أبرز ملامح الثورة الثقافية: إنشاء أكاديمية الفنون.. وإرسال البعثات واستقدام الخبراء

كتب: إلهام زيدان

أبرز ملامح الثورة الثقافية: إنشاء أكاديمية الفنون.. وإرسال البعثات واستقدام الخبراء

أبرز ملامح الثورة الثقافية: إنشاء أكاديمية الفنون.. وإرسال البعثات واستقدام الخبراء

أولى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر اهتماماً شاملاً بالثقافة والفنون، وكان أول من أنشأ وزارة الإرشاد القومى، وأكاديمية الفنون فى 1959، وهى أول جامعة لتعليم الفنون، وما زال يمتد أثرها إلى مختلف أنحاء الوطن العربى، وتبنى اتجاهاً قومياً للنهوض بالتثقيف، وكانت مختلف الفنون فى عهده مدعومة من الدولة مثلها مثل رغيف العيش، وأرسل «عبدالناصر» بعثات فى مختلف المجالات ومنها المجال الفنى إلى دول أوروبا وأمريكا والاتحاد السوفيتى عام 1957، ومن أبرز أسماء الجيل الأول التى تم إرسالها إلى الخارج، الدكتور كمال عيد فى المجر، وكرم مطاوع وسعد أردش فى إيطاليا، ونبيل الألفى فرنسا، وسمير العصفورى، وجلال الشرقاوى، الذى درس السينما، ثم جيل الدكتور فوزى فهمى، فى الدراما، وفى الباليه عصمت يحيى وعبدالمنعم كامل، ورمزى ياسين وماجدة صالح فى الموسيقى الغربية، وكان لهذه البعثات أكبر الأثر فى مختلف الفنون بعد العودة، كما استقدم عدداً من الخبراء الأجانب فى مختلف أنواع الفنون لتنفيذ مشاريع فنية خاصة بالمسرح أو الباليه أو الموسيقى على أرض مصر.

يرى الدكتور عمرو دوارة، المؤرخ المسرحى، وأحد الخريجين المتميزين بأكاديمية الفنون، أن «عبدالناصر» كان يدرك وقتها أنها لحظة ثورة ثقافية، ولابد أن نطلع على كل الخبرات فى الشرق والغرب، ونبنى بشكل جيد، كما كان مدركاً لأهمية الفنون كقوة ناعمة، وأنها ستدافع عن مبادئ الثورة، حتى أن له محاولة فى كتابة الرواية، واستكملت وقدمت على المسرح، فى الستينات»، وتابع «دوارة»: «كان لهذه الأسماء أثر كبير بعد عودتهم فى النهضة الثقافية فى مصر، وأسس سعد أردش مسرح (الجيب) ثم تولى إدارته كرم مطاوع، ومن خلال هذه البعثات تم تقديم عدد كبير جداً من الكتاب العالميين الذىن لم نكن نعرف عنهم شيئاً فى أوروبا، كما قدموا لنا بعض الموجات الحديثة مثل مسرح (العبث) وبعض كتابه، و(الملحمية) لبريخت».

{long_qoute_1}

وتحدث الدكتور كمال الدين عيد، المخرج الكبير، أستاذ التمثيل والإخراج بالأكاديمية، وأقدم أستاذ بها، وأحد الأسماء البارزة فى الابتعاث إلى الخارج، عن البعثات قائلاً: «سافرت إلى المجر فى 1958، وكان هناك نوعان من البعثات؛ نوع عملى كان يستغرق بين سنتين إلى ثلاث سنوات لكن بلا شهادات، وكان أسرع فى العودة، وبعثات أخرى علمية وعملية، وهى التى دخلت بمقتضاها أكاديمية الفنون المجرية التى تحولت حالياً إلى جامعة الفنون فى بودابست».

