عائلة أبوالفتوح.. توفى رب الأسرة وترك 3 أطفال أحدهم عاجز والأم مصابة بالسرطان
فتحى أحمد أبوالفتوح
بجسد نحيل أرهقته كثرة جلسات العلاج الطبيعى وتعاطى الأدوية أملاً فى الشفاء، وبصوت متعب من ضيق ذات اليد التى جعلته لم يستكمل رحلة علاجه عقب إصابته بشلل نتيجة نقص الكالسيوم منذ كان طفلاً، يجلس فتحى أحمد أبوالفتوح، البالغ نحو 15 عاماً، على وسادة من القماش داخل صالة لا تتعدى مساحتها 3 أمتار، وبجانبه ريموت خاص بالتليفزيون يقلب فى المحطات الفضائية يميناً ويساراً، ليمر به الوقت الذى أصبح دون فائدة، على حد تعبيره، حيث يجلس غير قادر على القيام بأى عمل داخل المنزل أو خارجه لإصابته بشلل فى ساقه ويده، جعله غير قادر على الحركة.
«اتولدت بنقص كالسيوم وأُصبت بما يُسمى (ملخ الولادة)، دراعى ورجلى اتملخت واتنزعت من مكانها، فأهلى عالجونى وأنا صغير لكن دون جدوى، وترتب على العلاج إصابتى بشلل، وأصبحت قعيداً دون حركة، فلجأ أهلى لعلاجى لسنوات طويلة، لكن ظروفنا المادية ساءت وتعثرت معها رحلة علاجى، وتلاشى أملى فى الشفاء»، بهذه الكلمات بدأ «فتحى» حديثه لـ«الوطن»، مضيفاً أنه أخذ مستشفيات مصر «كعب داير» لكن لم تستطع تخفيف آلامه.
بدموع تتساقط من عينيها، تتذكر سلوى عبدالقادر، والدة الشاب العاجز، تلك اللحظات الأليمة التى مرت بها، ورحلة العلاج التى استغرقت أعواماً لكنها لم تؤتِ ثمارها، قائلة: «عندما كنت حاملاً فى نجلى لم أكن أتناول أكلاً جيداً، ما سبّب له نقصاً فى الكالسيوم والفيتامينات، وفى سن 9 أشهر اكتشفت مرضه، وأجريت له عملية جراحية كى يستطيع تحريك يده، وأنفقنا كل ما لدينا فى مستشفى أبوالريش، وأكد الأطباء احتياجه لعملية جراحية أخرى عند وصوله سن الـ18، لكن والده توفى، وكنا نقيم فى القاهرة، وعندما ساءت ظروفنا المادية لم أستطع تدبير ثمن الجراحة».
تصمت الأم محاولة تجفيف دموعها: «والده مات وسابهولى وهو طفل واخواته الاتنين صغيرين، وماكنتش بشتغل ولا لينا أى دخل، كنت بستلف الـ50 والـ100جنيه من الجيران علشان أروح بيه المستشفيات فى القاهرة، ولما مالقتش فيه أمل قعدت وبدأت رحلة جلسات العلاج الطبيعى فى محاولة منى لتخفيف ألمه، لكنى لم أستطع فعدت إلى قريتى مُحمّلة بهموم كبيرة، وسؤال أكبر: من أين سأنفق على أطفالى؟».
تلتقط أنفاسها ثم تعود للحديث قائلة: «عملت له قبض 300 جنيه لأستطيع الإنفاق عليه وعلى علاجه بعدما عجزت عن إجراء عملية كان من الممكن أن تُشفى يده ويحركها من جديد، وبقالى 12سنة مادتلوش علاج بسبب الظروف الصعبة، لما حسيت إنى قصّرت معاه، وطول الوقت شايله ذنبه، وخايفة أموت، وهو مالوش غير شقيقين يعملان باليومية لتوفير نفقات الأسرة».
لم تنته معاناة تلك الأسرة عند هذا الحد، فبعد وفاة عائلها أصيبت الأم بالقلب وسرطان الثدى اللذين أنهكا جسدها النحيف، وبدأت هى الأخرى رحلات علاج مؤلمة بدأت بأدوية القلب المكلفة، انتهاء بجلسات العلاج الكيماوى، قبل وبعد استئصال أحد «ثدييها»: «مابقتش قادرة أقاوم، وحاسة إنى هموت ومش هطوّل وهسيبه فى الدنيا بدون سند، وقلقانة على مستقبله ونفسى أعالجه ليستطيع الحركة مرة أخرى، ويبدأ حياة جديدة، وأن توفر الدولة له فرصة عمل، ويقدر يتحمل مسئولية نفسه». وبوجه يرضى بما قسمه الله له تقول الأم المكلومة إنها عانت من الحياة وعانت فى تربية أبنائها حتى إنها لم تستطع توفير نفقات استكمال تعليمهم، وأخرجتهم من مدارسهم لكى يساعدوها، لكنها لم تستطع أن تُكمل رسالتها معهم: «حاسة إنى ماعملتش حاجة ليهم، وهسيبهم فى الدنيا تلطش فيهم، لا مال ولا وظيفة ولا شىء، مفيش غير الستر من ربنا، وبنحمد ربنا على البلاء، لكنى بتمنى فقط أن يمُن الله على فتحى بالشفاء»، مطالبة الرئيس السيسى بالنظر إلى عائلتها وتوفير فرصة عمل لأحد أبنائها ليستطيع استكمال رسالتها بعدها ويرعى شقيقيه.