«عاليا» رحلة 30 سنة من البحث عن مأوى.. وحياة

كتب: أحمد الليثى:

«عاليا» رحلة 30 سنة من البحث عن مأوى.. وحياة

«عاليا» رحلة 30 سنة من البحث عن مأوى.. وحياة

30 سنة قضتها فى انتظار الحلم نفسه، تغيرت الحكومات، بل وانخلع رئيس بثورة شعبية، بينما مشكلتها ما زالت قيد البحث.. أمام الباب العالى جلست الحاجة «عاليا سيد إمام» مستندة على أسوار الباب رقم 3 لقصر القبة، ارتدت «خمارا» يقرب مظهرها وملامحها من زوجة الرئيس، رفعت رأسها للسماء ممسكة بيمينها مظلمتها عسى أن يكون «ديوان المظالم» الذى أخبروا عنه فى التليفزيون هو الحل. عام 82 كان بداية عهد مبارك إيذانا بانهيار العقار الذى تقطنه بحى العباسية، هرعت إلى المحافظة بحثا عن مسكن يؤويها وبالفعل حصلت على شقة «إخلاء إدارى» فى حى النهضة، بضعة شهور، وأصيب الزوج بمرض عضال «تضخم فى الطحال والبروستاتا وقصور فى الكلى والشريان التاجى» هكذا نزل عليها كلام الطبيب كالصاعقة، ظلت تبيع فى «عفش» المنزل قطعة وراء أختها، كى تنفق على مرض الزوج الذى خرج على المعاش من القوات المسلحة عام 1979، فلم يكف الأثاث؛ اضطرت لبيع الشقة ذاتها «بعنا كل اللى حيلتنا حتى الهدوم.. ما هو مين يقدر على كل الأمراض دى؟» سؤال طرحته السيدة الخمسينية قبل عشرين سنة ولم يزل صداه يطاردها. انتقلت إلى شقة والدتها فى مساكن المطرية، غرفتان فقط حملت 12 روحا «هى وزوجها المريض وأبناؤها الأربعة فى غرفة، وإلى جوارها شقيقها المعاق وزوجته وبناته الثلاث، بالإضافة إلى الأم العجوز».. حاولت يوميا إيجاد حل لأزمة السكن، يجرى معها الزوج العليل لعل حالته ترقق «قلب الروتين» والقائمين عليه، «عملوا بحث واتنين وعشرة عشان ناخد شقة حالات قاسية» بالفعل وافقت اللجنة على حصولهم على مسكن فى يناير 2011، جاءت الثورة لتقلب الحال رأسا على عقب، فقد تسببت فى وقف حل أزمتها، توفى الزوج فذهبت للحصول على ما وعدت به الدولة حتى فاجأتها المسئولة بوزارة الإسكان: «مفيش ليكى شقة يا ماما.. الكمبيوتر بيقول إنكوا استلمتوها سنة 82»، حاولت إقناعها بالعكس، لكن الموظفة كذبتها وصدقت الكمبيوتر، ارتضت بالحال إلا أن المأساة أبت ألا تكتمل، توفيت الأم فطالب الأخوة السبعة ببيع الشقة التى تؤويها مع شقيقها للحصول على الميراث. «ديوان المظالم ده المفروض يحل المشاكل فى يوم ولا اتنين» تشكو «عاليا» من رد الموظف الذى أخبرها بأن مشكلتها لا تزال تحت الدراسة «قدمت الورق وقالولى تعالى بعد أسبوع.. ودلوقتى بيقولولى لسة شوية»، أعطوها رقما لمتابعة حالتها عبر الهاتف لكن «محدش بيرد علينا والنهارده ادونى رقم جديد.. هنشوف». «الشقة» ليست مشكلتها وحدها؛ شقيقها المعاق أيضا فى انتظار استلام شقته منذ أكثر من خمس سنوات ولا أحد يجيب من الحكومة، غلاء المعيشة، ومعاش زوجها البسيط تسببا فى عدم حصولها على شقة إيجار، والمرض هو الآخر بدأ يدق بابها قبل سنوات فالغدة الدرقية وآلام الغضروف وقفا حائلا أمام عملها، فى أكثر المرات تؤثر طعام الأولاد على علاجها، آخر أبنائها يدرس الثانوية الصناعية، فقصر اليد جعلها تُخرجه من الثانوى العام بسبب المصاريف، وآخر فى كلية الآداب تتمنى حصوله على الليسانس، أما الابن البكرى فيعمل فى القطاع الخاص وراتبه يكفى بيته وأطفاله بالكاد، «ابنى فى الكويت بقاله 7 سنين ومش عارف ينزل عشان ممنوع من السفر» قالتها وهى تحاول أن تتمالك نفسها من كثرة الدموع وهى تتذكر مأساة فلذة كبدها المغترب. «أنا مش عايزة من الدنيا غير حتة شقة تلمنى أنا وعيالى» حلم السيدة العجوز التى أرهقها البحث عنه لم يزل يراودها، فكلام الرئيس عن مساعدة المحتاجين جعلها أكثر إلحاحا فى الركض وراءه، عسى أن ينسيها «ديوان مظالم مرسى» أيام المخلوع الذى تدعو عليه بين الحين والآخر «حسبى الله ونعم الوكيل فيك يا حسنى إنت واللى كانوا حواليك». أخبار متعلقة جوه ديوان المظالم بيحكى محكوم لحاكم.. عن الليالي الكحيلة موظفو «ديوان القبة»: من نعيم زكريا عزمى إلى مظالم «ديوان مرسى» ديوان قصر عابدين: فتحه المخلوع لتلقى الشكاوى.. لكنه لم يعمل إلا فى عهد مرسى من سوهاج والمنيا والبحيرة والإسكندرية إلى ديوان المظالم بحثا عن «العدل والحل» عسكرى الدورية أمام باب الديوان: «اللى يشوف بلاوى الناس تهون عليه بلوته» نائبون عن أبنائهم وأشقائهم جاءوا ليشكوا «الخط الساخن» لأنه أصبح «باردا» «هبة» أصغر بائعة لاستمارات التظلم أمام الديوان: «نفسى فى عروسة بتتكلم» «طريف» جاء ليزور أقاربه.. فأصبح «عرضحالجى ديوان المظالم» عبد العزيز وزوجته.. مطلب واحد وجهتان للشكوى يوم كامل قضته «الوطن» على رصيف «الشكوى لغير الله مذلة» «تهانى» رضيت أن يكون راتبها 40 جنيها.. فاستكثرت الحكومة الرقم وقررت إيقافه خالد حمل صورة ابنته ضحية الإهمال الطبى واشترط: محاكمة الأطباء وضم ابنتى للشهداء جاء يقدم شكواه وجلس ينتظر الرد.. وبالمرة يسترزق خاف على ابنيه من «البطالة» التى عانى منها 16 سنة.. فأخرجهما من المدارس وعلمهما صنعة