وعن طريقة اختيار المبتعثين، أوضح «عيد»: «ذهبنا بناءً على إعلان إدارة البعثات التابعة لوزارة التعليم العالى والتى كانت وزارة حديثة وقتها، ونشرت الإعلان فى الجرائد، وتقدم إليها كل من أراد، وتم تصفية المتقدمين، فى امتحانات عامة وسرية، وتم الاختيار بدون وساطة». وتابع «عندما عدنا تم تعييننا فى مؤسسات الدولة براتب 80 جنيهاً، فى 1963 بدرجة مخرج من الفئة الأولى بهيئة المسرح، وكان وقتها راتب المدرس بالجامعة 45 جنيهاً، بقرار من الدولة»، وأضاف أنه من أبلغ الأثر ما نسمعه حالياً عن ازدهار (مسرح الستينات)، وتقديمه لروائع الأدب العالمى، وإطلاع المثقفين بعين واعية على الأدب الروسى والإيطالى والرومانى واليونانى والمجرى والأمريكى، لهذا امتد أثر القاهرة للدول العربية بفضل المبعوثين، وحرص «عبدالناصر» على استقدام الخبراء الأجانب.

{long_qoute_2}

وأكد «عيد» أن فلسفة إنشاء أكاديمية الفنون أن يكون تأثيرها ليس قاصراً على مصر وحدها، بل فى كل العالم العربى، وتم إنشاء المعهد العالى للفنون المسرحية فى الكويت على أكتاف الأكاديمية فى مصر، كما تم بنفس الطريقة إنشاء قسم الفنون المسرحية بجامعة بابل بالعراق 1990، وتحدث «عيد» عن المزايا التى حصل عليها قائلاً: «نحن مدينون لعبدالناصر بالفضل، وحتى الشقة التى أقيم فيها حالياً حصلت عليها من عبدالناصر بثمن زهيد جداً، بعد حصولى على درجة الامتياز، تشجيعاً منه على التفوق فى 1963».

وحول مظاهر اهتمام عبدالناصر بالعلم والثقافة والفنون، أشار «عيد»: «قابلته فى الشارع فى الستينات أمام جامعة عين شمس، ووقف عبدالناصر أمام الطلبة الذين يذاكرون على ضوء الشارع وقرر صرف مكافأة 100 جنيه لكل طالب منهم، فى الستينات».

ويقول الدكتور سناء شافع، عن «عبدالناصر»: «كان زعيماً جاء كالشهب لمصر، كان محباً لهذا الوطن برومانسية شديدة، ومن أعظم رؤساء الجمهورية، وأنا لست ناصرياً، وكان وطنياً وهذا بشهادة التاريخ، ومن ضمن العلامات شديدة الجودة كانت موافقته على إنشاء الأكاديمية التى صارت بمثابة الهرم الرابع لمصر».

وتابع «شافع»: «أنا كنت أحد المبتعثين فى ألمانيا الشرقية، وكانت البعثة فى البداية إلى ألمانيا الغربية، فأصدر عبدالناصر قراراً جمهورياً، أن أى واحد فينا غير متوائم مع ظروف ألمانيا الغربية، يتجه إلى الكتلة الشرقية، وتقريباً كلنا ذهبنا إلى الكتلة الشرقية».

وأضاف «شافع» أن كل ما يقوم به الرئيس السيسى نحن معه ووراءه، فى البناء الاقتصادى، لأنه يعمل على نفس مستوى التنمية فى الصحة والتعليم والقوات المسلحة، ومحاربة الإرهاب، التى كان يعمل عليها عبدالناصر.

ووجه «شافع» نداء خاصاً إلى الرئيس السيسى للاهتمام بحال الثقافة فى مصر، لأنها فى حالة انهيار فى الوقت الحالى، وقال: «ونحن نستحضر روح الزعيم الراحل نناشد السيسى بالاهتمام بوضع استراتيجية خاصة بالثقافة، من خلال الاستعانة بمثقفى مصر، لأن القيادات فى وزارة الثقافة هذه الأيام ليست على نفس المستوى المفترض، وما بنى فى عصر (ناصر)، من إنجازات تنويرية بشكل جيد، معرض للانهيار إن لم يتم الاهتمام به».


مواضيع متعلقة