدل الاجتماعى، أو وحدة المصير الإسلامى، وحركات التحرير فى العالم، والدور المركزى الذى لعبته مصر، فالمسيرة السياسية التاريخية لجمال عبدالناصر أكبر بكثير من تجربة محمد على الذى عبر عن القوة المصرية فى العصور الحديثة وإعادة بناء الدولة من جديد وجيش قوى والبعثات العلمية، لكن الحلم سوف يبقى فى جميع الأحوال رغم محاولات البعض هدمه.

{long_qoute_2}

أخيراً.. لو كان «عبدالناصر» يحيا فى ظل الأوضاع العربية الحالية كيف سيكون موقفه؟

- لو افترضنا وجود عبدالناصر حالياً فى ظل الأوضاع العربية كان سوف يموت من الحسرة، بسبب التخاذل والضعف وانهيار الأحلام التى حلم بها ذات يوم فى ظل الانهيارات الكاملة فى النظام العربى، العراق وسوريا تشتعل فيهما النيران، دول أخرى ما زالت تحت حد السيوف وأصبحنا أمام صفقة قرن من طرف واحد تريد استخدام التخاذل والتفريط العربى للتصفية النهائية للقضية الفلسطينية.


مواضيع متعلقة